هي ليست فأر تجارب

[JUSTIFY]
هي ليست فأر تجارب
صار 25 نوفمبر من كل عام مخصصا للقضاء على العنف ضد النساء، وهي ظاهرة مستفحلة في مجتمعاتنا، وبالتزامن مع تلك المناسبة أعلن الشيخ عبدالرحمن شيبان رئيس جمعية العلماء المسلمين في الجزائر قبل نحو أربعة أعوام، أن هناك دراسات تؤكد ان المرأة تتلذذ بتلقي الضربات من الزوج! ماذا؟ هل تتغير تركيبة المرأة الجينية والنفسية والعضوية بعد الزواج؟ يعني بعد الزواج تتلذذ بالضرب وقبله «لا»، ومن المؤكد أن نفس الزوجة التي قال شيخنا شيبان إنها تتلذذ بتلقي الضربات من الزوج، كانت بالتأكيد تتألم وتتعذب عند تلقي الضربات (قبل الزواج) من الأب او الأم أو الأخ، فما الذي يستجد في تكوينها العام حتى تستمتع بأن تكون مضروبة بعد الزواج؟
وبإمكان المراقب العادي غير الدارس للطب النفسي ان يدرك أن زيد او زبيدة تعاني من الماسوكية..(التلذذ بتعذيب الذات)، فقد تجد امرأة يمارس زوجها العنف بحقها بانتظام ولا تجد سبيلا لمعاتبته عندما تكتشف ان الزوجة تستدرجه لضربها، ربما بـ«طول اللسان» وربما بالسير في الاتجاه المعاكس.. وكثيرون يعرفون طفلا أو أكثر لا يستمع إلى النصح ويقع دائما في الغلط ولديه راتب يومي من الضربات، وأولياء أمر مثل هذا الطفل الذي لا يردعه العنف، يشكون فقط من انه يعاني من «نشفان الرأس».. وقد يصفونه بأنه حمار لا يؤثر فيه الضرب مع ان الحمار مثل كل الكائنات ذات الروح تتألم من الضرب.. ويفوت عليهم أن الشخص الذي يكرر الوقوع في الخطأ الذي يعود عليه بالعقاب المتكرر شخص غير طبيعي وغير سوي.. وهناك نوع من الماسوكية يتمثل في أن يكون الشخص الذي يعاني منها عرضة للشتائم ومجالس التأديب ولكنه لا يرعوي بل قد يتعمد إتيان السلوك او الكلام الذي يرتد عليه شتائم مقذعة وعقوبات قاسية.
لا يا شيخ شيبان، فالمرأة السوية لا تتلذذ بضربات الزوج، والرجل السوي لا يضطر أبدا الى ضرب زوجته أو حتى قطة الجيران التي «تقلب صينية الشاي».. باختصار فالإنسان السوي الطبيعي لا يلجأ الى العنف إلا دفاعا عن النفس والعرض والأرض والعقيدة مع من يبدؤون بالعدوان.. والمرأة ليست «كائنا» ذا تكوين يختلف عن الرجل في المشاعر والأحاسيس حتى تخرج حوله «النظريات» المختبرية.. ولي سؤال للذين يجاهرون بالقول بأن المرأة «ما تجي إلا بالضرب»: ما شعورك لو رأيت أباك يضرب أمك المرة تلو الأخرى؟ ما موقفك من زوج بنتك الذي يضطرها ان تلجأ إليك عدة مرات وهي مصابة بالكدمات والأورام؟
من التجارب الفريدة التي مررت بها في حياتي المهنية أنني عملت مدرسا بمدارس البنات الثانوية في السودان لنحو أربع سنوات… ولا أذكر قط ان طالبة اضطرتني إلى معاقبتها بأكثر من الزجر والتأنيب.. وهناك طالبات كنت أندم على تأنيبهن لأنهن شديدات الحساسية ويتألمن من التأنيب الشفهي أكثر من تألم الطلاب الذكور من الضرب.. وقضيت حياتي المهنية كلها في بيئات مختلطة واستطيع ان أقول بضمير مستريح ان النساء أكثر تهذيبا و«حنيَّة» من الرجال.. ولو أخطأت الواحدة منهن فقد تكفي بضع كلمات لردعها وردها إلى جادة الصواب.. والشاهد هو إن استخدام الضرب كوسيلة للعقاب العائلي دليل ضعف ومرض،.. نعم هناك ظروف قد يجدي فيها ضرب الأطفال، ولكن ليس بطريقة هوجاء، كما يفعل بعض الآباء الذين يضربون عيالهم بالشلوت والنبوت والبوت.. أما الرجل الذي يضرب زوجته بعنف حتى تستغيث أو تلجأ إلى المستشفى ففي تقديري «مش راجل».. وأتذكر هنا طرفة سمع بها الكثيرون عن تلك المرأة التي كان زوجها ينهال عليها ضربا فمر به صاحبه وقال له ما معناه إن المرأة يتم ضربها بامرأة (زوجة) أخرى، ويبدو ان الزوج الهائج لم يسمع كلام صاحبه جيدا فسأله: قلت شنو؟ فصاحت المرأة: قال لك واصل الضرب.
[/SIZE][/JUSTIFY]

جعفر عباس
[email]jafabbas19@gmail.com[/email]

Exit mobile version