الطاهر ساتي

‫تراجيديا المدينة الرياضية .. (1)

‫تراجيديا المدينة الرياضية .. (1)
** لو وجد مخرجاً بارعاً، ليس مشروع سندس الزراعي فقط، بل مشروع المدينة الرياضية أيضاً يصلح بأن يكون عملاً درامياً ضاجاً بالمشاهد المأساوية..وبالمناسبة، لم يبدأ مسلسل المدينة الرياضية مع مطلع عهد هذه الحكومة، أو كما يظن البعض .. بل، في العام 1966، إتصل مجلس وزراء ذاك العهد باحدى الشركات البرلغارية لتنفيذ المشروع على قطعة أرض مساحتها ( 1.200.100 متر مربع)، بشمال الحزام الأخضر، بتكلفة مقدارها (8.655.000 جنيهاً)..وبعد تجهيز كل تلك المراحل – دراسات وخرائط وعقودات – توقف العمل بالمدينة قبل (حفر الأساس)، لعدم توفر التمويل..وهنا يتضح أن نهج (شراء الوتد والحبل قبل شراء الحمار)، ليس ببدعة إنقاذية، بل ذاك نهج كامن في الجينات الوراثية لحكوماتنا الوطنية..!!

** ثم، في العام 1972، أعدت حكومة ذاك العهد دراسة أخرى لتنفيذ هذا المشروع على الأرض الواقعة شمال الحزام الأخضر ذاتها، وبذات خرائط العام 1966، وبلغت التكلفة حسب الدراسة (56.300 دولار)، ولكن لم ينفذ المشروع لعدم توفر التمويل أيضاً..ألأ يعني هذا تأكيداً بأن أصل الداء في الجينات الوراثية؟..ثم ، في العام 1981، شمرت حكومة ذاك العهد عن ساعد الجد وقررت تنفيذ المشروع على ذات الأرض وبذات الخرائط ، وأعدت دراسة بلغت فيها التكلفة (75.000.000 دولار)، ولكن توقف العمل قبل وضع حجر الأساس، لعدم توفر التمويل أيضاً..ولو لم يحدث هذا، لما سميت تلك الحكومة الوطنية..!!

** ثم تواصلت حلقات المسلسل، ولكن ليست بتلك الرتابة، بل تميزت حلقات ما بعد (ديسمبر 1992)، بالإثارة و(الأكشن)، والغرائب..صدر قرار إنشاء المدينة في ذاك التاريخ ، وكان من مجلس قيادة الثورة، ثم قرار آخر بانشاء صندوق خاص بالمدينة، وتم إيداع مبلغ (10.000.000 جنيه)، ثم إعادة تخصيص الأرض، وكذلك تم نزع (الساقية 33 )، مساحتها (354.23 فدان)، لصالح المدينة بدون تعويض أصحابها.. ثم تم التعويض لاحقاً بعد أن تضرروا وتظلموا حيناً من الدهر.. وعليه، صارت المساحة المخصصة رسمياً للمدينة (1.488.144 متر مربع) ..و أخيراً، أي في هذا العام ،راجع المراجع العام تلك المساحة، ولم يجدها..فخاطب البرلمان قائلاً : ( تم الإعتداء على أرض المدينة الرياضية)، و صمت .. أي لم يُسهب ..فلنسهب..!!

** تم إستقطاع (369 قطع)، مساحتها (323.580 متر مربع)، بخطاب من مستشار برئاسة الجمهورية لصالح أصحاب السواقي المنزوعة، كتعويض ..قد يكون المدهش هو أن يتم تعويض المتضررين في قلب سواقيهم المنزوعة لصالح المدينة، ولكن ما يحير الإنس والجان هو أن المراجع العام لم يجد من الوثائق والمستندات ما تفيد باستلام المتضررين لهذا التعويض، أي تم تسليمهم على خطاب المستشار ولم يستلموها على أرض الواقع ..المهم، فقدت المدينة تلك المساحة بأمر مستشار رئاسي لم يذكر التقرير اسمه .. ثم فجأة كدة – فقدت المدينة مساحة أخرى قدرها (144.350 متر مربع)، بأمر حكومتي ولاية ومحافظة الخرطوم ، حيث بيعت تلك المساحة كقطع إستثمارية (712 قطع).. وللأسف، لم يجد المراجع العام ( أسعار البيع، ولا طريقة البيع، ولا الخزينة – أو الجهة – الحكومية التي تم فيها توريد عائد البيع).. أي، يقول لسان حال التقرير عن تلك القطع : ( باعوها ولا خلاص)، أي بكم ؟وكيف؟، وأين ذهبت أموالها؟، الله أعلم ..ومن هنا يتواصل عرض الحلقات الأكثر إثارة و… (الأعمق حزناً).. !!‬

إليكم – السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]