الطاهر ساتي

أنا ح تصرف

أنا ح تصرف
** ومن حكاوي الزمن الباسم، يحكى أن صاحباً قصد سوق القرية لشراء ناقة، وبعد أن إشتراها لم يعقلها جيداً، فسرقها اللصوص وعقروها ..فغضب صاحبنا، وعاد إلى السوق هائجاً في الباعة و الزبائن: ( تعوضوني بي ناقة تانية ولا أعمل اللى عملوا جدي قبل خمسين سنة لمن سرقوا ناقتو )، فتوجس الباعة والزبائن من التهديد و جمعوا التبرعات واشتروا له ناقة أخرى، لكي لاينتحر أو يحرق سوقهم
، أو كما ظنوا ..ولاحقاً، سألوه بلهفة : ( تعال يا أخوي، انت جدك عمل شنو لمن سرقوا ناقتو؟)، فأستنكر سؤالهم : (ياخ معقولة؟، انتو ماعارفين جدي عمل شنو؟)، فازدادوا شوقاً وتلهفاً للمعرفة، فأجابهم بمنتهى الزهو : ( علي الطلاق إشترى ناقة تانية في نفس اليوم )، فبهت القوم وتحسر على أموال التبرعات ..!!

** تلك إحدى حكاوي الزمن الباسم، وها هي تعيد ذاتها في إحد وقائع الزمن البائس..منذ بداية هذا العام، وإلى مطلع الأسبوع الفائت، تهدد وزارة النقل والطرق والجسور الناس والبرلمان بهياج من شاكلة : ( ح توروني الحاصل في طريق الإنقاذ الغربي، ولا إتصرف؟)، ثم تعيد الهياج : ( أخير ليكم توروني الحاصل في ملف الانقاذ الغربي، قبل ما إتصرف)، ثم رفعت صوتها بالوعيد : ( أنا ما بخليها مستورة، لو ما عرفت الحاصل في الملف ده أنا ح اتصرف ).. هكذا لسان حال الوزارة منذ بداية هذا العام ، تهديد ثم وعيد ثم تهديد ثم وعيد، ولا شئ غير التهديد والوعيد..وإلى يومنا هذا لم تسألها أية جهة : ( يا أخوي تعال، انت ح تتصرف كيف؟).. ولو سألوها، لما وجدوا عندها غير إجابة من شاكلة : ( ح أسكت )، وهي لاتختلف عن تلك الإجابة : (إشترى ناقة تانية).. !!

** على كل، ندع وزارة النقل، ونحكي لكل أهل السودان – بمن فيهم الأهل بدارفور – حقائق مؤلمة عن وضع الراهن والمستقلبي لطريق الإنقاذ الغربي، وعسى ولعل ( تتصرف الوزارة)، بعد الحكي .. محور (النهود/ أم كدادة)، (بطول221,4 كلم)، ( بتكلفة 122 مليون دولار)، بالقرض الصيني، وكذلك المنفذة صينية، بلغت نسبة الإنجاز (50%)، و يجب أن يكتمل الطريق في (10 يوليو 2013)، في حال دفع الصرفيات المتأخرة ( تسع دفعيات )، مرد تأخير الدفعيات خروج البترول عن الموزانة العامة..أما محور (الفاشر / أم كدادة)، (بطول 167.6 كلم)، (بتكلفة 96 مليون دولار)، بالقرض الصيني، وكذلك الشركة المنفذة صينية، بنسبة انجاز (58%)..ثم توقف العمل، و يتوقف الإكمال على دفع الدفعيات المتأخرة – والمتأثرة – بخروج البترول .. !!

** أما محور ( الفاشر/ نيالا)، (بطول 95 كلم)، (بتكلفة 195.014.995 جنيه)، بتمويل المالية المركزية، وتنفيذ شريان الشمال، وبلغت نسبة انجاز (28%)، و واجه هذا المحور تعثراً في تمويل المراحل الأولية، وكذلك ( 18 هجوماً)، شنتها الحركات المسلحة على مواقع العمل، ثم أم المآسي : تضاعفت الأسعار بسبب تلكؤ المالية في دفع صرفيات المراحل الأولية.. محور ( نيالا/ كاس/ زالنجي)، (بطول 215 كلم)، (وبتكلفة 94.933.866.3 جنيه)، بتمويل مركزي، وبتنفيذ شريان الشمال، وبنسبة انجاز لم تتجاوز (2%)، وذلك لان عنصر الأمن كان – ولايزال – أكبر هواجس ومهددات هذا المحور، وكذلك فرق السعر الذي مرده إنتظار إستباب الأمن..أما محور( زالنجي/ الجنينة/ أدري)، (بطول 175 كلم)، (بتكلفة 120.146.250 دولار)، بالقرض الصيني والشركة المنفذة الصينية، فان نسبة الإنجاز فيه (57%)، ولكن العمل قاب قوسين أو أدنى من التوقف بسبب تأخير الدفعيات وخروج البترول ..!!

** أها، تلك محاور الطريق ووضعها الراهن، وتلك المعلومات وغيرها تفرهد حقائقها – سودانية كانت أو صينية – في تقرير لجنة الطواف الطارئة التي أرسلها البرلمان برئاسة أوشيك محمد طاهر، رئيس لجنة النقل بالبرلمان.. على البرلمان مواجهة الحكومة والرأي العام – والواقع – بهذا التقرير المؤلم، بدلاً عن نهج الإخفاء و(خلوها مستورة) ..المهم، في ثنايا التقرير تتجلى المسؤوليات والمسؤولين وأسباب توقف العمل في معظم محاور الطريق.. من المسؤول عن (تأخير الدفعيات)، ومن المسؤول عن (الإنفلات الأمني)، ومن المسؤول عن فصل الجنوب و (إخراج البترول)..؟..هؤلاء هم الذين يجب أن (تتصرف معهم وزارة النقل )، حسب التهديد اليومي والوعيد الأسبوعي.. ولأن سياسات قمة الجهاز التنفيذي بالدولة هي أكبر معيقات العمل بطريق الإنقاذ الغربي، تخبئ البرلمان هذا التقرير عن الناس والصحف، ولذلك لانتوقع أن يتجاوز تصرف وزارة النقل في موضوع الطريق حد ( السكوت)..!!

إليكم – السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]