الطاهر ساتي

خط هيثرو…( اللفة طويلة)

‫ خط هيثرو…( اللفة طويلة)
** الخبر ليس مهماً، ولكن ما وراء الخبر هو (المهم)..فلنقرأ الخبر بالنص : وزير النقل، بعد لقاء رئيس الجمهورية، يخرج للناس والصحف متحدثاً عن حدث اللقاء : لقد إطلع الرئيس على النتائج التي توصلت إليها لجنة التحقيق حول ضياع (خط هيثرو) ببريطانيا، ووجه سيادته بمحاسبة الضالعين في ضياع (خط هيثرو)، وإرجاع الخط ..هكذا الخبر، وأن تلتلقي رئاسة الجمهورية – رئيساً ونائباً أول ونائباً ومساعداً – بالوزراء لتناقشهم على برامجهم ومشاريعهم ولتطلع على ما تم تنفيذها من تلك البرامج والمشاريع وما لم يتم، فهذا عمل روتيني وليس فيه عجب أو مايدهش الناس والصحف بحيث يكون (حدثاً وخبراً)..!!

** ولكن المهم – أي المدهش لحد إدهاش الدهشة ذاتها- هو أن ينتظر وزير النقل توجيهاً رئاسياً يوجهه بمحاسبة من أسماهم بالضالعين في ضياع (خط هيثرو)..بل، أن يذهب وزير النقل إلى رئاسة الجمهورية حاملاً نتائج لجنة التحقيق، ليستأذن الرئاسة أو ليتلقى التوجيه بالمحاسبة أو بعدم المحاسبة، هذا في حد ذاته أمر مدهش للغاية..محاسبة المخطئ – في أي زمان وأي مكان وفي أي عمل عام – ليست بحاجة ( الى اللفة الطويلة دي)، بل محض شبهة في أي عمل عام يكفي بأن تتدخل السلطات النيابية والقضائية – دون علم أو اذن أجهزة الدولة السادية – بالتحري والتحقيق، ثم بتحقيق (العدالة الناجزة)..والعدالة الناجزة تعني (السرعة والدقة)، وليس إنتظار ثلاث سنوات لإنتهاء تحقيق لجان التحقيق ثم إنتظار سنة لحين تلقي وزير النقل التوجيه الرئاسي، ثم إنتظار سنة – أو ثلاث سنوات – لحكم المحكمة.. وبالمناسبة، قضية شركة الأقطان أيضاً ذهبت الى المحاكم بعد التوجيه الرئاسي، ولا أحد يدري مصيرها – ولا مصائر غيرها- لو لم توجه الرئاسة ..!!

** على سبيل المثال، عندما تكون هناك شبهة أو تهمة حول عامل أو موظف مكلف بتحصيل رسوم النفايات، لا يأمر المديرالتنفيذي بالمحلية بتشكيل لجنة تحقيق، وكذلك لايذهب بنتائج لجنة التحقيق إلى رئيس المحلية أو الوالي ليستأذنه أو ليتلقى منه التوجيه بمحاسبة (العامل الضعيف أو الموظف الأضعف)، بل يتم فتح البلاغ في النيابة، وبعدها تتواصل مراحل التقاضي حتى يحكم القاضي بالبراءة أو بالإدانة خلال (أسابيع أو أشهر)، هكذا حال (العدالة الناجزة) على المستوى المحلي في أية قضية ذات صلة بالحق العام، ولذلك تضج تقارير المراجع العام سنوياً – وكذلك تقارير النيابات والمحاكم- بأعداد المعتدين الصغار و نسب الإسترداد وما لم يسترد من المال العام..فالسؤال بمنتهى البراءة : لماذا لاتقتدي أجهزة الدولة المركزية بأجهزتها المحلية، بحيث يتساوى كل المعتدين والمخطئين والضالعين – صغاراً وكباراً – في العدالة الناجزة ( حقت المحلية)، أي التي تعاقب الضعفاء ..؟؟

** أها، نرجع ل (خط هيثرو)..بشرى سارة : (الرئاسة توجه الوزارة بمحاسبة الضالعين في ضياع خط هيثرو)، أوهكذا يجب أن يكون المانشيت ذكياً ومدهشاً، ونأمل ألا يعلق الأخ الفاتح جبرا على المانشيت بأسئلة من شكلة : كم هيثرو في دهاليز مؤسسات الدولة ينتظر مثل هذا التوجيه؟، وماذا لو لم توجه الرئاسة؟، بل لماذا – من أساسو – لايكون هناك خط محاسبي مباشر بين كل الوحدات الحكومية المركزية وقاعات النيابات والمحاكم، دون المرور أو الإنتظار في محطات ( الاذن أو التوجيه الرئاسي)، أي كما الحال الراهن على المستوى المحلي الذي إذا سرق فيه عامل النفايات الضعيف (حاكموه زي الترتيب)، دون علم رئيس المحلية، ناهيك عن الوالي ؟..و لماذا الكيل بمكيال الرئاسة في قضايا الفساد، بحيث هذا ضالع فحاسبوه، أما هذا فدثروه ب(فقه الستره) و (خلوها مستورها).؟..و..و..كثيرة هي الأسئلة التي إجابتها تفسد طعم الحياة أو (تخليك تلقط الورق في الشارع)..ولتجنب هذا و ذاك، فالصبر – بكظم الحزن ومكافحة الدهشة – يجب أن يسبق (طرح الأسئلة)..!!

إليكم – السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]