ستانفورد القادريي
حكى لنا أحد المشايخ ذوي الطرفة أن أحد الفقراء كان يصلي بجوار أحد الأثرياء وبعد أداء الصلاة المفروضة قام الثري لكي يتنفل فجذبه الفقير قائلا ياشيخنا التنفل بالصلاة دا حقنا نحن المعدمين انت نافلتك في جيبك, أي التصدق بالمال.
لعل هذه الرمية تصلح لمخاطبة السيد القائم بالأعمال الأمريكي في السودان جوزيف استانفورد الذي يمارس سياسة انفتاح على مكونات المجتمع السوداني مثل ارتدائه لشعار المريخ ودخوله احدى مبارياته الدولية (طبعا ياسيادتك نحن الهلالاب المسألة مازالت واقفة لينا) ثم زيارته لمدارس الصالحة وتردده على مقامات السادة الصوفية, هذا كله جميل بغض النظر عن الدوافع لكن ياسيادتك الحاجات دي يمكن أن يقوم بها قائم بأعمال دولة فقيرة فأمريكا مطلوب منها إن كانت تحب الشعب السوداني أن تنهي المقاطعة الاقتصادية له وتبعث الروح في السكة حديد والخطوط الجوية وسكر بحر أبيض ويمكنها أن تنهي حالة الاحتراب الداخلي ويمكنها أن تنهي النزاع مع الجنوب ويمكنها … ويمكنها ….) ومع ذلك فأنت كإنسان وسفير لدولة عظمى تشرف أي مكان تزوره.
زيارات السيد ستانفورد لمقامات السادة الصوفية التي أصبحت حديث الرأي العام إذ جاء أنه زار السادة المكاشفية في الشكينيبة والسادة البادراب في أم ضوا بان والسادة آل الكباشي في الكباشي والملاحظ أن كل هذه السجادات تتبع للطريقة القادرية (ساكن بغداد في بلد..) والطريقة القادرية في السودان ليست مركزية ولا تقوم على نظام تراتبي رأسي كما هو الحال مع السمانية وبصورة أوضح التيجانية. فهل هذا مجرد صدفة أم أن الدور سوف يأتي على تلك الطرق؟ على العموم لو كان سيادته له ميول قادرية فمرحبا به فالعبد لله قادري محب لكل الصوفية وكمان السلفية المعتدلة (نعم هناك سلفية معتدلة والصوفية يمكن أن تنتفض وتثور وتكسر الدنيا كما سنرى).
ذهب الناس مذاهب شتى ومتابينة في تفسير دواعي زيارات السيد ستانفورد لمقامات الصوفية وهذا ليس موضوعنا اليوم ولكن هناك اتفاق أن سيادته لم يهتف له هاتف بأن يزور تلك السجادات بل ما قام به هو تنفيذ لسياسة امريكية معلنة تقوم على تقريب الإسلام الصوفي ولكن الأمر المؤكد أن السيد ستانفورد بحكم وعيه وثقافته لن يكون ترسا في آلة الدبلوماسية الأمريكية فسوف يكتشف الكثير والمثير من زياراته تلك وسوف يرسل تقاريره لرئاسته التي بدورها سوف تقيم سياستها الجديدة مستفيدة من تقارير دبلوماسييها فإذن الرجل منفذ لسياسة وسيكون مساهما في وضع سياسة فحتى السياسة الامريكية الحالية تجاه الصوفية من المؤكد أن للدبلوماسين فيها دور لأن أمريكا دولة مؤسسات. ومن ناحية أخرى سيكون لتلك السياسة تأثير على البعد السياسي للطرق الصوفية فالأمر الذي لا خلاف عليه أن هذه الطرق تمارس السياسة من أوسع أبوابها ولكن بطريقتها المستمدة من أدب التصوف نفسه.
من قرءاتنا لتاريخ العالم الإسلامي والسودان على وجه الخصوص يمكننا أن ندس بخرة إضافية في جيب السيد القائم بالأعمال وهي أن أكبر ثورة دينية سياسية في السودان هي تلك التي قادها محمد أحمد المهدي كانت منطلقة من أيدولوجيا صوفية فالمهدي حوار سماني مخلص لذلك كانت معاداة الانجليز الشديدة للصوفية في أول سنين حكمهم للسودان وتقريبهم للإسلام السني. كما أن تجربة نميري الإسلامية هي الأخرى صوفية حتى النخاع فالنميري كان سمانيا وتجربته القانونية قامت على قادرية (اسألوا بدرية) وفي العالم الإسلامي الكثير من الثورات الدينية الصوفية والكثير من علاقة الدين بالدولة على أسس صوفية إنه الإسلام ياسيادتك.
حاطب ليل- السوداني
[email] aalbony@yahoo.com[/email]