عبد اللطيف البوني

فليتمطَّ ولكن لينبعج ايضا

[JUSTIFY]
فليتمطَّ ولكن لينبعج ايضا

يوم الخميس الماضي كان يوما تمطى فيه السودان شمالا وجنوبا، فمن حيث الجنوب ساد التفاؤل (نقول مشوب بالحذر؟) بسبب صفاء الأجواء بين دولتي السودان، فاتفاق الاثنتين الذي بموجبه بدأت القوات المسلحة في الانسحاب من خط الحدود صفر لإنشاء المنطقة العازلة بين البلدين وفي نفس الوقت بدأ الحديث عن موعد سريان نفط الجنوب في الانبوب إلى بورتسودان فمنذ يوم الاثنين داك إلى اليوم كل الحناجر الرسمية المنطلقة من الخرطوم ومن جوبا كانت مرحبة وداعمة للاتفاق , فاذا تذكرنا ما حدث بعد توقيع ذات الاتفاق بين الرئيسين في اديس في 27 سبتمبر 2012 فبمجرد أن عادا الرئيسان إلى بلديهما وقع الاختلاف، ففي الخرطوم استقبل البشير استقبالا شعبيا (لا يفرق سواء أكان عفويا أم مصنوعا) على اساس انه وضع حدا للازمة مع دولة الجنوب بينما استقبل كير في الجنوب بالمظاهرات واللعنات متهما بأنه باع (السماحة) للمندكورات المستعمرين القدامى.
اما تمطي السودان شمالا يوم الخميس فتمثل في استقبال سعد الكتاتني رئيس حزب الحرية والعدالة (الاخوان المسلمون) الحاكم في مصر. واتت الزيارة في وقت بدأ فيه التوتر يشوب العلاقة بين البلدين، فالخرطوم ابدت عدم رضائها لاستضافة القاهرة للحركات المسلحة المناوئة لها وفي نفس ساعة وجود الكتاتني في الخرطوم كان هشام القنديل رئيس وزراء مصر في جوبا لترميم العلاقة المصرية الجنوب سودانية (هل نقول يا ناس القوز علينا ظلم..؟) افتكر ما في داعي . الواضح أن مصر شعرت بأنها بدأت تفقد دورها الإقليمي بسبب مخاض فترة التحول السياسي التي تعتريها فبدأت بدول الجوار السودان وجنوب السودان وليبيا . ثم في ذات اليوم كان هناك اجتماع وزراء المعادن في ليبيا والسودان ومصر بالخرطوم و(يلا عدنوا كلكم).
شعوب البلدان الثلاثة السودان جنوب السودان ومصر في حاجة لعلاقة جوار جديدة تقوم على تبادل المصلحة وليس على العاطفة، علاقة تقوم على قاعدة امسك لي واقطع ليك، علاقة تقوم على المساواة ليس فيها اخ اكبر واخ اصغر اي لا فيها (بكر ولا حتالي) علاقة تنسى التاريخ نهائيا وتقوم على الجغرافيا، نعم مصر كانت لها سيادة على السودان وفي يوم مضى جنوب السودان كان جزءا من السودان لوقت قريب ولكن كل هذا انتهى الآن واصبح تاريخا واصبحت هناك ثلاث دول كاملة السيادة تقوم على ذات نهر النيل بالاضافة لدول اخرى. طبعا لن نقفز فوق الواقع ونطالب بتطبيق الحريات الاربع المتفق عليها بين مصر والسودان من جانب وبين السودان وجنوب السودان من جانب آخر فالشغلانة محتاجة لأرضية اقتصادية وليست سياسية بحتة لكن تخيلوا أن الحريات الاربع طبقت شمالا وجنوبا فكيف سيكون الحال (لو ما كنت سوداني؟).
تلك اعلاه قصة ما زالت فصولها تجري على الخشبة لكننا قبل الخروج من تمطي السودان نود أن نضع بخرة في يد صانع القرار في السودان بأن لا ينسى تمدد السودان من ناحيتي الشرق والغرب حيث اثيوبيا وارتيريا وتشاد وافريقيا الوسطى لكن خلونا في بلاد السودان الكبير اكرر الكبير الذي يمتد من نواكشوط إلى جيبوتي فهذا هو مجالنا الحيوي وقابلية دوله لتطور علاقتها مع السودان اكبر والتداخل الشعبي معها اكبر و( الليل الليل يا لولية بسحروك يا لولة السودانية).

[/JUSTIFY]

حاطب ليل- السوداني
[email] aalbony@yahoo.com[/email]