الطاهر ساتي

الشركات هي الحل …!!

‫ الشركات هي الحل …!!
** يواجه ما يزيد عن تسعمائة عامل بسلطة الطيران المدني مخاطر قرار إلغاء وظائفهم..أوهكذا ثمن فصل السلطة الرقابية عن التشغيلية، حسب توصية منظمة الطيران الدولية التي يجب تنفيذها بحذافيرها..وليس من العدل أن ننظر إلى هذه القضية بأنها قضية تخص مصير العاملين فقط، بحيث نرفض القرار المرتقب أو نقبل..فالقضية شائكة للغاية، وأي حل يطرق باب العقول بمثابة (أحلاهما مر)..أي، نعم للتضامن مع العاملين والتوجس على مستقبلهم وأحوال أسرهم في حال التشريد، ولكن ماذا عن ترهل يبلغ حجمه (4.900 عامل)، بمرفق حكومي تشغيله بحاجة إلى (1.900 عامل فقط لاغير).؟..لذلك قلت إن المعادلة صعبة والقضية شائكة..فالحلم بأجهزة دولة رشيقة وفاعلة يصطدم بمثل هذا الترهل وبالتوجس على مصير العاملين، وما يحدث بالطيران المدني خير نموذج..(24 ترزياً)، على سبيل المثال، لم تعد وظائفهم مواكبة لتطور الحياة وخدمتها المدنية، إذ شركة بطرف السوق صارت تؤدي مهام هؤلاء برشاقة وجودة وبأقل تكلفة ..!!
** ثم – وهذا ليس على سبيل المثال، بل حصراً – تنتهج الإدارة الحديثة وكذلك الاقتصاد الحديث في دول الدنيا والعالمين نهج (تقزيم السلطات الحكومية وتضخيم سلطات المجتمع)، ولكن نحن في السودان – نهوى أوطانا – ولن يدهشنا لو شرعت حكومتنا في تأسيس شركات لبيع الشاي والقهوة للمارة أوهيئات لبيع الفول والطعمية لطلاب المدارس، وكل هذا قد يحدث تحت شعار (تحرير الاقتصاد)..نعم، الحكومات الذكية هي التي تكتفي أجهزتها بالدور الرقابي والإشرافي وتفسح سوح الإنتاج والخدمات لشركات مجتمعها، لتبدع وتنتج..ولكن الحكومات التي من شاكلة حكومتنا هذه هي التي تكبل شركات مجتمعها بقيود الضرائب والأتاوات وكل أنواع الحرب، وتتمدد هي بأجهزتها الكسولة على سوح الإنتاج والخدمات، ليكون الحصاد دائماً (الاحتكار والترهل والفساد وتردي الخدمة)..!!
** هيئة طيران قوامها (4.900 عامل)، ومع ذلك – أو الأصح لذلك – الطائرات العاملة تحت رقابتها هي الأكثر سقوطاً..فالمظهر يكفي لمعرفة الجوهر، وإذا كان المظهر متخماً بالوظائف التي هي من صميم واجب شركات المجتمع، فليس في الأمر عجب بأن يتغول الدور الخدمي والتشغيلي على الدور الرقابي، ويحدث ما يحدث من (سقوط أو هبوط اضطراري)..لقد تأخر فصل الرقابة عن الخدمات والتشغيل كثيراً، وما كان يجب – من أساسو – أن تكون بالهيئة كل تلك الفيالق..الشركات هي التي نهضت بكل خدمات المجتمعات التي من حولنا، وليس العقل الحكومي الذي يبدأ يومه بمحاسبة (الطباخ)، ويختمه بتحفيز (الفراش)، أو كما حال السواد الأعظم من عقول سادة مرافقنا ومؤسساتنا العامة..!!
** وعليه، ليست من سوح الخدمات والتشغيل بمطارات البلاد فقط، بل علينا تشجيع خروج السلطات الحكومية من كل الأسواق وكل الخدمات، ونكتفي بالأدوار الرقابية والتنسيقية، بحيث تحل محلها الشركات في أسواق المجتمع وخدماته.. نعم، الشركات هي تتقن تطوير الخدمات، وطفرة خدمات الاتصالات خير دليل على ذلك، وكذلك طفرة خدمات الكهرباء تشهد بذلك، وما هذه وتلك إلا إحدى ثمار تقزم السلطة الحكومية لحد (الإشراف والرقابة).. ولذلك، أي لأن الغاية هي التطوير والتحديث والمواكبة، نعض مع العاملين في الطيران بالنواجذ على (حقوقهم)، بحيث لايُظلموا..وليس هناك ما يمنع استيعاب ذوي الكفاءة في شركات الخدمات والتشغيل بالمطارات، وفي هذا فليتنافس المتنافسون..!!

إليكم – السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]