جعفر عباس

‫أبشروا وتفولوا وتبوشوا


[JUSTIFY]
‫أبشروا وتفولوا وتبوشوا
التقيت في الخرطوم في نوفمبر المنصرم بالصديق وزميل الدراسة البروفسر مصطفى عبد الله محمد صالح، فقد تعارفنا في وطننا الثاني كوستي وتزاملنا في جامعة الخرطوم، وسألته عن اكتشافه الذي سبق أن كتبت عنه وهو أن أهل السودان أقل أهل الأرض تعرضا لمرض الصرع، لأنهم أكثر أهل الأرض استهلاكا للفول، وأخبرني أن التحاليل المختبرية أثبتت أن الفول يحتوي على عناصر توفر الوقاية من الصرع وأنه وبالتنسيق مع باحث صيدلاني سوداني مقيم في كندا اسمه أمير طه يعملان على توفير التمويل لاستخلاص تلك العناصر وتحويلها الى جرعات علاجية أو وقائية، ثم حدثني طويلا عن مزايا الفول الغذائية والعلاجية، ودعاني الى الاطلاع على الأبحاث الفولية التي قام بها معهد التقنية الحيوية للنبات في كندا والمعهد الوطني للصحة National Institute of Health أيضا في كندا وما كتبه باحثان هما هيذر راي وفوزي جرجس في مجال التغزل العلمي بالفول
المهم يا جماعة الفراعنة كانوا يعرفون مزايا الفول ولهذا كانوا يدفنونه مع العدس والثوم قرب رؤوس ملوكهم الموتى ليكون أول ما يتذوقونه عندما يبعثون مجددا حسب اعتقاداتهم والفول غني بالبروتين والكربوهيدرات والألياف (ولهذا يفك الإمساك) والفيتامينات (خاصة ب 6) والحديد والمغنيسيوم والزنك والنحاس والسيلينيوم ومضادات الأكسدة (وهي التي تتولى التصدي لما يسمى بال free radicals أي الجزيئات الحرة التي تسبب بعض السرطانات)، ويحتوي الفول على مادة لكتين lectin وهي بروتين نباتي يقاوم الخلايا السرطانية في القولون والمستقيم، colorectal cancer لأنه عسير الهضم ولهذا يبقى نشطا في القولون
والفول معروف منذ آلاف السنين في عدد من القارات ويسميه الإنجليز broad beans وأحيانا horse beans يعني بتاع الحصين/ الخيل، وأحيانا fava beans وقد ثبت على نحو قاطع أن الفول يحتوي مادة L-dopa وهي أهم عنصر لمنع الشلل الرعاش (باركنسون) من “التطور/التدهور”، لأنها تقوم بتوليد الدوبامين وهو عنصر كيمائي عضوي يتولى في الدماغ مسؤولية تنشيط الإدراك والذاكرة والتحفيز والتعليم (يعني استنتاجاتي القديمة بان سبب بلادتي في الرياضيات هو إدماني للفول طلعت فشوش).
البشارة الكبيرة هي أن الماء الذي يتبقى عن طبخ الفول أعلى قيمة من الفول ذات نفسه، لأن فيه خلاصة كل العناصر الطيبة التي في الفول، وبالتالي فصحن “البوش” كنز غذائي، ولكن فقط إذا ضمنت أن صاحب المطعم لا “يديها كوز موية” من حين لآخر فيصبح ذلك الماء قليل الفائدة، وأبشر أهلي في الشمالية بأن الفول الأخضر أعلى قيمة من الفول الجاف
وأعجب ما قرأته عن الفول في المصادر العلمية وسمعته من بروفسر مصطفى هو أن الفول يساعد من يأكله على الاسترخاء، ولهذا اتهمناه بأنه يحوي مواد منومة فظهرت مقولة “الفول أفيون الشعوب النائمة/النامية”.. سبحان الله لم أسمع سودانيا يتذمر من أكل الفول بل لعلنا الشعب الوحيد على وجه الأرض الذي ابتكر الفول “المصلَّح” بإضافة عناصر أخرى إليه، ثم يثبت العلم أن طعام الفقراء هذا كنز غذائي وصحي.. اللهم أدمها نعمة واحفظها من الزوال.. واللهم لا تجعل مسؤولي الجبايات في بلادي يقرأون هذا الكلام ف”يخصخصون” الفول، ويفرضون عليه جمارك بعد منع بيعه إلا في الصيدليات.‬

[/SIZE][/JUSTIFY]

جعفر عباس
[email]jafabbas19@gmail.com[/email]