الطاهر ساتي

المواطن … (قاسماً مشتركاً) ..!!


المواطن … (قاسماً مشتركاً) ..!!
** بالعقل – وليس بالتهريج – تمضي القيادة الراشدة برعيتها إلى بعض غاياتها..وعندما تصل بها إلى تلك الغايات، يمكنها – بذات العقل – أن تواصل المضى بها إلى غايات أخرى، أسمى .. فالأمم الناهضة لم تشكل نهضتها بالخُطب والتنطع، ولكن بالعمل ونقاء التفكير.. وعلي منيب، القيادي المعروف بشرق السودان، كان ولايزال معارضاً للحزب الحاكم ..إلتحق بمؤتمر البجا، وحين تصالح هذا مع المؤتمر الوطني، غادره إلى الحركة الشعبية، ثم غادرها إلى قطاع الشمال بعد إنفصال الجنوب، ولايزال يؤمن ويبشر بأفكار السودان الجديد، وهذا ليس مهماً..المهم، إختيار الباعة والصيادين لعلي منيب رئيساً للجنة أسواق السمك بالبحر الأحمر كان صادماً للسلطات هناك، ومع ذلك إمتثلت تلك السلطات لرغبة الباعة ثم إعتمدت إختيارهم.. بعد شكرهم، تنازل منيب عن رئاسة اللجنة إلى آخر يكبره سناً وأقدم منه عملاً في مجال الصيد والبيع، وإرتضى – طوعاً وإختياراً – بأن يكون نائباً لهذا الخبير .. ولايزال منيب يعمل لمجتمعه ويعارض حكومتهم ، وليس في الأمر عجباً، ولم تغرب الشمس من جهة الشروق ..!!

** بالبحر الأحمر ( 823 قارب صيد ).. تم إستجلاب مايكناتها من اليابان، ثم تم تصنيع هيكلها بواسطة شركة مصرية ببورتسودان، ثم تم تمليكها للصيادين، بعد أن تم تجهيزها بكل أجهزة ومعدات السلامة والصيد، وكذلك بعد تزويدها بالثلاجات ..عفوا، قبل التمليك، تم تصنيف الصائدين إلى فئتين، فئة تملك قدرة الشراء المباشر عبر التقسيط المريح، خمس سنوات، وقيمة القارب (30 ألف جنيه)، وليس على مالك القارب غير دفع القسط الشهري للمصرف عبر اللجنة وإتحادهم.. وفئة أخرى لاتملك قدرة الشراء حتى بالتقسيط المريح، فتدخلت حكومة الولاية وتحملت عنها مشاق الدفع، فأمتلك تلك الفئة القوارب .. وعندما تم دفع القوارب إلى البحر، إكتشف الأهل والحياة بأن كل قارب من تلك القوراب(823)، وظف ما لايقل عن ( 3 أفراد من مجتمع البحر الأحمر) في مهنة الصيد، ومتوسط دخل الفرد منهم (200/ 300 جنيه)، يومياً..!!

** هذا الصيد الغزير بحاجة إلى تسويق، وإلا فالكساد قد يعيد الآلاف إلى عالم الفقر والتعثر .. حسناً، أسواق السمك بالبحر الأحمر أضحت من معالم المدائن والأرياف.. بتمويل المصارف، ودعم الحكومة، على سبيل المثال، بعاصمة الولاية وحدها (52 محلاً تجارياً)، تواجه البحر مباشرة .. وبمواصفة حديثة شملت كل وسائل النظافة والتنظيم، ويعمل بكل محل (3 أفراد من مجتمع الولاية) أي عدد العاملين في مهنة بيع السمك بهذا المكان فقط ( 156 مواطن)، وليس عليهم من كل أنواع الرسوم والجبايات غير دفع قسط شهري شهري لايتجاوز (75 جنيهاً فقط لاغير)، ليمتلكوا.. وبقرب كل محل بيع، محل آخر لتنظيف السمك، ومسمى بال(قشارة)، وذلك لحفاظ على نظافة محلات البيع، وعددها ( 39 قشارة)، ويعمل بكل محل قشارة (عاملين)، أي عدد العاملين في مهنة القشارة بهذا المكان فقط ( 78 عامل)، ولايدفع العامل منهم من كل أنواع الرسوم والجبايات غير قسط شهري لايتجاوز (50 جنيها)، ليمتلك ..!!

** ندع الفنادق والمطاعم والأسواق التي تمدها تلك المحلات بالأسماك على طول مدائن الولاية وعرض أريافها، فليتخيلها القارئ ..ومع ذلك، تدرس لجنة تطوير أسواق السمك ، في إطار خطة العام 2013، عن إمكانية مد أسواق الخرطوم داخلياً، وأسواق دبي خارجياً، بانتاجها المرتقب حين يتضاعف (حجم القوارب)، حسب خطة حكومة الولاية وديوان الزكاة، لهذا العام .. فالبحر على موعد مع ( 1000 قارب)، بجانب تلك (823 ).. فالتجارب الفردية التي سوقت لبعض فنادق دبي، نجحت .. وكذلك التجارب الفردية التي تسوق لبعض أسواق الخرطوم، لاتزال ناجحة ..ومن هذا النجاح وذاك، تستلهم (خطة العام 2013) روحها، بحيث تكون (التجربة عامة)..ولايزال علي منيب – القيادي المعارض، ونائب رئيس لجنة أسواق السمك – يصلي الفجر مع الباعة والصيادين سائلاً إياهم عن المطلوب للمزيد من الإنتاج.. وعليه، السؤال الرابع، للولاة طبعاً، بعد التأمل في طرائق التفكير التي تم بها توفير فرص العمل لكل ذاك الحجم – المذكور أعلاه – من المواطنين : كيف نجح نهج حكومة البحر الأحمر في جعل (خدمة المواطن) قاسماً مشتركا بين الحاكم والمعارض، بلا إقصاء أو ( تخوين ) ..؟؟

إليكم – السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]