نزيف العقول …!!
** آثار نزيف العقول، حسب رصد مدير المرصد القومي، هي : فقدت البلاد إستثماراً مالياً ضخماً يتمثل في الصرف على تعليم وتدريب وتأهيل هذا الكادر المهاجر، إذ كسبت دول المهجر عمالة مدربة ومؤهلة لم تصرف عليها جنيهاً في تلك المراحل..ثم فقدت البلاد ذوي الخبرة والكفاءة، خاصة من العاملين في الولايات والأرياف، علماً – حسب نص مدير المرصد – فقدت مشافي الولايات والأرياف مئات الأطباء في الأشهر الأخيرة بعد أن إستوعبتهم مشافي السعودية، ولهذا ليس بمدهش عجز السلطات عن تغطية الخدمات وتجويد الخدمات الطبية بالولايات والأرياف.. !!
** أما أثار نزيف العقول على المؤسسات التعليمية والتدريبية فلاتخطئها عين، وعلى سبيل المثال تقزم الطاقة الإستيعابية لكليات التمريض، لا لقلة الطلاب، ولكن لعدم توفر الحجم المطلوب من كادر التعليم.. ويؤكد الرصد وجود أطباء خارج دائرة العمل، ولكن هذه الفئة غير مستفيدة من الهجرة لإفتقارها لشرط الخبرة،ولذلك الحديث بأن بالبلاد فائض عمالة لايتأثر بالهجرة نوع من التضليل، إذ هذا الفائض بلا خبرة تخدم بالداخل وكذلك لاتجد فرص الهجرة..وبالمناسبة، كل ذو بصر وبصيرة يعرف أسباب الهجرة، ومع ذلك أكدها المرصد ولخصها في ( تدني الراتب، ضعف فرص التطوير، بئية العمل من حيث المكان والمعدات والوسائل، وضعف الإستيعاب)، هكذا عوامل الدفع التي تدفع الكفاءات دفعاً نحو منافذ الهجرة، وكل تلك العوامل مسؤول عنها النهج الحاكم، أي يهاجرالمهاجر مكرهاً وكارهاً لبؤس الواقع، ليس حباً في الإغتراب والتغرب ..!!
** وللأسف، السلطات التي على علم بهذا النزيف المستمر لم تعالج أسبابه وكذلك لم تكفاح آثاره بحيث تكون هناك موازنة عادلة ما بين هجرة الكفاءات ومخاطرها، بل كل حراكها في هذا الأمر لم يثمر إلا (جهد المحاولة) المسمى بالسوداني ( التنظير )..على سبيل المثال، لا يتم إستيعاب الكفاءة السودانية بالخارج بشكل صحيح بحيث تساهم في دعم الرعاية الصحية بالداخل ببرامج زيارات أكاديمية ومهنية وقوافل صحية.. لقد تم عقد إتفاقات ثنائية مع مؤسسات سعودية وبريطانية وغيرها للإستفادة منها ولكن للاسف – حسب نص المرصد – لم يتم تنفيذها بالشكل المطلوب..وهكذا، كل محاولة تنتهي ب (العائد ضعيف)، ليصبح الحال العام ( بلامعالجة لأ سباب الهجرة وبلا مكافحة لأثارها ).. !!
** ( ح نصدر الأطباء والنبق)، قالها وزير المالية قبل أشهر بغرض تحقيق عائد لخزينة الدولة..ولكن رصد المرصد يؤكد خطأ هذا النهج، ويرشد وزارة المالية إلى تجارب الدول المصدرة للعمالة بغرض الفوائد الإقتصادية، كما تجربة الفلبين في مجال تصدير كوادر التمريض، على سبيل المثال..يقول المرصد بأن تجارب تلك الدول سبقتها خطط ودراسات وأعمال توازن بين (التصدير) و(الإنتاج)..وبالمناسبة، إحدى الجامعات العريقة بالخرطوم، قاب قوسين أو أدنى من تشميع إحدى كلياتها، لأن الكوادر المصرية المستجلبة – بعد هجرة الكادر السوداني – رفضت العمل بعد إرتفاع سعر الدولار وعادت الي ديارها، ولم تستوعب هذه الكلية طلاب هذا العام، وإدارة الجامعة عاجزة عن إعلان (نبأ التشميع)، ولكن سوف نعلن النبأ الأليم في حال أن تصلنا الوثيقة المطلوبة خلال هذا الأسبوع باذن العلي القدير..!!
** المهم، نرجع لما يسمونه بتصدير الأطباء.. ليس من العقل أن يتم تفريغ البلاد من الكفاءات قبل إنتاج كفاءات تحل محلها، ثم تسمي هذا الأمر (تصديراً)، هذا تفريغ و( خراب ديار).. وهذا التفكير ليس بمدهش في عوالم مؤسسات الدولة، إذ وزارة الثروة أيضاً – بالتنسيق مع المالية وبنك السوادان – كادت أن تتخلص من إناث الأنعام وتجفف المراعي من الأوعية المنتجة تحت مسمى (التصدير أيضاً)..على كل حال، شكراً للمرصد على الرصد..ولكن، لمن يرصد؟، ولمن نكتب؟، فالقوم يشغلهم الرقص والطرب ..!!
إليكم – السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]