عبد اللطيف البوني

دون التشاؤل


[JUSTIFY]
دون التشاؤل

(1)
لا أدري ان كان في مصطلحات الاعلام مايسمى بالخبر البائر ولكن لا بأس من محاولة ايجاده لأن الحال استدعى ذلك فالسلعة توصف بأنها بائرة عندما تكون معروضة بكميات كبيرة ولا يقترب منها الزبائن مهما انخفضت اسعارها فيبدو لي ان اللقاءات التي تجمع بين ساسة السودان وجنوب السودان وعلى كافة المستويات تدخل في عداد الاخبار البائرة لأنها اضحت لا تثير الحد الادنى من الدهشة لكثرتها ولمعرفة مجرياتها ثم معرفة نتائجها والأهم معرفة عدم تطبيقها على ارض الواقع مهما كان المخبر والمظهر الذي ظهرت به ويكفي انه حتى “نيفاشا” ست الاسم لم تطبق كما وضعت بدليل أننا ندفع اليوم فاتورة عدم تطبيقها كاملة.
(2)
الشاعر والاديب الفلسطيني امييل حبيبي لديه مسرحية اسمها المتشائل ويقول حبيبي ان نجر مصطلح المتشائل للجمع بين التفاؤل والتشاؤم فالمتشائل هو الذي يجمع في موقفه بين التشاؤم والتفاؤل واي محادثات في الدنيا لا بد من ان يكون فيها قدرا من التفاؤل مهما كان قليلا الا لما كان هناك داع لها، ولكن للأسف اي محادثات بين السودان وجنوب السودان من يبحث عن التفاؤل فهو يبحث عن ابرة خيط في كومة دفيس فمنذ ان تسلم زمام الشمال المؤتمر الوطني وبمسمياته السابقة واستلمت الحركة الشعبية الجنوب ظل التفاوض بينهما يتم بضغوط خارجية ويجلسان حول طاولة التفاوض وكلاهما يتمنى ان يغمض عينيه ثم يفتحهما ولا يجد الآخر موجودا في الدنيا.
(3)
الثقة منعدمة بين الطرفين وهذا لا يحتاج لنظارة نظر كما ان بعد الشقة في الموقف من قضايا التفاوض لا يحتاج لدرس عصر، ولعل آخر محطة في هذا الموضوع هو انه اصبح تمرير النفط مقابل فك الارتباط، فالجنوب يريد ان يمر نفطه للخارج عبر الأنبوب القديم الموجود في السودان وبالسعر المتفق عليه، بينما يريد السودان ان يفك الجنوب ارتباطه بالحركة الشعبية المسلحة في الشمال، وكان يمكن ان يتم ذلك بتفاوض بين قطاع الشمال وحكومة السودان، وبتسهيل من حكومة الجنوب، ولكن هناك أبيي وما أدراك ما أبيي فقد اصبح الاستفتاء مقابل التقسيم فالجنوب تمسك بالاستفتاء الذي يستثني المسيرية على حسب مشروع امبيكي الذي تبناه مجلس السلم والامن الافريقي والذي سيرفع لمجلس الامن على حسب منطوق قرار مجلس الامن 2046 بينما السودان اصبح اميل إلى تقسيم ابيي كما اقترحته روسيا. فإذن اصبحت الحكاية ثلاثية وقدها رباعي.
(4)
التشاؤل القائم ينحدر إلى التشاؤم لأن المؤثرات لم تعد القضايا العالقة بين البلدين ولا قصة الكراهية القديمة بين الطرفين الحاكمين إنما التطورات داخل البلدين والتطورات في الاقليم والعالم اجمع فموازين قوة التفاوض تتأثر بأي مظاهرة في الخرطوم او جوبا تتأثر بمظاهرة مع او ضد مرسي في القاهرة تتإثر بمظاهرات المسلمين في اثيوبيا مطالبين بمزيد من الحقوق المدنية، تتأثر بتولي سوازن رايس او جون كيري لحقيبة الخارجية الامريكية. اها,,, وبعدين معاكما يا “سودانَي الجن”؟.

[/JUSTIFY]

حاطب ليل- السوداني
[email] aalbony@yahoo.com[/email]