الحدث .. (القفز أم القذف ؟)
** ولكن، ثمة أسئلة في ثنايا الحدث، ومنها : هل القضية الأساسية – في هذا الحدث – هي قفز سور المنزل أم إشانة سمعة الزوج وزوجته بتهمة الزنا؟..نعم، عدم الدخول إلى المنازل بغير أبوابها بعد إستئذان أهلها شئ، وإشانة سمعة أهل البيوت شئ آخر.. إشانة سمعة الناس قد تحدث في الأسواق والشوارع والصحف، أي هي جريمة لايقيدها مكان أو زمان، ولذلك – رغم مخالفتها لقيم السماء ومكارم أخلاق أهل الأرض – صارت إشانة السمعة حدثاً طبيعياً ومألوفا في المجتمع..ولكن، ماذا عن حدث القفز فوق أسوار البيوت، بغض النظر عن وضع سكانها، (أزواجاً كانواً أو زناة)..؟..تلك هي القضية الأساسية، وحسمها شرع الله في صدر التاريخ الإسلامي ..!!
** إذ يُحكى عن الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه، انه قفز جدار منزل يعاقر فيه بعض رعيته الخمر، وقبل أن يقتادهم إلى حيث العقاب، ذكروه : (لاتعجل علينا يا أمير المؤمنين، نحن إرتكبنا إثماً وأنت إرتكبت ثلاثة، لم تستأذن ولم تأتنا بالباب وتجسست)، ولم يعاقبهم الشرع، بل عاتب أمير المؤمنين ذاته..تلك رواية عن الفاروق عمر رضي الله عنه، وقد نفاها بعض العلماء، ليس باسناد الجبن على من كانوا بالدار بحيث لم يواجهوا أمير المؤمنين ذاك التذكير، بل باسناد مكارم الأخلاق على الفاروق عمر رضي الله وسيرته النضرة، ومن مكارم أخلاقه : لم يكن الفاروق عمر رضي الله عنه جاسوساً ولا منتهكاً لخصوصيات شعبه لحد القفز من فوق أسوار منازلهم..أي الشاهد – في الرواية ونفيها – إستنكار الفطرة المسلمة للتجسس وإنتهاك خصوصيات الناس لحد القفز عليهم من فوق جدران منازلهم ..!!
** نعم للإسلام رب يحميه، ومع ذلك نسأل بتوجس : هل كان ذاك النظامي ينفذ قانوناً إسلامياً حين تجسس على المرأة والرجل لحد القفز فوق سور المنزل ؟..وثيقة زواجهما ليست مهمة، ويجب ألا تشغل الأذهان كثيراً، بل ما يجب أن يؤرق أذهان الشيوخ والعلماء والمجتمع وولاة أمر العدالة والشرطة هو فقط (القفز فوق سور المنزل)، وإن كان هذا القفز مشروعاً أم مخالفاً للشرع ؟..نعم، فلنقل لم تتوفر وثيقة عقد القران للزوج وزوجهما في تلك اللحظة،أو فلنقل لم يكن هناك – من أساسو – عقد قران بينهما، فهل القفز فوق سور المنزل من وسائل تحقيق العدالة ومحاربة الموبقات في الدولة الإسلامية، أو كما ظن ذاك النظامي أو القانون الذي إتكأ عليه عند القفز؟..و..و..!!
** كثيرة هي الأسئلة ذات الإجابات المعلومة وغير المعمول بها ، وكذلك كثيرة هي القضايا التي يبقى فيها المواطن متهماً أو مداناً حتى يثبت المسؤول براءته..مايحدث- باسم الدين – قد يؤدي إلى نتائج عكسية في المجتمع..(لاتفتنوا المجتمع في دينه)، راجعوا هذا القانون نصاً تلو نص، بحيث يتبين لذاك النظامي – وغيره – أن دين الله الحنيف حرم التجسس لحد القفز على أسوار البيوت قبل أن يحرم إتهام الناس بالباطل، أي سيان – القفز والقذف – في التحريم .. هذا أو فليتم تنفيذ نص القفز باسم التجسس وإذلال الناس، وليس بزعم تنفيذ ( شرع الله) ..!!
إليكم – السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]