تحقيقات وتقارير

المهدي ومبارك الفاضل.. صراع على حلبة الإنقاذ

[JUSTIFY]زول سوبا).. الزول دا.. (هكذا كان يتحدث رئيس حزب الأمة القومي الصادق المهدي عن ابن عمه مبارك الفاضل المهدي عقب خروج الأخير من الحزب قبل نحو عشرة أعوام ومعه قيادات بارزة شل حركة الأمة القومي وأضعفه الى حد كبير وقتذاك بتأسيس مبارك لحزب الأمة الإصلاح والتجديد، عقب مؤتمر شهير عرف بـ (مؤتمر سوبا) ومن وقتها بدأ الصراع بين الرجلين (المهدي والفاضل) يخرج على السطح وبشكل علني وصل مرحلة الخصومة بل إرتقى الى مرتبة الضرب تحت الحزام، وكل بدا في كشف المستور عن الآخر إن لم تكن (فضائح)، والتي تردد مجالس (الأحباب) ومدينة أم درمان العريقة أن ما يلي الصادق تم إخراجها في كتاب بائس الشكل تم تداوله على نطاق ضيق اختفى بعدها الكتاب عن الوجود حتى الآن.

مسيرة سياسية طويلة جمعت الرجلين اللذين تربطهما وشائج القربي، كان سوحها رحاب حزب الأمة القومي والعمل المعارض، وعرف القاصي والداني ما بينهما الذي ينحصر الى حد كبير حول زعامة حزب الأمة القومي وماعاد الى الأذهان قصة (المناقرة) وتبادل الإتهامات بين الصادق ومبارك هو خروج مبارك الى العلن هذه المرة للدفاع عن نفسه، ومحاولة تفنيد ما ساقه المهدي في حقه، والأخير قد ساق حديثاً في شريط فيديو نشرته الزميلة الغراء (الخرطوم) قال فيه المهدي أن الرئيس الجنوبي سلفاكير ميارديت اشتكى من أن مبارك يرشي وزراءه ليسمحوا له بتوريد سلع دون سداد الجمارك ويقاسمهم الأرباح، وعقَّب مبارك على تلك الاتهامات بمقالة مطولة نشرتها المصدر السابق أمس.. اعتبر مبارك الإتهامات محاولة لاغتيال شخصيته من جانب المهدي تدعيماً لموقف الإنقاذ، وقال إن المهدي يستعمل وسيلة غير شريفة لإقصائه من منافسته على زعامة الحزب.. ولم يفوت مبارك فرصة النيل من المهدي بتوجيه اتهامات مبطنة له بأن الإنقاذ روضته وتمنحه العطايا.

وبعيداً من تبادل الإتهامات بين الأحباب أبناء العمومة، فإن مبارك هو أبرز المنافسين للمهدي على زعامة الحزب العتيق وقد مضى الأول جاهداً في النيل من الثاني بشق صف الحزب، بل والتحالف مع الحكومة وهو ما مكن مبارك من الدخول في الحكومة ليس ذلك فحسب، بل دخول القصر الرئاسي مساعداً للرئيس، والذي خرج منه بسيناريو لم تتضح معالمه بشكل صريح للرأي العام، حيث أقيل بقرار رئاسي قبل زيارة كان يزمع القيام بها لأمريكا، وكان ذلك في مصلحة المهدي، حيث قوي حزبه بعد خروج مبارك من الحكومة بصورة فيها كثير من الاحتقار، خاصة بعض أن تنصلت عنه قيادات بارزة إستوزرت (الزهاوي إبراهيم مالك، وأحمد نهار) وأخرى تولت منصب الوالي (عبد الله مسار)، مما أضعف موقف مبارك السياسي بشكل كبير وغاب عن الساحة، مما أضطره بعد فترة للعودة لحزب الأمة ولكنها عودة كانت بهدف الاقتراب شيئاً فشيئاً من كرسي الزعامة، خاصة وأن مبارك شخصية غير عادية في خلق العلاقات داخلياً وخارجياً، فضلاً عن أنه ميسور الحال، وكان حزب الأمة في أمس الحاجة إلى رجل مثله يمكن أن يدخل يده في جيبه لتيسير أمور الحزب، علاوة على أن أهم ميزة يتميز بها مبارك هي أنه مستودع للمعلومات بشكل غير عادي، وسبق أن روى لي مدير مكتبه السابق صديق مساعد أن مبارك يوثق صلاته بأي شخص لاعتقاده الجازم أنه يمكن أن يستفيد منه يوماً ما، ويتطابق ذلك مع حالة الفاضل عندما كان مقيماً بالقاهرة حيث كان يغدق المال على كثير من السودانيين وقيادات المعارضة وكوادرها (بعضهم الآن انحاز للإنقاذ وعمل في مؤسساتها الإعلامية).. حيث كان يستفيد من بعضهم ويوظفه كيفما يشاء.

وبالمقابل شخصية بكل هذا الدهاء السياسي بالقطع يقلق مضاجع الصادق المهدي، خاصة إذا مانظرنا الى الواقع الآن والمهدي يتقارب بشكل كبير مع الحكومة، وما من شخص يمكن أن يقف في طريقه أو يعرقل خططه سوى مبارك.. لكن بالمقابل فإن للمهدي كروته في صراعه مع مبارك، إذ لا يزال يتمتع بالإمامة والقيادة وهو الأمر العسير أن يحظى به مبارك، فالإمامة إلى حد كبير ترتبط بالتدين والتبحر في علوم الدين، وهو الذي لا يبدو على الأقل ظاهرياً في شخصية مبارك فضلاً عن أن المهدي يحظى بقاعدة عريضة واحترام لدى قيادات الأنصار والحزب بعكس مبارك الذي له خصوم كُثر داخل الحزب من واقع شخصيته القلقة والحادة بعض الشيء، فضلاً عن فجوره في الخصومة.

خروج مبارك هذه المرة للعلن وهو الذي ظل مختفياً على الأقل عن المسرح السياسي- لفترة طويلة متنقلاً بين عواصم ومدن عربية وأفريقية (جوبا، القاهرة، جدة، كمبالا) للرد كتابة على المهدي رغم أنه كان يرد عليه في السابق بالوكالة مثل كتابات مدير مكتبه السابق صديق مساعد في صحيفة الوفاق، التي كان صاحبها الراحل محمد طه محمد أحمد يحتفي بتلك الكتابات بشكل لافت.. دفاع مبارك محاولة لإيقاف تمدد المهدي الذي قد يكون مبارك يخشى ما يخشاه أن (يورث) نجله عبد الرحمن الصادق الذي يعمل في صمت ويملك أدوات مواجهة مبارك في المستقبل.

صحيفة آخر لحظة
تقرير : أسامة عبد الماجد
ت.إ[/JUSTIFY]