تحقيقات وتقارير

واشنطون والخرطوم.. سيناريوهات مفتوحة

[JUSTIFY]في الوقت الذي انهارت فيه مفاوضات (أديس أبابا) ووصل فيه طرفا التفاوض (الحركة الشعبية قطاع الشمال والحكومة السودانية) إلى طريق مسدود، إلى جانب التصعيد العسكري من قبل الحركات المسلحة الدارفورية، ومع ارتفاع سخونة الجو في الخرطوم اتجهت بلاد (العم سام) لممارسة عادتها المألوفة تجاه السودان واتخذت خطوة ربما كانت تكتيكية لها ما بعدها.

منذ نحو عقدين ونصف من الزمان وعلاقات واشنطون والخرطوم تراوح مكانها، مع توتر من وقت لآخر، فيما ظلت الشكوك تعتمل في سماء المشهد بين العاصمتين طوال هذه المدة.

مؤخراً، وفي إطار الضغوط التي تمارسها واشنطون تجاه السودان قالت وزارة الخارجية الأمريكية في تقريرها السنوي عن أوضاع حقوق الإنسان والحريات الدينية والإتجار بالبشر في العالم الذي أصدرته في نهايات فبراير الماضي، إن أوضاع حقوق الإنسان والحريات العامة في السودان غير مرضية، وأشار تقريرها إلى ممارسة عمليات الاتجار بالبشر في السودان. وتناول التقرير أوضاع السجون السودانية ومراكز الاعتقال والاحتجاز وأورد ادعاءات بأصناف من الإساءات تمارس ضد المعتقلين، وأشار إلى عنف وتمييز ضد المرأة السودانية.

الخارجية السودانية انتقدت التقرير الأمريكي بشأن أوضاع حقوق الإنسان في البلاد ووصفته بأنه مفتقر للمهنية بعيدا عن الموضوعية ومجاف للحقيقة، وقالت في بيان صادر عنها إن التقرير اعتمد على مصادر مجهولة وإنه يريد أن يلوي عنق الحقائق لتتسق مع موقف سياسي ثابت ضد السودان ظل مستمرا لعقدين من الزمان، وأعربت الخارجية عن أسفها على المنهج المعيب في مثل هذه التقارير التي درجت الإدارة الأمريكية عبر مؤسساتها المختلفة على إصدارها، وأكدت أن السودان أصدر قانونا يحرم الإتجار بالبشر وصلت العقوبة فيه للإعدام.

الخارجية السودانية مضت في انتقادها لسياسة أوباما تجاه السودان ووصفت العقوبات الأحادية الأمريكية بأنها شكل من أشكال العقوبة الجماعية لأسباب غير مبررة وغير موضوعية، وقالت إنه لا يعقل أن تعبر الولايات المتحدة عن الحرص علي حقوق الإنسان في السودان وهي تنتهكها كل يوم عبر استخدام سلاح العقوبات الجائرة، وشككت في مصداقية تقارير بعثة الأمم المتحدة العاملة في السودان وغيرها من المنظمات الدولية الأخرى والتي تعتمد عليها الخارجية الأمريكية في تقاريرها.

حسناً، بين تقرير ونفيه تمضي الأوضاع بين الخرطوم وواشنطون.. لكن يبدو أن ارتفاع وتيرة الاهتمام الدولي بالمسألة السودانية يظهر على السطح من خلال التحذيرات التي أطلقتها الولايات المتحدة الأمريكية مؤخراً من تدهور الأوضاع الأمنية والإنسانية في مناطق النزاعات في كل من (دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق).. التحذيرات الأمريكية تجيء عطفاً على عمليات عنف في بعض المناطق، وتصاعد العدائيات.

الواقع الماثل يؤكد أن موقف الخارجية الأمريكية يعبر عن جهود الصقور الأمريكية الداعمة لعدم التقارب مع الخرطوم.. غلبة الصقور داخل إدارة أوباما في ما يتعلق بالسياسة تجاه السودان جعلها تمضي في ذات الوتيرة في كل معاركها، وعلى الرغم من إيفاء السودان بالكثير من مطلوبات الأمريكية للتطبيع، بيد أنه وفقاً للتصنيف الأمريكي ما زال بعيداً كل البعد عن متطلباته المتمثلة في (الديمقراطية وحقوق الإنسان والحريات والحكم الراشد وإيقاف الحروب)، وأنّ السودان ما زال بحاجة إلى بذل مزيد من الجهد لترسيخ تلك القيم.

صحيفة اليوم التالي
عبدالرحمن العاجب
ت.إ[/JUSTIFY]