ظلال الحال أو ..قصص غير قصيرة ..!!
أعمى و أصم و أبكم ..
أصدقاء جمعتهم عاهات الدنيا وآهاتها..وعندما تضيق بهم البلاد نهارا، يتسللون إلي قاع الكأس ليلا..
(لعمري ما رأيت كأساً أرحب من ديارنا)، أوهكذا يتهامسون فيما بينهم..
تشاجروا ذات مساء، فأقتادهم حارس القرية إلي عمدتها، فحكم عليهم بالجلد والغرامة ..
الأعمى لم ير شكل السوط ، ومع ذلك تألم و.. صرخ
الأصم لم يسمع وقع الجلد، ومع ذلك تألم و.. صرخ
أما الأبكم الذي رأى شكل السوط وسمع وقعه ثم تألم، عجز عن الصراخ ..
وهكذا تعلم الأعمى والأصم بأن ( الصراخ نعمة ) ..!!
(2)
زارهم أمير المؤمنين ذات شتاء ..
فأعدوا له مائدة ثم قائمة هي بعض مفقوداتهم..
( مياه ، كهرباء ، مدرسة، مركز صحى ، وقابلة تجنب النساء مخاطر الوضوع قبل إكتمال المولود )..
إستلم قائمتهم وصعد الى منبر الخطابة، وشرع يحدثهم عن الصبر ساعة وعن الصدق نصفها..
وكذلك نصحهم بأهمية ربط ( أحزمة العزيمة ) على البطون لحين تجاوز البلاد المنعطف التاريخي الخطير..
ثم ترجل عن المنصة وارتمى في بهو فارهته ليشد له السائق ( حزام الأمان (..
أوهكذا شرح لأهل القرية الفرق بين ( حزام العزيمة ) و( حزام الأمان)..!!
(3)
رئيس اللجنة العليا جاء في موعده، ولكن مقرر اللجنة تآخر قليلا ..
أما أمين المال فقد غاب، بيد أن المواطن كان أول الحاضرين..
(اجتماع هام لمكافحة الملاريا في المحافظة قبل مقدم المحافظ الجديد)، موضوع للنقاش ..
فالملاريا هى التي عجلت برحيل المحافظ السابق، أوكما قال التقرير السري ..
إقترح المواطن بدفن البرك الآسنة، فسقط الاقتراح لعدم رغبة الرئيس في تلويث (تراب الوطن)..
ثم إقترح برش البرك الآسنة بالمبيد، فسقط الاقتراح لعدم توفر المبيد بمخازن المحافظة ..
فجلس صامتا
(وجدتها)، هكذا صاح المقرر، ثم نهض وسرد المقترح ، فهلل الرئيس وكبر..
غدا اجتماع آخر، ولكن خاص بالرئيس والمقرر وأمين المال، لتحديد ميزانية المقترح المجاز بالتهليل والتكبير..
( إقناع أنثى الانوفيلس بغسل فمها قبل مص دم المحافظ الجديد)، بند الصرف المفتوح ..!!
(4)
متشرد و لقيط ..
أنجبهما ظلم السلطان وتجاهل المجتمع في موسم جفاف الضمائر، و بلغا سن الرشد تحت جنح الدجى ..
تجولا ذات نهار بحثا عن شرف العيش أو العيش الشريف
ولم يجدا غير الحرمان، فناما على رهق وجوع..
أحدهما توسد آلامه، والآخر كان ملتحفا آماله..
وفجأة، حلما بحلم ساده الغذاء والكساء والدواء ثم القلب الرحيم، فأبتسما ..
شكرا للحلم .. لقد أذاقهما (طعم الإبتسامة) ..!!
(5)
عطلة رسمية بمناسبة وضع حجر الأساس للجسر الكبير..
أكمل الفريق الهندسي التصميم، وكذلك الفريق الإقتصادي أكمل دراسة جدواه..
ولم تفت على فطنة المحافظ جمع الحشد الجماهيري ونصب خيم الهتاف وحجز الفنان والمادح وجلب الهتيفة ..
قبل بداية الحفل بنصف ساعة، أخبرهم حكيم القرية بأن المكان المستهدف ليس به نهر يستدعي تشييد الجسر..
اعتقلوه، وبعد عام من التحقيق، وجهوا له تهمة إعاقة النظام عن آداء واجبه، ثم حاكموه بالمؤبد..
مسكين حكيم القرية، لم يكن يعلم بأن نهج النظام يبني الجسر أولا، ثم يبحث عن النهر لاحقاً ..!!
إليكم – السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]