الطاهر ساتي

(قضية التقاوي) .. تراجيكوميديا..!!

(قضية التقاوي) .. تراجيكوميديا..!!
** بتاريخ (6 يناير 2008)، وكان الدكتور عبد الحليم المتعافي والياً بالخرطوم والبروف الزبير بشير وزيراً بالزراعة، استجلبت وزارة الزراعة – بواسطة البنك الزراعي – تقاوي زهرة الشمس .. ثم وزعتها على المزارعين، فزرعوها ولم يحصدوا من ثمارها غير (الفراغ)..اتهمت وزارة الزراعة – على لسان وزير الدولة – أمطار خريف ذاك الموسم، وحملتها مسؤولية الخسائر التي تكبدها الزراع والناس والبلد، وهي الخسائر المقدرة بـ(40 مليار جنيه)..ولكن شاء القدر بأن تتسرب الحقيقة إلى الصحف، (فالتقاوي لم تكن مطابقة للمواصفة، ولاعلاقة للأمطار بما حدث)، أوهكذا قالت الصحف على لسان الوثائق والمصادر الموثوقة.. هذا ما حدث في ذاك التاريخ (6 يناير 2008)..!!
** فبدأ السجال بين الوزارة والصحف واتحادات المزارعين، (التقاوي فاسدة، لا ما فاسدة)، عاماً تلو الآخر تلو الثالث وحتى بلغ عمر السجال (أربع سنوات)..بعد سنوات السجال تلك، وبعد تدخل البرلمان ووزارة العدل، أي (بعد قومة نفس)، أحيلت أوراق القضية إلى المحكمة..فاستلمت المحكمة أوراقها، ثم شرعت تعقد جلساتها، جلسة تلو جلسة طوال فترة تنقص عن العام قليلاً.. ولحكمة تعرفها العدالة، كانت المحكمة تعقد جلساتها تلك بعد الثالثة عصراً، أي بعد انتهاء ساعات العمل الرسمية..وكذلك لحكمة تعرفها عدالة الخدمة المدنية، لم يتم إيقاف بعض النافذين العاملين بالمرافق العامة – مصرفاً كان أو وزارة – عن العمل لحين (حكم المحكمة)، أو هكذا ينص قانون الخدمة العامة في حال أن يكون العامل (ضعيفاً وغير نافذ) ..!!
** المهم، أخيراً، أي بعد خمس سنوات من الاستجلاب، وبعد عام إلا نيف من المرافعات، حكمت المحكمة بالآتي : التقاوي غير مطابقة للمواصفة، أي الصحف لم تكذب..ثم ماذا بشأن المتهمين الذين استجلبوا تلك التقاوي غير المطابقة للمواصفة؟..وهم نافذون بوزارة الزراعة، ومدير البنك الزراعي وبعض موظفيه، ثم الشركة المستوردة.. وكل المتهمين – وزارة على بنك على شركات – (9)، فماذا عنهم ؟..حكمت على أحدهم، وهو موظف بالبنك الزراعي، وهو في ترتيب قائمة الاتهام المتهم يحمل الرقم (3)، بـ (50 ألف جنيه غرامة )، وفي حالة عدم الدفع (سنة سجن)..ثم حكمت على متهم آخر، وهو الشركة المستوردة، وهو المتهم رقم (8) في قائمة الاتهام، بـ (5 ملايين جنيه غرامة)، وفي حالة عدم السداد ( الحجز على أصولها وأرصدتها)..هكذا الحكم، و..لاتعليق ..!!
** ومع ذلك، وزارة الزراعة – على لسان وزيرها الدكتور المتعافي بصحف البارحة – تستنكر قرار المحكمة، وتصف القضية – كلها وعلى بعضها – بأنها (سياسية)..ولم يكتف الوزير بالوصف والاستنكار فقط، بل – يعني كمان – يهدد بالاستقالة في حالة إدانة المحكمة لأي منسوب من منسوبي وزارة الزراعة..هكذا رد الفعل الوزاري، وهذا ما لا – ولم – يستطع أحد أن يأتي به في وجه القضاء وأحكام القضاة إلا (وزير الزراعة)..فالذي نعرفه – بالفطرة – هو أن أحكام المحاكم غير قابلة (للرفض والتشكيك والاستنكار)..وإن كانت هناك ثمة ملاحظات في أي حكم قضائي، فإن هناك مرحلة اسمها الاستئناف هي التعبير المناسب أوالمكان المناسب لإبداء تلك الملاحظات بلا تحفظ.. وكذلك بعد مرحلة الاستئناف مراحل آخرى، ليس من بينها (الاستنكار في الصحف)، و(لا التشكيك في نوايا المحكمة والقاضي)..!!

إليكم – السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]