جعفر عباس

الأمريكان عرفوا قيمة ذوات الأربع


الأمريكان عرفوا قيمة ذوات الأربع
[JUSTIFY] تحتل بعض الدول العربية ذيل القائمة في مجال الفساد المالي والاختلاسات، ولكن عزاءنا هو أن بعض الدول المتقدمة صناعيا ومنها الولايات المتحدة تعمل بالمقولة العربية «إذا سرقت اسرق جمل»، وإزاء استشراء الفساد، قرر سكان بلدة أنزا في كليفورنيا اختيار «أوبي» عمدة لمدينتهم، وكانت أوبي قد تيتمت بعد وفاة أمها فور ولادتها، فرعاها مزارع حتى كبرت وصارت محبوبة في عموم البلدة وتم اختيارها عمدة بأغلبية أصوات الناخبين.. أوبي هذه عنزة، ذلك الحيوان الذي لا يعرف من «الكلام» سوى ماع مييع! وكان سكان أنزا في ذلك يجارون سكان بلدة رابيت هاش في ولاية كنتاكي الذين أسندوا منصب العمدة إلى جونيور وهو كلب من فصيلة اللبرادور، وكان مواطنو بلدة لاجيتاس في تكساس قد اختاروا كلاي هنري الثالث عمدة، وكلاي هذه أيضا معزة، وعندما فاز الحمار باكو بيل بمنصب محافظ بلدة فلوريسانت في ولاية كولورادو قال الجمهوريون ان الديمقراطيين فازوا بالمنصب (الحمار رمز الحزب الديمقراطي والفيل رمز الحزب الجمهوري الأمريكيين)، وبرر سكان البلدة اختيار حمار للعمودية بقولهم: قررنا اختيار حمار حقيقي بدلا من «حمار آدمي»!
وكي لا تتهم الامريكان بالعبث بالديمقراطية بإسناد مناصب رفيعة الى حيوانات، عليك أن تعرف ما دفع بعضهم إلى ذلك، ففي مدينة سان دييغو مثل المحافظ بالوكالة أمام المحكمة متهما بقبول رشوة ضخمة من صاحب نادٍ للتعري مقابل إلغاء قانون يمنع رواد النادي من لمس وهبش وخمش الراقصات العاريات، وحدث ذلك في ثالث يوم للرجل في ذلك المنصب، أي أنه فقد منصبه بعد 72 ساعة من فوزه به.. وفي لوس انجلس تم طرد العمدة جيمس هاهن من منصبه بعد اتهامه بدفع مبالغ طائلة بلا سند قانوني لشخص دعم حملته الانتخابية.. وفي شيكاغو أدانت محكمة أكثر من ثلاثين من موظفي المجلس المحلي لتلقيهم رشى من شركات النقل، ولتلاعبهم بالعقود والمناقصات، واتضح انهم يدفعون رواتب لموظفين وهميين، وكانت الفضيحة الكبرى هي إسناد وظيفة محترمة لشخص معين، وبحسب ملف خدمته فقد اجتاز الاختبارات المطلوبة وكان أداؤه متميزا خلال المعاينة (الإنترفيو).. بس المشكلة كانت ان ذلك الرجل كان قد مات قبل سنوات بعيدة! ولا يسمح الحيز المخصص لهذه الزاوية بسرد المزيد من الوقائع التي تؤكد ان المسؤولين الأمريكيين يتمتعون بالنزاهة والأمانة، ولكن لابد من وقفة مع جيم وست عمدة منطقة سبوكين في واشنطن، الذي أمر بطرد الشاذين جنسيا من مهنة التدريس، وطالب بوقف حملات التوعية حول الإيدز لأنه مرض ينتشر بين الشواذ، وهم في تقديره لا يستحقون الرعاية والنصح.. ثم اتضح انه يستخدم كمبيوتر مكتبه لاستدراج الشبان الصغار لممارسة الشذوذ معه!.. وهكذا يتضح ان سكان البلدات التي اختارت الحمير والكلاب والماعز لشغل مناصب تنفيذية كانوا على درجة عالية من التعقل، فالحيوانات لا تختلس الأموال،.. وعلى كل حال فشاغلو المناصب الدنيا البسيطة هم من يسيرون العمل بينما الصيت والشهرة والمزايا تكون لشاغلي الوظائف العليا الذين يتفرغون لتعزيز علاقاتهم ومكانتهم الاجتماعية طلبا للوجاهة ومناصب أكثر علوا ومزايا.. وهذا ما عرفه أهلنا البسطاء في السودان فجاءوا بالمثل القائل «الخيل تجقلب والشكر لحماد»، أي ان الحصان يركض ويلهث ويتعب ويفوز بالسباق، ولكن المدح والثناء يكون من نصيب راكبه (الجوكي) حماد.. فما المانع في ان يكون العمدة حمارا ينهق، بدلا من آدمي ينهب، طالما ان هناك موظفين صغارا يقومون بتسيير العمل؟
[/JUSTIFY]

جعفر عباس
[email]jafabbas19@gmail.com[/email]