الكابتن محمد وداعة: ما في دولة بتقوم بدون طيران ومافي طيران بيقوم بالجودية
** صناعة في مهبّ الريح
* الطيران صناعة في مهب الريح.. كيف تشرّح الحال؟
– الطيران بقى ماشي بدون استراتيجيّة.. صناعة الطيران في السودان مضت على ذات النهج الإنجليزي مع غياب المؤسسية.. الحكومة حولتها لهيئة، ومن ثم مؤسسة، ثم العودة مرة أخرى للخصخصة.. ما في زول جلس على الأرض من أجل وضع استراتيجيّة.
* وما هي مآخذك على الصناعة بالضبط؟
– الشركات هي التي خذلت الصناعة.. أي زول قال عاوز رخصة أدّوها ليها. من الأول تغاضوا عن متطلبات القدرة الماليّة والإدارة، ومتطلبات الصناعة في الدول المتقدمة هناك قانون يحكمها.. المعيار الرئيسي للطيران هو السلامة. الشركات كانت بتقوم ساكت؛ أي زول قال عاوز رخصة لممارسة الطيران أدّوها ليهو. أنا بقول إنّه الأمر قام على حسن النية، والحكومة طبقت فيها كل النظريات.. من هنا ظهرت عيوب الصناعة.
******
* شركات بلا مقومات للنجاح
* حدّثنا عن المدخل الذي نفذت عبره هذه العيوب؟
– التغاضي عن متطلبات الصناعة؛ القدرة المالية والقدرة الإدارية وتوفر التخصص. هناك في العالم المتطور ثمّة قانون بيحكم العملية المتعلقة بصناعة الطيران. هنا القوانين دي انجدعت دون أن يكون هناك سوء نيّة. في الفترة الأولى تم إعطاء الترخيص لأربعين شركة.. المستمر الآن فقط خمسة، ومهددة بالتوقف.
* إلى ماذا تعزو خروج الشركات الكبرى؟
– تأثرت هذه الشركات بالظروف الاقتصادية العامة وبالشرائح التي كانت تحرك نشاط الطيران (طلاباً ومهاجرين ومغتربين ومستثمرين).. هذه الشرائح قلت في الوقت الحالي. ثمّة عامل آخر؛ فالسودان لم يعد معبراً كما كان في السابق. هناك حالة انكماش عامة، يضاف لذلك ارتفاع سعر بنزين الطائرات، ورسوم العبور في مطار الخرطوم؛ سعر جالون البنزين خمسة دولارات، وفي السعودية بثلاثة دولارات وعشر سنتات، وفي مصر بثلاث دولارات وعشرين سنتاً، أما كينيا بثلاث دولارات وخمسين سنتاً.. زمان الوقود كان أقل سعراً.. الاستراتيجية التي وضعتها الحكومة هزمتها هي بنفسها، مع تغيير معدل الصرف يمكننا أن نقول: السياسة في التعامل مع هذا الملف عرجاء.
****
* الحكومة بتأخذ تكلفة “7” ركاب في الرحلة.. أنا حأربح شنو؟
* البعض يتحدث عن فشل سودانير في وقت تنجح خلاله شركات الجوار نجاحاً مضطرداً، من شاكلة الأثيوبية.
– الأثيوبية تنعم باستقرار، ولم تتغير منذ عهود، وسودانير تعاقب عليها أكثر من خمسة وعشرين مديراً! الانطلاق يتطلب منحها حرية القرار، رفع عنها الدعم.. تأثرت بشكل كبير بالتغيرات السياسية والحظر، ومن ثم الخصخصة عبر مجموعة عارف واستعادتها الحكومة بسعر أكبر من الذي باعتها به، وفشل الخصخصة هو أخطر أنواع الفشل، وهو ما حدث لسودانير، وقد تزامن الفشل في إدارتها بالخصخصة مع غياب الاستراتيجية. هسه لو سألت ناس سودانير عن الاستراتيجية الشغالين بيها، ونوع البيزنس، لن تجد إجابة! سودانير الآن شغالة بطائرة واحدة، الأثيوبية عندها حوالي مائة طائرة!!، وعندها أحدث طائرات.. الأثيوبية تجيد الإحلال، وسودانير الطائرات بتموت عندها، يضاف لذلك تسليم المؤسسة لمن لا يعرفون شيئاً عن الطيران.
* تلخيص المشاكل من وجهة نظرك شنو؟
– أبرز مشكلة هي غياب الرؤية من الدولة نحو الصناعة، والاستنزاف عبر الضرائب والجمارك.. دي مشكلة الجلابة؛ لما تكتر عليهم الضرائب بقطعوا من حق الصيانة.
* الجلابة ديل منو؟
– الجلابة ديل الناس الجو عشان يستثمروا في المهنة، ما بيعملوا صيانة دورية؛ بيختموا الورق. السلطات لها بالورق المختوم، يضاف لذلك عدم الصرف على التدريب. التدريب دا مكلف جداً وكثير من حوادث الطيران سببها غياب التدريب. كما حدث في العديد من الحوادث، هذا الأمر حدث مع نائب الرئيس السابق علي عثمان، مع طيار روسي.. الروس بيجوا في البلد دي بفكّوهم ساكت، ما في زول بدرّبهم، ولا بورّيهم؛ يركب طيارة ويهبط في مكان لا يكون هو المكان المقصود.
كذلك من المشاكل الخدمات؛ مطار الخرطوم من أعلى الخدمات في العالم بالنسبة لينا نحنا. البص بأربعمائة دولار، أنا بدفع ألف دولار في البص، هو سعره كم؟ دا مطار ما موقف بصات! طيب نحنا نبيع الطيارات دي ونجي نستثمر في البصات؟ البص ده مفروض يكون جزء من القيمة التي يدفعها الراكب للمطار الذي يغيب عنه التكييف.. هي التذكرة بكم؟ دي كلها أمور بتزيد التكلفة. بالحسابات دي الحكومة بتأخذ تكلفة سبعة ركاب من أي رحلة أنا حاربح شنو؟
***
* ما يحدث في التحويلات
* حسناً ننتقل إلى ملفات قريبة؛ ما هي الحلول التي تقترحها في أزمة التحويلات؟
– 2011 كانت آخر تحويلات، وأكبر تحويلات في 2009. كانت أكبر تحويلات. الحل في سياسة تدفع البنوك لتمويل الشركات الجادة. الحلّ في الاعتماد على الشركات السودانية ودعمها.
* وماذا عن الجمارك؟
– أنا ما عارف هو ليه بدفعونا جمارك في حظيرة جمركية من داخل المطار؟ أنت مطالب بدفع جمارك على قطع الغيار، ويمكن أن تدفع فواتير من مصداقيتك واستمراريتك مع الزبائن. أنا أحكي ليكم قصة: مرة أنا عندي قزاز ضرب جبناه بـ20 ألف دولار دفعوني 40 ألف جنيه على القزاز! ببساطة ما في دولة بتقوم بدون طيران وما في طيران بقوم بالجودية السودانية.
* ثمّة من يقول بأنّ الحل في الشركات الأجنبية ؟
– دي أطروحة أطلقها عبد الرحيم حمدي، في ندوة، وقال: “طالما ان أهل الكورة أتوا بمحترفين أجانب، فإن حل مشكلة الطيران السوداني في وجود شركات أجنبية، وأنا ردّيت عليهو: “الشركة الأجنبية تعاني من الدولة فكيف سيعمل الأجانب؟”. لو كانت الحكومة ترغب في إعفاء هذه الشركات فهو الأولى، يمكن للشركات السودانية أن تضع حلولاً للإشكاليات أكثر من الأجنبية.
* على ذكر الداخل والخارج، كيف تتعاملون مع ملف الصيانة؟
– نحن بنقوم بالصيانة في أثيوبيا، كينيا، مصر.. السودان فقد المهندسين، معظمهم هاجر في تلك الدول. أنت لا تحتاج لدفع جمارك على أدوات الصيانة المتعلقة بالطائرة.
* جنوب السودان سوق واعد فيما يبدو، ألن تعوّل عليه الصناعة؟
– الجنوب سوق نامي الآن، ولا توجد فيه المشكلات التي تواجه السوق السوداني. نحن الآن شغالين بست طائرات كشركة.
* الواقع بهذا السوء والناس بتقفل، ومع ذلك؛ (إنتو بتفتحو)؟
– أنا مؤمن بنظرية: إن خروج أي شركة طيران من المنافسة مدخل لقادمين جدد لمضمار التنافس.. كل ما تموت شركة بتصعد أخرى.. نحن حالياً مركّزين على المناطق التي لا منافسة فيها، والعقلانية تتطلب أن نبدأ بالمناطق الأقل تنافساً؛ أسمرا وجوبا.. بالمناسبة؛ نحن بنخسر في السوق الداخلي.
* احك لنا عن هذا السوق الداخلي؟
– محلياً شغّالين نيالا الفاشر والجنينة بورتسودان، وأخيراً كسلا التي وجدنا فيها دعم كبير من حكومة الولاية، بالرغم من عدد البصات العاملة في الخط، نحن طيارتنا المتجهة إلى كسلا بتحمل 50 راكب، وحكومة الولاية اعتمدت أن تشتري 10 كراسي في كل رحلة، وهي الآن تقوم بترحيل المرضى في حوالي 40 دقيقة.
**
* من هو محمد وداعة
– أنا من مدينة بحري وتحديداً من مدينة شمبات حيث أكملت كل المراحل الدراسية في مدينة بحري.
* أين درست الطيران؟
– حصلت على شهادة الطيران من بريطانيا وعدت إلى العمل في سودانير لحوالي عشرين عاما من العام 1982 وحتى 2002 بعدها تم انتدابنا لتدشين (القطرية) ذهبنا من القطرية إلى الأردنية.. بعد رفع الحظر عن ليبيا عملنا في الليبية، ونزلت من سودانير كابتن إيرباص في العام 2002 وقضيت حوالي 17 ألف ساعة طيران.
* حوادث ومواقف و(مطبّات) جويّة؟
– حدث موقف في القاهرة أنا كنت مساعد كابتن.. الكابتن كان شيخ أيوب، عملنا (اللاندينق) أحسسنا بأنّه (بريك ما في)، فرامل، كلمنا ناس المطار قالوا طلعوها من المدرج، وما تمشوا زحمة الطيران، عكسنا الهواء فحدث لها إبطاء، بعداك قالوا لينا الطيارة جاهزة، تعالو حركوها فجأة الطيارة جات نازلة بسرعة، المهندس بدل يعكس المكنات قام قفل المكنات.. مشت شالت المعدات تابعة للسعوديّة، ووقعت في حفرة، ووقعت الطيارة فوق ليهم، يعني الحادث الوحيد الوقع لينا وقع لي وأنا في الأرض.
* سمعنا عن طائرة إسعاف جوي التي تنوون جلبها؟
– هي طيارة سي آر جي ستعمل ركاب وإسعاف جوي في الوقت نفسه وتسع 31 كرسي وهي طيارة من شأنها أن تعالج الكثير من المشكلات ويمكن أن تعمل كطائرة رئاسية.
* قبل الختام؛ انتو اسم نوفا ده جبتوه من وين ؟
– بعد خروجي من مد إير كنا بنفتش لاسم للشركة الجديدة جابو واحد صديقنا كل الأسماء التي اخترناها لم تجد قبولاً، وصل سنغافورة ضرب لي تلفون، وقال لي: لقيت اسم.. قلت ليهو شنو؟ قال لي (نوفا) وتعني الجديد
صحيفة اليوم التالي
[/JUSTIFY]