جعفر عباس

تجربة مهداة للشباب

[JUSTIFY]
تجربة مهداة للشباب

عندما أعلنت نتائج امتحانات الشهادة الثانوية البريطانية، وأحرز ولدي نتائج – في كل المواد – تتراوح بين جيد وممتاز.. دمعت عيناي من الفرحة.. نِعمُ الإله على العباد كثيرة وأجللاهن نجابة الأولاد.. أعيش خارج وطني منذ ما يناهز الثلاثين سنة (وبارك الله في أهل الخليج الذين صبروا عليّ كل هذه المدة، والحمد لله الذي وقاني ونجاني من ويلات توطين الوظائف حتى الآن).. ليس عندي معاش تقاعد ولا ضمان اجتماعي، ولا توجد هناك وظيفة تنتظرني في وطني، وبما أن الله أكرمني براتب أكثر من طيب، لم أكن أحلم به قبل أن آتي الى منطقة الخليج، فقد كان لزاما علي ان احتاط للبطالة والشيخوخة.. كان السبيل الوحيد لذلك هو ادخار مبلغ مالي في سنام حسابي المصرفي، ولكن، ومثل كل موظف أجير، فإنني ظلت أعاني من وجود ثقوب في جيبي يتسرب منها الراتب الشهري أولا بأول.. وحتى المدخرات البسيطة التي لم تتسرب عبر تلك الثقوب، لم أفكر قط في استثمارها بأي شكل من الأشكال، لأنني فاشل كمشتر، فكيف يكون حالي كـ«بائع» أو تاجر؟ ويا ما تعرضت للاستعباط عشرات المرات في المتاجر والبقالات، لأنني فاشل حتى في أبجديات علم الحساب.. يعني خائب في التجارة بجدارة بالوراثة والميلاد.. وكبرت فقاعة أسواق الأسهم الخليجية، وسمعت من أصدقاء كيف أنهم ربحوا عشرات وأحيانا مئات الآلاف في البورصات برأسمال متواضع، ولكنني – وبفضل الله – محصن ضد غواية الثراء السريع والمفاجئ بل والثراء من حيث هو.. ولا أعرف هل أنا نحس و«مش وش نعمة»!! فجميع أصدقائي الخليجيين – والناس خارج الخليج يحسبون ان كل خليجي ينقط «نفط» ويعطس سنتات ودولارات- المهم أنهم جميعا غارقون في الديون، ولكن يكفيني راحة بال أنني لم اضطر الى الاستدانة من أي جهة او شخص طوال عشرين سنة، وأحس بالتالي أنني في وضع مالي متميز.. «خالي من الدين غني»، هذا ما كنت اسمعه من أمي دائما.. وتعلمت ان أمد رجلي في حدود لحافي، واجتهدت في نفس الوقت لجعل اللحاف أطول وأوسع.. وما بين عامي 1984 و2002 أي على مدى 18 سنة متصلة، لم يمر علي يوم لم أكن أؤدي فيه عملا إضافيا الى جانب عملي الرسمي لرفد مواردي المالية، وكنت محظوظا لأنني كنت أقوم بالعمل الإضافي (الترجمة)، في غالب الأحوال من البيت.. تكتب شوية وتلاعب العيال شوية.. ويأتي الضيوف وأهش في وجوههم، وأنا أدعو الله ان يجعلهم «خفافا» وليس من النوع «الفايق والرايق» الذي يقضي عند كل من يزورهم الساعات الطوال و«رب من يلقاك رحبا/ كسر الزير وراءك».. أكبر زنقة أواجهها في حياتي كانت ولا تزال هي الوقت.. وأنا ضنين بوقتي، والشيء الوحيد الذي أتقنه في حياتي هو إدارة الوقت واستثمار ساعات اليقظة في ما هو مفيد،.. ولا يعني ذلك أنني أحرم نفسي من «الونسة»، فالونسة ضرب من الترفيه الضروري، ومثل غيري فأنا بحاجة الى التواصل مع الناس.. ولكن تجربة الحياة علمتني صدق مقولة «أمس لا يُرَد وغدا ليس في اليد»، وبالتالي فإنني لا أمارس «الاجتماعيات» العشوائية بانتظام.
والأهم من كل ذلك هو أنني أحمل بكالوريوس «آداب»، وبالتالي لست مؤهلا للوظائف ذات المسميات الطنانة والرنانة، ولأنني أعرف أن نحو 70% من الجامعيين تخرجوا في كليات الآداب والعلوم الإنسانية، فإنني أهدي إليهم تجربتي هذه.. أي كافحوا وتسلحوا بأي خبرة تصادفكم وتزودوا بشتى صنوف المعارف وتذكروا ان العالم يقوده ويحكمه حملة بكالرويوسات كتلك التي تحملونها

[/JUSTIFY]

جعفر عباس
[email]jafabbas19@gmail.com[/email]

تعليق واحد

  1. تعرف يا ودأباس التجربه حقتك كويسه ولكن اين الفرصه وهل يجد الشباب اليوم ما وجدته انت في الماضي حلم الجعان عيش؟ والديون كلمه لايطق اي شخص ان يسمعها مربوطه بلاحزان ومهم تمد رجلك قدر لحافك تفشل وتتسد الابواب في وجهك لان الديون قدر ومصير مكتوب وتصبح الديون اطول من اللحاف وتصبح كابوس؟اين الحلول يارجل ويمكن بكرة يحلها الحل بله مين عارف؟والضيوف نعمه وتدل علي انك انسان حميم ويمكن اهبل في بعض الاحيان وغير معزول ولكن في بعض الاحيان الاخري نضطر الي محاربه الضيوف والتضحيه بيهم والاكتفاء بي الاسرة الصغيرة ودا كويس لكي يعيش الانسان سعيد فهل يقبل الاهبل ذلك:confused: 🙁