كل شئ تحت السيطرة
المؤتمر العام هو بمثابة الجمعية العمومية لاية مؤسسة فطالما ان هناك دورة قد انقضت وانتخاب قيادة جديدة يكون من الطبيعي ان تقدم القيادة القديمة كشف حساب لما قامت به من اعمال وتقوم الجمعية العمومية اي الاعضاء في حالة المؤتمر بمناقشة هذا الاداء لدرجة سلخ جلد الناموسة وفي النهاية يجيزون خطاب الدورة ويسجلون صوت شكر لله للقيادة المنتهية ولايتها او يرفضون خطاب الدورة ويسجلون صوت لوم لها لكن في المؤتمر الثامن للحركة الاسلامية الذي تحدثنا عنه بالامس لم يحدث هذا الامر فالشاهد انه لم يقدم خطاب دورة لم تتم مناقشة ماجرى خلال المدة بين المؤتمرين السابع والثامن فلماذا لم يتم ذلك ؟ لااظن ان هناك من المؤتمرين من يجهل هذه البديهية
الحركة الاسلامية وباتفاق كل المؤتمرين حكمت السودان لثلاثة وعشرين عاما والطاقم الحاكم هو هو منذ 30 يونيو 1989 اللهم الا تغييرات محدودة تم فيها اخراج ولم تتم فيها الا اضافات شكلية ففي مؤتمرها العام الذي ينعقد كل اربع سنوات يكون من الطبيعي ان يجري تقييم كامل للمسيرة اين اخفقوا واين نجحوا لاسيما وفي الاربع سنوات الاخيرة بين المؤتمرين حدثت احداث جسام على راسها انفصال الجنوب وفي مؤخرتها الحرب الاهلية التي تدور في الجنوب الجديد وبينهما انهيار للجنيه السوداني وحكايات سودانير وعطش الجزيرة وكاتيوشا كادوقلي ودانات الفاشر وكثير من البلاوي المتلتلة فهل يعقل ان لا تناقش مثل هذه الامور الجسام وتحدد المسؤولية فيها ؟ لقد لحظ احد الاعضاء ان الطيب ابراهيم محمد خير اعطى جل الفرص للحاكمين الذين يتكلمون 23 سنة وحرم منها الذين امامهم فرصة يومين فقط . حتى ولو اعتبرنا الحركة حركة دعوة دينية بحتة كان ينبغي ان يناقش كسبها الديني في السنوات الاربع التي انصرمت ,, روح التدين في المجتمع هل تنامت ام تراجعت ؟ منظومة القيم الاخلاقية قويت ام اهترت ؟ عمليات التجنيد للحركة نفسها هل توسعت ام تراجعت و ؟ ثم ثانيا هل يعقل ان ينعقد مؤتمر مثل هذا ولايناقش خارطة طريق الحركة للاربع سنوات القادمة موعد الدورة التاسعة ؟على ماذا سوف تحاسب الامانة المنتخبة ؟
تم اغراق المؤتمر في الحيز الاجرائي وهو مناقشة دستور الحركة حتى في الدستور انحصر الجدل في مادتين هما انتخاب الامين العام هل يكون من المؤتمر العام ام يكون من مجلس الشورى ففازت رؤية المحافظين المادة الثانية موضوع الجدل كانت حول الهيئة القيادية فالاصلاحيون يرون انها تكبل الحركة وتجعلها مطية للحزب والحكومة فتمت الترضية باضافة كلمة تنسيقية (بالمناسبة هذه المادة تفترض ان الحركة ستكون حاكمة الى ما شاء الله) وهذه قصة اخرى . خلاصة قولنا هنا ان المؤتمر تم ايقافه على النواحي الاجرائية دون الموضوعية ,, شفتو كيف
القدرات التنظيمية العالية وابهة القاعة وبهاء الفنادق لناس الاقاليم وهيبة الضيوف وفلاشات العدسات ووفرة المطايب (سمحات القروش) اضفت على المؤتمر جوا رومانسيا والرومانسية كما هو معلوم هروب الى الماضي او المستقبل ومجافاة الواقع فهي تخاطب الوجدان على حساب العقل ولعل هذا ماحدث حيث كان الحديث عن امجاد الماضي لدرجة زرف الدموع ثم الحديث الحماسي نحو المستقبل لدرجة خلق نظام اسلامي جديد ليحل محل النظام العالمي المسيطر حاليا وتحرير القدس وتاديب اسرائيل والذي منه وانتهت الشغلانة بعد ان تم سحب القطار الى القضيب الذي يريده ناظر المحطة.
حاطب ليل- السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]