[JUSTIFY]تعيش جوبا عاصمة دولة جنوب السودان هذه الأيام حالة هدوء تشوبها درجة عالية من الحذر تجلت في انتشار الجيش بين جنبات المدينة إلى جانب عربات »دوريات الشرطة«. ويأتي هذا التطور بعدما شهدت ليلة الخميس الماضي إطلاق نار كثيفا بأسلحة ثقيلة في القيادة الجنوبية الواقعة غرب سوق الجبل الكبير الذي تحيط به الأحياء السكنية »الشعبية«. وقد أثار إطلاق النار موجة من الفزع والرعب في أوساط المواطنين، إذ لا تزال ذاكرة المدينة تحتفظ بدوي الأسلحة الثقيلة وزخات الرصاص، حيث وقعت مواجهات دموية منتصف ديسمبر الماضي بين القوات الرسمية وجنود رياك مشار النائب السابق للرئيس. وكانت هذه المواجهات قد نتجت إثر اتهام رئيس البلاد سلفاكير ميارديت نائبه مشار بتدبير محاولة انقلابية ضده.
سوء تفاهم
وأرجع مدير الإعلام والعلاقات العامة للجيش الشعبي العميد ملاك أيوين الأحداث التي شهدتها القيادة الجنوبية لسوء تفاهم بين قوات الكمندو التي يقودها العميد غبريال قارويج وأفراد في داخل الجيش بسبب تأخر صرف الرواتب. وقال أيوين إن الموضوع لا علاقة له بأحداث 15 و16 ديسمبر الماضي، في إشارة إلى ما راج في المدينة من أن ثمة احتمالا لوجود علاقة بين الكمندو وقوات رياك مشار. وبنيت هذه الفرضية -بحسب المراقبين- على انحدار كل من قائد الكمندو قارويج ومشار من إثنية واحدة، وهو ما أكده يوهانس موسى فوك الناطق الرسمي باسم قوات مشار في حديث للجزيرة نت. بيد أن فوك عاد لينفي ذلك، قائلا إن الجنود الذين أطلقوا النار الأربعاء ليلا في القيادة الجنوبية لا ينحدرون كلهم من قبيلة النوير، وإنما ينتمون إلى عشائر أخرى رغم أن قائدهم من النوير. وفي تأكيد لما سلف من توضيح أيوين، نفى فوك صلتهم بما حدث في جوبا الأربعاء ليلا، وردّ إطلاق النار إلى سماه »السيناريو المعروف« لدى الجيش الشعبي، مبينا أنه يتقاضى رواتبه على شاكلة »الكوتات« والإعانات، وأن القادة الكبار برعوا في امتصاص دماء الجنود الصغار بذلك النهج. ويأتي حديث المحلل السياسي والناشط الحقوقي أقوك ماكور متوافقا ضمنيا مع الجزئية الأخيرة من تصريح يوهانس، حيث يقول إن الاشتباكات وقعت بين قوات »الكمندو« بسبب صرف الرواتب.
حصر القوات
ويضيف ماكور في حديث للجزيرة نت أن الحكومة شكلت لجانا لمعرفة من بقي في صفوف الجيش الرسمي ومن اختار اللحاق بالقوات المتمردة. غير أنه انتقد عدم وضع سقف زمني للموضوع، الأمر الذي فتح الباب للحديث عن الفساد وسط قيادات الجيش، لأن عمل اللجان يتطلب صرف حوافز للقائمين عليها. ورأى أن »الشبهة قائمة« وأنه ليس هناك ما يضمن عدم إطالة أمد عمل اللجان قصدا طالما أن هناك حوافز تجنى من استمرارها، مما يضيف أعباء على الميزانية. لكن يوهانس حاول الربط بين عدم صرف رواتب الجيش الشعبي منذ يناير الماضي وبين ما يتقاضاه جنود الجيش الأوغندي نظير قتالهم في جنوب السودان ضد قوات مشار. وكتب في ذات السياق بموقع التواصل الاجتماعي »فيسبوك« أنه لا توجد مشاكل في معسكر الجيش الأوغندي لأن رواتبهم تصرف بالدولار، بينما جنود الجيش الشعبي لا يتقاضون أجورهم إلا بعد إطلاق النار. لكن أقوك شدد على أن ما يتقاضاه عناصر القوات الأوغندية لا علاقة له بما يحدث داخل الجيش الشعبي الذي يستحوذ على 60% من الميزانية العامة للبلاد. ويلفت إلى أن أي قوات تقاتل في دولة أخرى لا بد أن تتقاضى أجورا وتمنح حوافز تخصم من خزينة الدولة. وكان الرئيس الأوغندي يوري موسيفيني قد اعترف بمساعدة نظيره في جنوب السودان سلفاكير ميارديت في مواجهة قوات نائبه السابق رياك مشار.