عبد اللطيف البوني

لماذا يلتقي الرئيسان؟

[JUSTIFY]
لماذا يلتقي الرئيسان؟

في مقال سابق في هذا المكان قلنا أن ظهور فكرة لقاء الرئيسين البشير وكير، وربط ذلك بدفع العلاقة بين البلدين التي بدأت عجلةُ تحسّنها في الدوران بعد التوقيع على أمن الحدود بينهما والاتفاق على بداية سريان النفط الجنوب في الأنبوب السوداني؛ لم تكن فكرة موفقة واعتبرناها نوع من اللكلكة، فطالما أن الاتفاقية بدأت في السريان وبدأت الجيوش من الجانبين في الإنسحاب، ومن جانب آخر ارتدى مهندسو النفط أبرولاتهم وحَمَل العُمَّال مفاتيحهم وتحسست الشركات دفاترها؛ يكون الأمر قد تجاوز مرحلة المباركة ولا يحتاج لقوةِ دفعٍ سياسيةٍ أخرى.
قد يقول قائل أن المطلوب من لقاء الرئيسين هو استغلال فرحة الاتفاق وحل بقية القضايا العالقة مثل أبيي وقطاع الشمال والمناطق المتنازع عليها حدودياً، بيد أن النَظَر بعمقٍ لهذه القضايا العالقة سوف يكتشف أنها ليست من النوع الذي يمكن أن يحله لقاء رئاسي؛ فمشاكل الحدود، والجانب الفني فيها، يحتاج لسنين عددا، ويكفي أن جوبا، قبل مفاجأة الاتفاق الأخير، طالبت بشهرين إضافيين لدراسة خُرط قالت أنها تَحَصَّلت عليها مؤخراً! شهرين لمجرد الدراسة! فما بالك بالجَدَل الذي سوف يثور بعد ذلك؟. لا يحتاج تعقيد قضية أبيي لدليل، وهي الآن مرشحة لتكون القندول الذي سوف يُشَنقِل رِيكة ما اتُّفِقَ عليه (تذكَّروا ما بَدَر من أبناء أبيي في أديس). أما قطاع الشمال فيحتاج لوجود طرف ثالث مع الرئيسين.
الثقة بين البلدين الآن مثل (جنا النديهة) محفوفة بكثير من المخاطر، ومحتاجة لعناية مُرَكَّزة، وما تَمَّ الاتفاق عليه يمكن أن يُسهِم في بناء الثقة وتمتينها، فإذا ما أصبحت الثقة بينهما واقعاً ملموساً قد يساعد ذلك على حلحلة بقية القضايا العالقة؛ فالحدود سوف تصبح خطاً وهميَّاً إذا تم التداخل بين الشعبين. أبيي يمكن حلها بالتقسيم أو غيره، فاللعب على عنصر الزمن يمكن أن يكون مجدياً في بعض الحالات وليس دوماً (المتغطي بالزمن عريان)، لأنه في هذه الحالة سيكون اللعب على زمن بناء الثقة وليس تربيع اليدين وانتظار الأيام. فإذا ما التقى الرئيسان الآن وتم فتح تلك الملفات وظَهَر الخلاف فقد يفتح ذلك باباً لنسف الذي تم الاتفاق عليه.
منذ الإنفصال، وإن شئت قل استقلال الجنوب، التقى الرئيسان عدة مرات آخرها كان في يناير الماضي، فكان لقاء (لَتْ وعَجِن) كاد أن يقضي على بذرة الأمل في تنفيذ اتفاقية التعاون بين البلدين. فكما هو معلوم أنه قبل ذلك اتفق الرئيسان اتفاقاً كاملاً في سبتمبر 2012م على كل القضايا العالقة ماعدا أبيي، ولكن قبل أن يجف الحبر الذي وُقِّعَ به الاتفاق تجمدت الاتفاقيات الثمانية! وقبل سبتمبر 2012م كان هناك لقائين بين الرئيسين وبدون أي راجع منهما، هذا بالإضافة لزيارة سلفا للخرطوم التي لم تتجاوز مرحلة العلاقات العامة. ويمكن أن نرجع إلى أكثر من ذلك؛ ففي يوم استقلال الجنوب، وكان البشير حضوراً لمباركة ذلك الحدث، طاعنه كير في خطابه بالقول أنه لن ينسى شعوب السودان التي كانت تناضل معه. وفي يوم الإثنين 11 مارس الماضي وفي ذات أديس أببا، كان الاتفاق الذي اخترق الجمود وفكَّ الشفرة ولم يكن الرئيسان هناك! فإذن يا جماعة الخير خَلُّو سيرة البحر هذه الآن لوقتٍ آخر، وبعد ان يذهب صديق كوراك إلى متجره في جوبا، ويعود أجوك جادين إلى منزله في أمبدة، فاليذهب البشير إلى جوبا ويمتلك فيها بيتاً ويحضر كير إلى منزله في الخرطوم.

[/JUSTIFY]

حاطب ليل- السوداني
[email] aalbony@yahoo.com[/email]