الطاهر ساتي

‫(قانون السمسرة) .. !!

‫(قانون السمسرة) .. !!
** كما قلت، لم يعد هناك عاقلاً- في طول الدنيا وعرضها – يناصر إحتكار الحكومات لأسواق التجارة والصناعة والزراعة.. إذ تلك أسواق يجب أن تمتلكها وتديرها المجتمعات والشعوب عبر شركاتها ذات الكفاءة ..والشركات – وليست القبضة الحكومية – هي التي نهضت باقتصاد الدول العظمى، وهي التى تنعش حياة الشعوب التي من حولنا في هذا العالم الأخير الملقب بالعالم الثالث..وسلطة الأنظمة الراشدة – في أزمنة الإدارة الحديثة هذه – لم تعد تتجاوز سلطة إحتكار السلاح والقانون والرقابة ..!!

** ولكن هنا – في بلد المحن والغرائب – السلاح غير محتكر رسمياً ولا القانون والرقابة، بدليل أن أصواتاً بالبرلمان لاتزال تقترح جمع السلاح – من الأهل بجنوب كردفان – بمقابل مالي .. وإذا نجحت التجربة، بالتأكيد سوف يتم نقلها إلى دارفور والنيل الأزرق..إذ هناك أيضاً، وهي تقريباً نصف البلد (السلاح غير محتكر رسمياً، ولا القانون والرقابة)، أي كما السكر والدقيق و( أخيراً الذهب)..هكذا نهج الولاة هنا، يحتكرون ما يجب تحريره ثم يحررون ما يجب إحتكاره.. ولذلك، إنتشرت الأسلحة وقوانين الغابة في مجتمعاتنا، بيد أن المخازن الرسمية مكدسة بالسكر والذهب والدقيق وبصات الوالي وغيرها من (النشاط الإقتصادي للمجتمع) .. !!

** على كل، المبدأ العام مع تحرير أسواق التجارة والصناعة والزراعة من القبضة الحكومية ونفوذ مراكز قواها الفاسدة.. وذلك بأن تحل شركات المجتمعات والشعوب محل الحكومة..ولذلك، ( نعم للتخلص من كل الشركات والمصانع والهيئات الحكومية).. بل، نتطرف في تلك القناعة ونقترح لمن يهمهم الأمر التفكير في عرض وترويج البرلمان أيضاً، بحيث يتكفل صاحب العطاء الفائز براتب وحافز النواب مقابل الإستفادة من الموقع المتميز المقابل النيل..فالموقع يصلح منتجعاً سياحياً زاهياً، ومنتجعاً يستفيد منه الوطن والمواطن ( قرشين حلوين) خير من برلمان كما كاتب السلطان عبد الحميد يكتب ويختم – بالإجماع السكوتي – ما يُملى عليه .. !!

** المهم، نعم للتحرير، ولكن بنزاهة وشفافية وفي (الهواء الطلق)..وليس كما يلي نصاً : ( السيد رئيس لجنة التخلص من الفائض/ المحترم ..السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. بالإشارة الى المفاهمة مع شركة أكسون للأنشطة المتعددة، أبدينا اليهم رغبتنا في الإستثمار في السودان في كافة المشاريع الاستراتيجية بالتمويل أو بالشراكة.. ثم تم الاتفاق بيننا على الدخول في شراكة استراتيجية مع حكومة السودان في مصانع السكر المعروضة للبيع الآن، وهي : مصنع سكر الجنيد، مصنع سكر سنار، مصنع سكر حلفا..عليه نأمل التكرم بتعميد من يلزم بمدنا بالدراسات التفصيلية والتقييم للمصانع المذكورة عبر ممثلنا شركة أكسون، حتى يتثنى لنا دراستها والرد عليها، سائلين المولى عز وجل التوفيق والسداد ..صاحب السمو الملكي الأمير بندر بن خالد بن عبد العزيز آل سعود/ المكتب الخاص ..30/ 11/1433 هجرية)..!!

** تلك وثيقة تكشف أن اللجنة الفنية للتصرف في المرافق قطاع العام – وليست لجنة التخلص من الفائض كما جاء في نص الخطاب – قطعت شوطاً طويلاً في عرض وتسويق تلك المصانع.. بل وصلت إلى مرحلة (التقييم).. وكل هذا حدث ويحدث خلف ستار المسماة بأجهزة الدولة الرقابية، وبغير علم الجهة الوحيدة التي تمتلك حق الوصول بتلك المصانع الى تلك المرحلة، وهى اللجنة العليا ( وزير المالية، وزير العدل، المراجع العام، وزير الصناعة).. ليس هذا فحسب، بل تصرفت اللجنة الفنية بهذا العرض والتسويق و(المفاهمة)، قبل أن يصدر القرار الرئاسي الأخير و الذي لم يشمل مصنع سكر الجنيد..!!

** ثم، وهنا أس البلاء، كيف – ومتى – تم إختيار تلك الشركة الوارد ذكرها في نص الخطاب ناطقة باسم الوطن والمواطن، بحيث تحتكر عرض وتسويق مصانع الوطن والمواطن للأمراء، قبل طرح العطاء ؟.. بل، السؤال المريب جداً : كيف عرفت تلك الشركة برغبة الحكومة في بيع تلك المصانع – قبل القرار الرئاسي – بحيث تعرضها لشركات الخليج، قبل قرار البيع بثلاثة أشهر ؟.. و..و…و..عذراً، ما يحدث ليس تحريراً للإقتصاد بالمعنى الشامل لمصطلح التحرير، بل ( سمسرة) .. وعليه، نقترح للغائب الملقب بالبرلمان سحب قانون التصرف في مرافق القطاع العام، ثم إعداد وإجازة ( قانون السمسرة).. نعم، فليكن فساد المفسدين بالقانون..وهكذا لن نستنكر ما يحدث لهذه المصانع، وغيرها.. بل، لن نستنكر ما يحدث لهذا ( الوطن المنكوب) ..!!‬

إليكم – السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]