عبد اللطيف البوني

الوالي والثعبان


[JUSTIFY]
الوالي والثعبان

الأستاذ عثمان محمد يوسف كبر، والي ولاية شمال دارفور، والذي مكث في المنصب عشر سنوات، إلى أن شبع على حد قوله بعضمة لسانه، وقد لقب بشيخ ولاة السودان.
لا شك أن هذا المكوث الطويل في ذلك المنصب الحساس لم يأتِ من فراغ، رغم أن “الكنكشة” سمة من سمات عهد الإنقاذ، إلا أن منصب الوالي فيها يصعب البقاء فيه طويلاً، لأنه مرتبط بتوزيعات القوى على المستوى المحلي، والإنقاذ قدرتها على السيطرة الاتحادية اكبر بكثير من المستويات المحلية بدليل كثرة التفلتات والصراعات المحلية.
قد تكون للأستاذ كبر إنجازات كبيرة في ولايته جعلت المواطن هناك ومتخذ القرار في الخرطوم متمسك به، رغم أن عدم الاستقرار الأمني يصعب معه أي إنجاز في دارفور قاطبة. الأمر المؤكد أن السيد كبر له قدرات قيادية، فهو يجيد تقديم نفسه للجمهور، ويبدو أن بابه مفتوح لأي وسيط إعلامي فلا تمضي يوما أو يومين إلا وتجده متربعا على شاشة من الشاشات وبصوت طلق ولسان مبين وأفكار مرتبة. حتى في مباراة الهلال/ مريخ الفاشر كان جاذبا للكاميرا. استطاع تجاوز سوق المواسير، كما استطاع السير فوق الانفراطات الأمنية الكثيرة في محلياته، ولعل اخطرها وآخرها مأساة جبل عامر، ويبدو أنه لعب بطريقة دفاع المنطقة مع السُلطة الإقليمية بقيادة التيجاني السيسى، كما ظهر في تصريحات الأخير تلميحا وأبو قردة تصريحا.
في حواره مع الأستاذ يوسف دوكة نشرته صحيفة “السوداني” يوم الاثنين الماضي كشف الوالي عن قدرات غير منظورة ربما تكون قد ساعدته على البقاء الطويل في السلطة، إذ سأله يوسف عن صحة القول: “بأن لي عصي كثيرة، لكل عصاة وظيفة معينة”، فأجاب السيد كبر بالقول: “إن هذه خرافات ليس له بها علاقة”، ولكنه في نفس الحوار عاد وقال: “إن السحر والدجل موجود”.
وعندما سأله يوسف عن صحة الحديث أنه في كثير من الأحيان يجد في جيبه ثعبانا، فأجاب قائلا: “أحيانا عندما اضع يدي داخل جيبي اجد ثعبانا هذه حقيقة- وهذه الأفعال من آخرين، ولا تخيفني على الإطلاق، ومثلما سيدنا موسى ابطل مفعول السحرة، يوجد آخرون يبطلون مفعول السحر”. (انتهى).
عليه يتضح لنا أن سيادته مواجه بالهجمات المسلحة من الحركات التي تحمل السلاح، وبالتفلتات الأمنية في محلياته، والحروبات القبلية، وقضايا المعسكرات، وقوات اليوناميد، والمعارضة المدنية، والسلطة الإقليمية، وربما معارضة من داخل حزبه، بالإضافة لكل ذلك فهناك حرب السحرة عليه، وهؤلاء الآخرون أكد انتصاره عليهم، لأن الثعابين لم تخفه، وانه مثلما سيدنا موسى ابطل مفعول السحر، فهناك آخرون لهم نفس القدرة، ولكن سيادته لم يكشف لنا عمَّا إذا كان هناك سحرة يتعاملون معه أي يلعبون لصالحه في مواجهة سحرة خصومه، كما تشئ عبارة آخرون أم أنه وحده يقوم بهذا الدور كما فعل سيدنا موسى عليه السلام؟ فإذا كانت الأولى فمن أي بند يصرف عليهم؟ وإذا كانت الثانية فإنها تعني أن قدراته غير عادية أو حتى غير بشرية، وهذه قصة أخرى. نحن هنا لسنا في معرض تصديق أو تكذيب السيد الوالي، ولا نظن أن هذا الكلام جاء منه عفو الخاطر، فهو رجل حصيف يجيد التعامل مع الإعلام، ولكننا نتساءل ماهو سر هذا البوح؟ ولمن يُوجِّه سيادته مضمون هذه الرسالة؟.

[/JUSTIFY]

حاطب ليل- السوداني
[email] aalbony@yahoo.com[/email]