إنجليز يا ربي ؟
مع تطور الحياة في السودان ظهرت النخب الحديثة من تجار وكبار رجالات الخدمة العامة وهؤلاء مع الصفوة التقيليدية بشقيها القبلي والديني اصبحوا ما يمكن أن يسموا بمفاتيح المجتمع ولكن سطوة التقليديين على تابعيهم أكبر من تلك الحديثة لأن الناس في المجتمعات الحديثة لديهم استقلالية في آرائهم. الأحزاب السودانية الكبيرة سارت على درب الانجليز واكتفت بتقريب الصفوة التقليدية حيث مفاتيح الدوائر فكان كسبها للانتخابات البرلمانية عاديا.
الأحزاب الحديثة من يسار إلى يمين وإن وجدت لنفسها مكانا وسط القوى الحديثة إلا أنها لم تتمكن من مفاتيح المجتمعات خارج المدن فاعتمدت على اتحادات الطلاب ونقابات العمال وما استتبع ذلك من وسائل تعبير كالتظاهر والإضرابات والعرائض والذي منه وهنا يذكر الترابي أنه عندما ترشح في الدائرة 67 المسيد ضد حاج مضوي محمد مرشح الاتحادي في انتخابات 1968 كل شيوخ القرى والطرق الصوفية وقفت ضده إلا شيخ واحد وهو (جدنا الشيخ أحمد ود بابكر رحمه الله رحمة واسعة) ويبدو أن هذا الأمر قد أوحى للترابي بفكرة طبقت فيما بعد.
حركة الإخوان بعد أن غادرت كرسي الجماعة المعارضة وأمسكت بتلابيب الدولة فيما اصطلح عليه باسم الإنقاذ سارت على ذات النهج الانجليزي واتجهت مباشرة إلى القطاع التقليدي قبلي (مؤتمر القطاع الأهلي) وديني (مؤتمر الذكر والذاكرين) وفيما بعد نزلت في الطائفتين بتقيل يقول للحاكم العام الخواجة انت شن بتعرف وهاك يا إغداق على النخبة (الترضيات) ولكن الإنقاذ لم تراع متغيرا مهما وهو أن الصفوة او النخبة الحديثة عددها صار كبيرا وكذا طموحاتها وأصبحت معارضة للقيادات التقيلدية ومن ذات المجتمعات فحل النميري للإدارة الأهلية مهما كانت نتائجة إلا أنه أضعفها وحرك قوى أخرى لملء الفراغ ثم أصبح حمل السلاح مصدرا لإنتاج نخب وصفوات جديدة فتعاملت معها الإنقاذ بذات طريقة الرشاوي السياسية والمادية وهكذا تعمقت أزمة الحكم في البلاد.
إن ما أنفقته الإنقاذ لإرضاء النخب لو أنفقته في مشاريع التنمية والخدمات العامة لكانت قد أرضت جموعا كبيرة من المواطنين ولكانت كسبت دعما سياسيا أكبر ولكانت أضعفت تلك القيادات الطائفية والقبلية والدينية ولكانت زادت دفقة الوعي ولكانت حققت شراكة سياسية لا بأس بها ولكانت…. ولكانت…. ولكانت… ولكنها لم تفعل وكانت…. وكانت…. وكانت… ويبقى السؤال الأهم لماذا لم تفعل وسارت على خطى الانجليز؟ ببساطة لأن سياسة التمكين بدأت بالإنقاذيين أنفسهم.
حاطب ليل- السوداني
[email]aalbony@yahoo.com[/email]
ركوب الخيل لا يناسب الجميع؟ أيهما أصعب تربية الأولاد أم البنات؟ جسر الأسنان
هل تعقيم اليدين مفيد؟ الكركم والالتهابات أفضل زيوت ترطيب البشرة