إنه صب الزيت على النار
إذا رجعنا للحرب الأهلية بين الخرطوم وتمرد الجنوب سابقا نجد أن الدولة السودانية بقوتها الذاتية استطاعت حصر التمرد في جيب ضيق في متحركات صيف العبور وكان يمكن إكمال الحرب بالسلام وكتابة نهاية للحرب الأهلية ولكن دعاة الحرب تغلبوا وقرروا إحضار جون مصفدا أو جثة للخرطوم ثم حدثت محاولة اغتيال مبارك فانقلبت الموازين السياسية وتبعتها الموازين العسكرية وعاد التمرد للتمدد فكان اكتشاف النفط وتصديره فقويت شوكة الدولة وزاد استعار الحرب فقرر جون قرنق حرق آبار البترول لكن الأمريكان أقنعوه بأخذ نصيبه منها أولا ثم الاستيلاء عليها سلما فيما بعد فكانت نيفاشا وتداعيات نيفاشا.
إذن ياجماعة الخير النفط كان سببا في استعار الحرب الأهلية (القديمة) وكان سببا في نيفاشا القائمة على قسمة الثروة التي قامت عليها قسمة السلطة فلم يكن في الثروة غير النفط ثم كان ذات النفط سببا في الانفصال لأن الجنوبي العادي قيل له إن كل البترول سيعود له في حالة الانفصال فلو كان هناك نص في اتفاقية نيفاشا يقول إن كل نفط الجنوب سيكون له في حالة اختياره للوحدة لما كان الانفصال.
بعد الانفصال وبسبب القضايا العالقة استمر التوتر بين البلدين الجديد والقديم فأغلقت دولة الجنوب آبار النفط فيها وحاولت إحراق نفط هجليج في جارتها فحدثت الأزمة الاقتصادية الطاحنة في البلدين فكان اتفاق التعاون الذي وقعه الرئيسان في أديس أببا في سبتمبر 2012 والذي بموجبه سوف يعود النفط لميزانية البلدين طبعا بنسبة متفاوتة مع الترتيبات الأمنية التي تمنع عودة الحرب بين البلدين ولكن الشاهد في الأمر أن هناك استعجالا في البلدين لعودة النفط الذي سوف يمنح الجنوب حوالى خمسة مليارات سنويا والسودان حوالي مليارين فقد أصبحنا كل صباح نسمع الأخبار التي تقول إنه وفي خلال الأسابيع القادمة سوف يسري النفط في الأنبوب صوب بورتسودان بالواضح كدا هناك استعجال لعودة النفط.
يحدث هذا للنفط بينما القضايا الأمنية لم يتم حلها فقضية الحدود مازالت ترواح مكانها وهذه تستحمل البطء في حلها ولكن قضية أبيي تزداد تفاقما لأن الحل الدولي يسير في اتجاه مقترح أمبيكي الذي يرفضه المسيرية وبالتالي حكومة السودان. قضية قطاع الشمال مازالت ترواح مكانها لأن دولة الجنوب اكتفى بالقول إنه قطع صلته به فهذا يعني أن الحرب أو على الأقل حرب الوكالة بين البلدين سوف تستمر فإذا ماجاءت أموال النفط سوف تزيدها استعارا سوف ينفق البلدان عائدات على الحرب.
قد تكون الحرب او الحروبات الصغيرة مندلعة -لاسمح الله- بينما السفن التي تنقل النفط تزدحم في ميناء بورتسودان لأن هناك قوى دولية تريد هذا النفط على قلته فالصين يشكل نفط السودان 6 % من حاجتها وأمريكا تريد استقرار سوق النفط العالمي. الحكومتان تريدان عائد هذا النفط. تجار حرب يريدون أموال النفط بينما يدفع الشعبان الثمن حياة وصحة وتعليما. إن النفط بهذا الوضع سيكون نقمة واضحة على الشعبين فالوضع الطبيعي هو أن يسود السلام بين البلدين وبأي كيفية ثم يأتي النفط للخدمات والتنمية. النفط يجب أن يكون عامل ضغط على القوى الدولية والقوى الحاكمة لدفع عجلة السلام بدلا من أن يكون عامل إشعال للحرب بين البلدين فمن فضلكم أرخوا حكاية النفط شوية الى أن تضمنوا أنه لن يزيد الحرب ضراوة.
حاطب ليل- السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]