جعفر عباس

المدرس عشماوي


[JUSTIFY]
المدرس عشماوي

(أخوكم/عمكم/ صاحبكم (كل شيء إلا جدّكم) على سفر طويل، لظرف طارئ جدا، ومن ثم سامحوه لأنه سيعيد هنا نشر مقالات قديمة بعد تنقيحها، إلى أن يفرجها صاحب الفرج قريبا بإذنه).
تحملوني اليوم مع حكاية أخرى تسبب النكد، وذلك بعد الحكاية التي تتعلق بالسيدة العربية التي أتى بها إنسان بلا قلب زوجة الى قطر، قبل سنوات، ثم تركها مع طفل صغير، وهرب مغادرا البلاد بعد ان ورطها في التزامات مالية لا قِبل لها بها.. لنترك أمره للجبار المنتقم، ولننتقل مجددا الى مدرسة سعد عثمان الابتدائية في مدينة الإسكندرية المصرية، (تناولت هذه الحكاية هنا قبل أيام).. لم يكن التلميذ إسلام عمرو قد حلّ واجب الرياضيات الذي كلفه به المدرس في اليوم الفائت كاملا، لأنه وجد بعض المسائل صعبة وتستعصي على الفهم.. انهال عليه مدرس الرياضيات هيثم ن. ع. ضربا بالمسطرة.. ما فيها شيء.. عقاب عادي وبسيط يمارسه معظم المدرسين تفاديا للضرب المبرح.. وكما يفعل كل إنسان تنهال عليه الضربات، فان الصغير إسلام البالغ من العمر 11 سنة، حاول حماية وجهه تارة وكتفه تارة من الضربات لأن المدرس استهدف مختلف أنحاء جسمه.. بعض المرضى بالسادية يغضبهم الشخص الذي يتحمل ألم العقاب البدني فيضاعفون له العقوبة لأنهم يتلذذون بمشاهد الألم والعويل والصراخ.
طلب المدرس من إسلام الخروج من حجرة الدراسة لينال عقوبة إضافية، وما ان فعل ذلك حتى انهال عليه ضربا باليد فسقط المسكين أرضا فواصل ضربه على بطنه بقدميه حتى دخل في غيبوبة: عامل فيها دايخ يا مستهبل؟ خد كمان. عشان تعرف تحل الواجب أو تكون راجل وتتحمل النتيجة.. لاحظ الصغار في المدرسة أن إسلام يكاد لا يتنفس فصرخوا وجاء معلمون آخرون ونقلوا الصغير الى المستشفى وهناك أسلم الروح.. هبوط حاد في الدورة الدموية والقلب أفقده القدرة على التنفس.. فمات دماغيا ثم «نهائيا».
سؤال للأستاذ هيثم الذي يواجه تهمة القتل: هب أن إسلام لم يمت.. بل أصيب بكسر في ضلعين وجروح بسيطة في الصدر واليدين، هل كان ذلك سيعالج أمر أنه لم يحل «الواجب»؟.. أبو الواجب على أبو المدارس إذا كان التعليم يتم بالبوكس والشلوت!! أمثال هيثم كثيرون في مدارسنا، ليس بالضرورة بمعنى أنهم يمارسون الضرب العنيف بحق الطلاب ولكن بمعنى أنهم يؤذون الطلاب معنويا بالشتائم المقذعة: يا كلب.. يا ثور.. يا بغل.. هذا إذا لم تطل الشتائم أحد والدي الطالب المشتوم.. السبب الرئيس لبلادتي في مادة الرياضيات وكرهي لها، مدرس كان يكتب على دفتري ملاحظات مثل: ما هذا يا حمار؟.. اكتب جدول 7 مائة مرة يا غبي.. كنت أحيانا أخفي كراسة الرياضيات في ملابسي الداخلية حتى لا يسطو عليها بعض زملائي ويجعلون مني مادة للتندر.
عندما عدت بعيالي من بريطانيا الى قطر كانت بنتي ضعيفة في اللغة العربية، ومنذ الأسبوع الأول في المدرسة صارت مدرسة اللغة العربية تناديها بـ«غبية» ولما كثر عليها التقريع والشتم صارت تتمارض لتفادي الذهاب الى المدرسة.. «سايستها» حتى كلمتني بأمر معلمة اللغة العربية فتوجهت الى المدرسة وطلبت من المديرة ان تنادي على المدرسة لأقول شكواي في حضورها.. وجاءت وقلت لها: والله لو ناديت بنتي بغير اسمها مرة أخرى س.. لم تتركني أكمل واعتذرت ولكن المديرة لم تتركها تكمل وقالت: اعتذارك يؤكد صدق الشكوى وأنت أصلا في فترة اختبار وباي باي (بقي أن أقول ان المدرسة كانت أجنبية تدرس المنهج البريطاني .. وهذه معلومة ذات دلالة!!)
* «عشماوي» في مصر هو الشناق أي الذي يتولى تنفيذ الأحكام بالإعدام شنقا.

[/JUSTIFY]

جعفر عباس
[email]jafabbas19@gmail.com[/email]