تحقيقات وتقارير

مفاوضات «أديس» .. هبوب رياح بما لا يشتهي أهل «المنطقتين»

[JUSTIFY]انهيار المفاوضات بين الحكومة وقطاع الشمال بأديس أبابا سواء كان بطلق ناري من مسدس ياسر عرمان كما وصفته الحكومة أو «الكاتيوشا» على كادوقلي أمر متوقع ومعلوم، بل إن هناك من حزم حقائبه من وفد تفاوض الحكومة وهو يعلم أنه لن يكون هناك أي تقدم ولن يتحقق أي اتفاق، وبحسب مصادر فإن التفاوض من جانب قطاع الشمال والبروفيسور غندور من جانب الحكومة خلف الأبواب أخبر ياسر غندور بأنه ليس هناك ما يمكن مناقشته حول قضايا المنطقتين، بل أكد أن أمرها يكاد يكون محسوماً وهي رسالة إن كانت ناقصة فالحكومة تعلم تماماً ماذا يريد أن يقول ياسر وماذا يقصد الذي أتخيل أنه يستطيع أن ينهي القتال في ثوانٍ محدودة إن أراد «رجل» الأمريكان عرمان بعلمنا جميعاً جاء إلى طاولة المفاوضات ليناقش قضايا السودان كما يدعي وينصب «نفسه» ويفوضها إنابة عن كل القوى السياسية المعارضة يسار ويمين والحركات المسلحة، بل عن كل السودانيين.

üü

المفاوضات السابقة قدم القطاع ورقته التي لم ترد فيها المنطقتان سوى في «سطر ونصف» «حل مشكلة جنوب كردفان والنيل الأزرق».

رفض عرمان للاتفاقية الثلاثية الموقعة بين الطرفين والأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والجامعة العربية وتمسك الحكومة باتفاقية الشأن الإنساني دلالات واضحة على انهيار مؤكد وعن تساؤلنا عن دور الوسيط فالإجابة في حديث الجنرال دانيال كودي عضو وفد التفاوض بأن استمرار وإطالة المفاوضات تحقق «مكاسب» لمن يسعون لأن يتجه الملف أو «يمشي قدام» حسب تعبير كودي.

عرمان الذي رصدته الصحف يدير جلسات نقاش مكثفة مع الأمريكان والدوليين الذين توافدوا لمقر المفاوضات، يحارب في قضية ليست قضيته كما أكد أبناء جنوب كردفان والنيل الأزرق وهو ما أشار إليه دانيال كودي ابن جنوب كردفان بأن عرمان عقّد القضية وأقحم دارفور فيما يعرف بتكوين الجبهة الثورية وأدخل الشيوعيين من قبل من خلال وثيقة «الفجر الجديد»، وقال كودي ياسر انحرف بالقضية الأساسية، وسخر دانيال من اصطحاب قضايا داخلية تحل بواسطة أمبيكي وغيره.

الجنرال صرح برفضه وأبناء النوبة لرئاسة عرمان وتمثيله لهم وهو موقف إن حاول البعض وصمه بالعنصرية فهو مبرر «لرجل» اكتوى بقضايا جنوب كردفان، وكودي أوضح أن رفض عرمان يأتي من كون الأخير لا يهمه إنسان جنوب كردفان بقدر ما يهمه تحقيق مكاسب سياسية ولذلك لا يرغب في حسم القضية التي كلما اقتربت من الحل أخذها ياسر إلى ركن آخر وسط تصفيق المنظمات والدول الأجنبية والصهوينية التي تكافئه على دوره في تقسيم السودان إلى دويلات وفقاً للخطة القديمة.

ياسر عرمان الذي كل ما يهمه الآن هو أضواء الإعلام لأنه لم تمت له «عمة أو حبوبة» بحسب تعبير دانيال، بينما ينتظر الجميع السلام للبدء في تنفيذ برامج التنمية المتعطلة، من منا لم يقرأ تاريخ مشروع جبال النوبة الذي كان ينتج القطن قصير «التيلة» وأقيمت له مصانع خصيصاً في أوربا، إنسان جنوب كردفان الذي يعاني الآن ويلات النزوح والحرب كان يعيش في رفاه وينتج السمسم والفول والذرة، بل أحدهم قال لنا إن جنوب كردفان كانت «اغتراب» من الداخل، ويبدو أن السيد عرمان يتجاهل هذه الحقائق عمداً ولكن دانيال يعلم ولذلك يصر على السلام ويعلم أيضاً لماذا انضم الشيوعي عرمان للحركة الشعبية وهو ذات الهدف إسقاط نظام الإنقاذ، فبعد أن فقد السلطة يسعى الآن ليمتطي الحركة لإضعاف النظام وليس من مصلحته توقف القتال الآن.

ويمكن أن نقرأ الموقف كالآتي: أبناء النوبة يصرون على وقف القتال للبدء في برامج التنمية التي أقعدتها حرب عرمان، بينما يصر ياسر على استمرار الحرب التي يعاني ويلاتها، فمن ينتصر عرمان وجناح الصقور خلفه أم تيار كودي المكتوي بنار الحرب؟!

وحسب توقعات القيادي الإسلامي بجبال النوبة وعضو هيئة علماء السودان كنده غبوش الإمام أن هذه المفاوضات ستسفر عن حرب جديدة، مطالباً أبناء جنوب كردفان بالوفد المفاوض بالانسحاب حتى لا يكونوا جزءاً منها، وقال على أبناء النوبة العودة إلى ديارهم حتى لا يشاركوا في حروبات قادمة جراء هذه المفاوضات بين غندور وعرمان!

كل المؤشرات وما ترصده الصحف من داخل أجواء المفاوضات تؤكد أن رياح مفاوضات أديس تهب بما لا يشتهي الجنرال دانيال كودي ورفاقه، وهناك من يرى أن تيار عرمان هو المنتصر طالما أنه ينادي بحل القضايا السودانية كافة، واصفاً ما ينادي به قطاع الشمال الآن بأنه هو ما يطالب به الشعب السوداني والقوى السياسية والحركات المسلحة، وقال د. أبوبكر عبد الرازق القيادي بحزب المؤتمر الشعبي والمحلل السياسي إن التيار الذي يحقق انتصاراً هو تيار المعالجة الشاملة للسودان، وأضاف نصحيتي للحكومة هي أن لا تتمترس عند نقطة وأن لا تتوقع أن يستجيب عقار والحلو وعرمان لمعالجة جزئية، مشيراً إلى أن الخلل في «كابينة» الحكومة على حد قول عبد الرازق، الذي مضى قائلاً إن مطالب عرمان هي مطالب الشعب السوداني التي عبر عنها في 25 سبتمبر 2013م، ومطالب الحركات المسلحة في دارفور والمنطقتين «جنوب كردفان والنيل الأزرق» والقوى السياسية والمحس في كجبار والمناصير في أمري والبجا في شرق السودان ولكن عبد الرازق عاد واستدرك بأنه على الحكومة أن تقدم ضمانات كافية وأن تصدق في تعهداتها بعد أن أخفقت من قبل في الوفاء، وضرب مثلاً في نقض الاتفاقيات الموقعة مثل «97» مع مشار ومني أركو مناوي حتى يقبل عرمان بوقف القتال الدائر في المنطقتين ومن ثم مناقشة القضايا الأخرى كمرحلة ثانية وأن يكون الحوار بين السودانيين، وقال عبد الرازق إن عرمان مجبر على موقفه وإصراره على مناقشة كافة القضايا قبل وقف القتال في المنطقتين بسبب سلوك الحكومة التي لا تعنى ولا تحرص على الوصول إلى سلام عادل.

تقرير : أسامة عبد الماجد : صحيفة آخر لحظة [/JUSTIFY]