الطاهر ساتي

غرفة، ولكن… (في السهلة)!

غرفة، ولكن… (في السهلة)!
** حماية ما تبقى من البلد بالسياسة الراشدة التي توفر السلام والرخاء لما تبقى من الشعب، خير من ترميم المسماة بالحركة الإسلامية بتظاهرة آثارها لا تتجاوز (عتبة قاعة الصداقة).. وحالنا أمام نقد التظاهرات غير المجدية للناس والبلد لا يختلف كثيراً عن حال ذاك الذي جلس على شاطئ النيل متكئاً على سيجارته، فتراءت له أشياء غير مألوفة، ومنها أن النيل يجري جنوباً، فتوجس ثم تحسر: (لو إتكلمنا ح يطلعونا مجانين ولو سكتنا مدني ح تغرق).. ومشاهدات كذاك نراها – ولا تتراءى – بكامل الوعي، ولو صرخنا بها قد ندخل في زمرة المجانين والمغضوب عليهم، ولو صمتنا عنها (باقي البلد ح تغرق).. المهم، ليس من العقل – ولا العدل – أن تغلق على نفسك باب غرفتك حين يتعرض منزلك لحريق أو لغرق..!!
** ولو احترق أو غرق ما تبقى من السودان – لا قدر الله – فإن غرفة الحركة الإسلامية لن تكون ملاذاً آمنا لمن يختبئ فيها، بدرياً أصيلاً كان أو مستجلباً بالمال والسلطة، بل ستحترق وتغرق تلك الغرفة أيضاً، وبكل من فيها.. ولذلك، أي إن لم يكن من أجل الناس والبلد – بل من باب سلطة الدنيا خير وأنفع – كان على الشيوخ تقديم قضايا السودان على أجندة حركتهم في قائمة (أولويات المرحلة).. وعندما تقول سناء حمد بأن القوم جمعوا أكثر من مليار – من حر مالهم – لهذا المؤتمر، فإن عقول الملايين من غير المؤتمرين تشير إلى آبار معطلة في طول البلاد وعرضها، وأن إحداها بحاجة إلى تلك المليار ونيف بحيث تسقي الناس والأنعام.. تأجيل المؤتمر لحين ارتواء تلك الأفئدة وكذلك تسخير تلك المليار ونيف في الارتواء المرتجى هو المعني بتأمين البيت – وليس الغرفة – ضد الغرق والحريق..!!
** ثم المهم – أي تلك المليارات محض قطرة في بحر مالح – صار حال الناس بجنوب كردفان ما بين نازح ومترقب للنزوح، ومدافع الحركة الشعبية هناك لم تعد تهدد فقط طائرات الجيش حين تقصف معسكراتهم وصناديق قتالهم، بل تجاوز مداها صد الهجوم عن مواقعها إلى حيث (الهجوم خير وسيلة للدفاع)، ولم يعد مدهشاً إعتذار الأندية الخرطوم – وغيرها – عن اللعب مع أندية كادوقلي في ملاعبها هناك، لماذا؟.. رداءة ملاعب كادوقلي ليست هي السبب، ولكن الإحساس بأن تلك الملاعب صارت من أهداف صواريخ قوات الحركة هي السبب، ولكن أكثرهم (لا يبالي).. إذ تأكيد سلامة الحركة الإسلامية في ردهات قاعة الصداقة يشغل أذهان الشيوخ عن التفكير في البحث عن سلام يخرج الناس هناك من سفوح الجبال إلى رحاب الحياة، وهذا ما نعنيه بعدم جدوى حماية الغرفة – وليس البيت – من الغرق والحريق..!!
** وكذلك الأهل بالنيل الأزرق، ثم بدارفور، ما كان الهم يوما في أذهانهم (سلامة الحركة الإسلامية)، بل سلامهم واستقرار زرعهم وضرعهم هو (الهم والمهم)، ولكن من يسمع آهات همومهم؟.. فالشيوخ تشغلهم (هتافات خالد مشعل).. ثم اتفاقية أديس الموقعة مع دولة الجنوب والتي كانوا هم بها فرحين لحد حشد الحشد في صالة الوصول، تمخضت تلك الاتفاقية عند التنفيذ ثم ولدت – منذ مطلع الأسبوع الفائت – رفضاً هنا ورفضاً هناك، وبالتأكيد الناس في بلدي هم الذين يدفعون (أثمان الرفض)، وليس الذين يتبرعون أكثر من مليار – من حر مالهم – لمؤتمر حركتهم، وكان الأجدى للناس والبلد شغل أذهان الناس والإعلام نحو تأمين الاتفاق بحيث يكون (سلاماً ودولارا)، قبل شغلهم بما (يحدث حالياً).. وما يحدث حالياً هو محاولة لبناء (غرفة في السهلة)، بمظان تأمين الذات وحمايتها من المخاطر..!!

إليكم – السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]