جعفر عباس

عفارم يا عرب


عفارم يا عرب
[JUSTIFY] تقول دراسة أعدها خبراء عرب، ان المواطن العربي يقرأ نصف ساعة في السنة! ياااااااه، وأنا أقول ليه وليش الإنسان العربي يبدو مرهقا ومهدود الحيل ومفتقرا للهمة، ثم اكتشف ان السبب هو الإكثار من القراءة! لماذا كل هذا التعب وتحميل النفس ما لا طاقة لها به؟ ثلاثون دقيقة يا مفتري في نشاط لا طائل من ورائه؟ ألف وثمانمائة ثانية تضيع في القراءة خلال 365 يوما، أي 8760 ساعة؟ ثلاثون دقيقة تُهدر في القراءة من أصل 525600 دقيقة؟ 1800 ثانية من أصل أكثر من واحد وثلاثين مليون ونصف المليون ثانية؟ هذا هو سر تخلف ركبنا وقافلتنا، ماذا يبقى لنا من وقت بعد ان يمضي الواحد منا نصف ساعة كاملة في سنة كاملة في القراءة؟ الأمريكي يقرأ نحو احد عشر كتابا في السنة والبريطاني نحو سبعة كتب، ولكن العربي وبسبب انشغاله بالثوابت والخصوصيات والقضايا المصيرية يقرأ نحو ثلاث صفحات في السنة! (ثم يقولون ان السودانيين كسالى؟ بعض ما عندكم يا سادة!) الطامة الكبرى هي ان هؤلاء الخبراء – وبحكم أنهم عرب – قالوا ان تعاسة حظنا من القراءة سببها سوء توزيع الكتب، وضعف القدرات التسويقية وارتفاع رسوم الجمارك والضرائب وكلفة استيراد الحبر والمطابع! هذا من أخيب وأتعس ما سمعت من كلام! إنه لا يختلف كثيرا عن قول بعض الزعماء الحكماء بأن الديمقراطية لا تناسب مجتمعاتنا، (ومعنى هذا أن الدكتاتورية مطلب شعبي في العالم العربي ويفسر هذا ظاهرة الأصنام الحية والكهان الذين صاروا يطالبوننا بالعودة الى الجاهلية بعبادة تلك الأصنام) وبالمناسبة فان التقرير يتكلم عن القراءة الجادة أي قراءة الكتب، فلا تصرخ: أنا كل يوم أقرأ الجريدة في المكتب لساعة كاملة، فقد ثبت علميا أن الصحف العربية مفيدة جدا لمن يعانون من الأرق لأن لها خواص تنويمية، فلرتابة وركاكة محتويات صحفنا فإن قراءتها تصيب الإنسان بنوع حميد من المرض المعروف باسم موتور نيورون ديزيز الذي يتلف الجهاز العصبي تدريجيا، ويفضي الى الموت،.. الصحف العربية لا تقتلك بمعنى ان توصلك الى القبر، ولكنها تقتل فيك الإحساس بالفرح والخطر والحزن والسعادة، أي أنها تصيبك بالتبلد الذهني فتفقد القدرة على الانفعال والدهشة والغضب .. وهذا أمر طيب لأن الفكر او البال المشغول لا يتيح للإنسان النوم الهانئ… ونحن يا دوب نحظى بوقت كاف للنوم بعد ان نقضي نصف ساعة في القراءة في السنة الكبيسة.
أعتقد ان سبب ضعف الإقبال على القراءة هو ان مكتباتنا لا تتوفر فيها كتب تستحق القراءة! فلأن المواطن العربي قاصر ولا يعرف مصلحته، فإن هناك وصاية عليه، اقرأ هذا ولا تقرأ هذا.. ومن ثم فإن المخدرات أكثر تفشيا ورواجا في العالم العربي من الكتب، لأن رجل الجمرك العربي مصحصح ويتم تدريبه على شمشمة رائحة الكتب التي تحمل الأفكار الهدامة، وطبعا معظم الكتب (في نظر أولياء الأمر عندنا) تحمل الأفكار الهدامة، ومن ثم فإنها تصادر! والله حرام ترهقوا أنفسكم يا عرب لثلاثين دقيقة في السنة في القراءة وكثيرون منكم مطالبون بقضاء 30 يوما في السنة في بانكوك وثلاث ساعات يوميا أمام شاشات روتانا وميلودي.. وساعة تشييش.. وساعة كاملة في المكتب يوميا من باب إثبات الوجود و«تحليل» الراتب الشهري.. و3 ساعات في قطع الأرحام (أي الهروب من البيت والأقارب لقضاء الوقت مع الرفاق والربع).. والباقي نوم!.. بدلا من تضييع 30 دقيقة في القراءة سنويا خصصوا ثلاثين ثانية لقراءة الفاتحة على أرواحكم كأمة سادت ثم بادت.

جعفر عباس
[email]jafabbas19@gmail.com[/email] [/JUSTIFY]