الاقتصاد السوداني وردود الأفعال المتأخرة
كثير من المشاكل والعقبات حاقت بالاقتصاد السوداني منذ زمن طويل وهذا أمر طبيعي، فكل اقتصاد له فترة ينتعش فيها وتقارب عوامل الاستقرار فيه على الكمال، وفي ذات الوقت قد تصيبه بعض الأعراض المرضية فتصيب جسده بالهزال والضعف مما يحدث تشوهات وتقرحات تستدعي العلاج السريع وقبل العلاج تستعجل ردود الأفعال المناسبة للحدث المناسب، وهذا ما لا يحدث عادة عند ولاة أمرنا الاقتصاديين فأقوى الأزمات التي اهتزت لها اقتصاديات العالم الكبرى كانت من وجهة نظرهم مشكلات لا تستوقف الانتباهة ويتبارون في التقليل من شأنها..
على سبيل المثال وليس الحصر الأزمة المالية العالمية التي زلزلت عرش اقتصاد الولايات المتحدة الأمريكية وجعلت أشهر مؤسساتها المالية تعلن إفلاسها على أثر مضارباتها في القطاعات غير الحقيقية أو ما يعرف بـ(التوريق)..
وقد اعترفت الحكومة الأمريكية باهتزاز عرشها المالي وصرحت لوسائل إعلامها عن الأزمة، عكس ما فعله أهل الشأن الاقتصادي هنا، الذين قللوا من شأن الأزمة وقدموا أسبابهم وأسهبوا في الشرح بعدم إمكانية تأثيرها على الاقتصاد السوداني.. إلا أنه وبمجرد انخفاض أسعار النفط العالمية وهبوطها إلى أدنى مستوياتها أصيب الاقتصاد السوداني في مقتل..
الأزمة العالمية ليست هي المشكل الوحيد الذي قلل المسؤولون من حجمه وتأثر به الاقتصاد أيما تأثر؛ لتكمن المعضلة ليس في تكرار الأزمات ولكن في طريقة التعامل معها وتشابه ردود الأفعال عليها.. آخر الأزمات الاقتصادية ما أعلن مؤخرا عن توقف للتعامل المصرفي بين السعودية والسودان بسبب ضغوط اقتصادية من قبل الولايات الأمريكية على السودان وظروف سياسية أخرى تتعلق بعلاقات السودان الخارجية.
ما يدهش في التعامل الحكومي مع الحدث هو التقليل من شأن الحدث واعتباره أمرا طبيعيا دون الأخذ في الاعتبار مآلاته الخطيرة على الاقتصاد الواهن أصلا والذي يعاني ما يعاني من عقبات..
كان حريا بالدولة ممثلة في مؤسساتها الاقتصادية أن تجلس فور سماعها القرار لتشرح تأثيره على الاقتصاد وتملك الرأي العام المعلومة كاملة ولا تتوارى خلف بيان يغيب أكثر مما يكشف المعلومة ليتضح أن (كثرة التكرار لا تعمل على تعليم الشطار) بل تجعلهم ينتهجون ذات النهج في كل مرة..
صحيفة اليوم التالي
نازك شمام
ت.إ[/JUSTIFY]