تحقيقات وتقارير

لماذا ترفض أحزاب الشيوعي والبعث الحوار ؟


[JUSTIFY]كل الحراك الدائر والدعوة غير المحددة السقف التى أطلقتها الحكومة السودانية لكافة القوى السياسية بلا استثناء وبلا أجندة أو شروط مسبقة للحوار والتفاوض حول مجمل وتفاصيل الشأن الوطني فى كافة مناحيه اعتبرته قوى التحالف أو بالأحرى (بقايا تحالف الإجماع) مجرد تكتيك من جانب الوطني!

وقد بدا واضحاً على وجه الخصوص لحزبيّ الشيوعي والبعث بشقيه أن الوطني يشتري الوقت ولهذا فقد بقيا ولا يزالا بعيدين عن رقاع الدعوة. صحيح أن هذه الأحزاب المتوجسة وغير الواثقة لا من نفسها ولا فى مواجهة الوطني لديها أسبابها الخاصة المتمثلة فى ضآلة وزنها الجماهيري وغرابة أطروحاتها واستحالة أن تساير أوضاعاً تصادم رؤاها الفكرية المعروفة.

وصحيح أيضاً أن هذه الأحزاب -الشيوعي وحق والبعث بشقيه- واجهوا فى السنوات القليلة الماضية تحدياً كبيراً لامس وجودهم السياسي وأصاب منطلقاتهم الفكرية فى مقتل سواء بالانهيار المدوّي للفكر الماركسي على مستوى منابعه وإمتداداته التاريخية المعروفة فى شرق أوربا وغيرها، أو بالانهيار الفكري الأخلاقي المتمثل فى ما جرى فى العراق وما يجري الآن فى سوريا.

لسوء حظ هذه الأحزاب فإن جذورها تآكلت ولم تعد صالحة للإنبات مهما سقيت ومهما نالت حظها من الأسمدة والكيماويات. غير أن هذه الدعوة المقدمة إليها للحوار، وعلى العكس تماماً من واقعها المزري هي سانحة لكي تلحِق هذه القوى نفسها بقوى أخرى تتحالف معها إن لم يكن من أجل أن تستقوي بها وتستعين بها على نوائب الدهر التى لا ترحم فعلى الأقل تلبية للنداء الوطني الذي لا مجال للتقاعس حياله إذ أن هذه الأحزاب ما وجدت فى الساحة إلا لتمارس فن الممكن لأنها بطبيعة الحال لا تعمل فقط لصالح قادتها أو منسوبيها وإنما هي مهتمة بالشأن الوطني العام، ولا يمكنها أن تظهر اهتمامها بالشأن الوطني العام إلا من خلال تفاعلها مع ما يجري فى الساحة.

من جانب ثاني فإن من الغريب حقاً أن ترضى هذه القوى بالتحالف مع الأمة القومي والشعبي فى تحالف الإجماع، وترفض الحوار مع الوطني، إذ أن ذات البضاعة السياسية التى لدى الأمة والشعبي موضوعة بذات العناية والقدر على أرفف الوطني!
ومن جانب ثالث فإن ارتضاء الأمة القومي والشعبي الحوار مع الوطني لم يكن بالطبع مبنياً على مجرد أهواء سياسية أو أحلام وتمنيات وإنما هي ذات حسابات السياسة، إذ انه إذا كان بالوسع الحصول على تعاهد أو تعاقد وطني جديد يفضي إليه الحوار فلم لا؟ وكيف يا ترى ستحقق هذه الأحزاب -بضعفها وقلة حيلتها- ما تريده وتشتهيه بعيداً عن أي حوار وطني، وفى ظل استحالة الخيار العسكري؟ إذ من الواضح أن الدعوة للحوار قد كشفت الغطاء عن هذه الأحزاب فهي ليست أحزاباً جماهيرية وأن أملها فى الوصول الى السلطة ضعيف تماماً إن لم يكن منعدماً اللهم إلا عبر قوى مسلحة وتشعر بصعوبة الجلوس الى الوطني لأنها -وعلى قدر عزمها- ستحصل على ما ترجوه، ولهذا كله كان من الطبيعي أن ترفض الحوار وأن تنتظر لعل الزمان يجود بمعجزة!

سودان سفاري[/JUSTIFY]