جعفر عباس

لابد من إعادة النظر في مائدتنا

[JUSTIFY]
لابد من إعادة النظر في مائدتنا

(أخوكم/عمكم/ صاحبكم (كل شيء إلا جدّكم) على سفر طويل، لظرف طارئ جدا، ومن ثم سامحوه لأنه سيعيد هنا نشر مقالات قديمة بعد تنقيحها، إلى أن يفرجها صاحب الفرج قريبا بإذنه).
أتحدى من يزعم أنه قرأ لي سطرا واحدا أتباهى فيه وأتفاخر بإنجاز أو عمل ما (على نحو جدي)، ولكنني سأتباهى اليوم بأعلى صوتي بأنني لا أجامل أحدا في أمور صحتي: تدعوني لعشاء سيمتد إلى ما بعد منتصف الليل؟ مش جاي.. تحلف علي بالطلاق كي أتناول قطعة الكنافة الثالثة؟ طلق ولا تنس ان تدعوني عندما ترد زوجتك او تتزوج بأخرى، ولكنني لن أجاملك حتى في وليمة الزواج بأكل أشياء قررت الامتناع عنها منذ سنوات.. دعوتني إلى الغداء ووضعت أمامي خروفا كاملا فوق عشرة كيلوغرامات من الرز، ثم أكرمتني بقطع ضخمة تنز شحما؟ شكر الله سعيك ولكنني لن أدخل قطعة لحم فيها أي درجة من البياض في فمي،.. ليس لأنني معقد من اللون الأبيض لأسباب عرقية، ولكن لأن البياض في لحم الضأن والبقر دليل خطر.. يا عزيزي حتى اللحوم التي نسميها حمراء ملغومة بالدهون فلا تغلب حالك معي وتقدم لي لحما مكسوا بالشحم!! وأتحدى من يزعم انه رآني اشتري حلويات شرقية لعائلتي!! أشتري بقلاوة وكنافة وبسبوسة عمدا ومن حر مالي؟ مستحيل!! أما إذا وجدتها أمامي في مناسبة ما فإنني أتناول منها ما تيسر.
لا أعاني من هوس الرشاقة ولست من النوع الذي يحسب السعرات الحرارية في الطعام الموضوع أمامي، ولكن الله زودني بخاصية رفض الشحوم والدهون.. وأحب الحلويات كثيرا و«أموت» في الآيس كريم، ولكنني لست على استعداد لـ«أموت» بسبب الآيس كريم.. لحسة او لحستان تكفي، ولا شيء في نظري أشهى من التمر، وكنت لسنوات طويلة انسف أي كمية من التمر توضع أمامي، ولكنني تعلمت مؤخرا فرملة نفسي، فلا أتناول إلا قطعا معدودة من التمر يوميا.. وكثيرا ما أوصف بأنني قليل الذوق وخاصة عندما أكون ضيفا واعتذر عن تناول أصناف معينة تعرض عليّ،.. ولكنني لا أجامل في أمور معينة واعتذر بلباقة ولا أرفض أكل ما لا أستسيغه بجلافة واستعلاء
وبعد هذا الفاصل التفاخري اعود إلى ما كتبته بالأمس عن ان السمنة اصبحت وباء بين جيل الصغار بسبب إدمانهم للوجبات السريعة، ولكن ما البديل لتلك الوجبات؟ الكبسة؟ المنسف؟ الكسكسي؟ الكوارع؟ الثريد/الفتة؟ المندي؟ أم علي؟ القطايف؟ ليس القارئ بحاجة إلى تنوير من أبي الجعافر ليتذكر أنها كلها أكلات ملغومة بعناصر تفتك بالأوردة والشرايين والأمعاء! وبقية الأكلات التي لم أورد أسماءها تطبخ او تحمر في كثير من الزبت مضافا إليه تشكيلة من البهارات تجعل الغازات تخرج عبر الأذن!! والشاهد هو أننا بحاجة إلى حملة طبية توعوية تقول لنا صراحة ان معظم أكلاتنا الشعبية رغم حلاوتها، لا تقل خطرا على الصحة عن الشيشة.. ومن المضحكات المبكيات ان هناك من يزعم أنه يحتاج إلى حجر شيشة كي يهضم وجبة دسمة وغيره يقول إنه بحاجة إلى كولا كي يهضم مثل تلك الوجبة.. يا عزيزي.. أولا: لو أكلت قدر طاقة بطنك فإنها ستتولى بنفسها عملية الهضم بكفاءة، وثانيا: لماذا تكبس بطنك حتى تحتاج إلى مساعدة خارجية للهضم؟ ثالثا: الشيشة تدخل الرئة ولا يوجد دليل علمي على ان الرئة تلعب دورا في الهضم ورابعا: الكولا تسبب عسر الهضم وشربها بعد وجبة شعبية مشبعة بالدهون والنشويات لا يختلف عن محاولة إطفاء نار في زيت مشتعل بصب الماء عليها.

[/JUSTIFY]

جعفر عباس
[email]jafabbas19@gmail.com[/email]