بخة ماء بـ 8 دولارات؟
[JUSTIFY]
من الأمور المحسومة ان معظم الكريمات والدهانات التي تباع على أنها تزيل التجاعيد وآثار الكبر والشيخوخة ضررها أكثر من نفعها، ومع هذا فان تجارة مواد التجميل وجراحات التجميل في ازدهار مستمر ويناهز الإنفاق عليها عالميا 100 مليار دولار سنويا، وقبل بضع سنوات طرحت سلسلة بوتس البريطانية التي تعمل في مجال الأدوية ومواد التجميل كريما يحمل اسم نمبر 7 بروتكت اند بيرفكت tcefreP & tcetorP 7.oN.. وفي بريطانيا يثق الناس بمجلة تحمل اسم ويتش hcihW أكثر من ثقتهم بالحكومة والبرلمان والصحافة، لأن المجلة معنية بحماية وتوعية المستهلك، وفضح المنتجات العديمة الفائدة، أو تلك التي تزعم أغلفتها أنها تحوي كذا وكذا، وتفيد في كذا وكذا، ويتضح ان كل ذلك «إفك».. مجلة ويتش قالت ان ذلك الكريم يزيل فعلا التجاعيد بدون آثار جانبية وإنه فوق ذلك زهيد الثمن، مقارنة بكريمات الاستهبال التي تباع بمبالغ مهولة (17 جنيها استرلينيا للأنبوب)، والمصابون بهوس التجميل الكيميائي والاصطناعي يعتقدون أنه كلما كان الكريم او الدهان مرتفع السعر، كانت فوائده مضمونة،.. ما علينا فما أن سمع البريطانيون بأمر نمبر 7 بروتكت آند بيرفكت، حتى هجموا على محلات بوتس وكان بعضهم يقف في الطابور منذ الخامسة فجرا في انتظار فتح المحلات في التاسعة، وكل من يجد ذلك الكريم يشتري منه بالعشرات، فاضطرت مصانع بوتس الى مضاعفة إنتاجها من كريم بروتكت آند بيرفكت ثم سمع به عرب الهجرة الصيفية الى لندن فصار الحصول على الكريم يتطلب «الواسطة» لأن العرب يشترون كل شيء بالكيلو… وحققت بوتس أرباحا طائلة من وراء ذلك الكريم وخاصة ان كل من استخدموه أكدوا انه ناجع وأكيد المفعول.. وبعدها بأشهر قليلة عمدت بوتس الى الاستفادة من ثقة الجمهور بها بطرح بخاخ تقول ديباجته «صنع خصيصا لإنعاش وترطيب الوجه.. خال من المواد المسببة للحساسية.. ومجاز من قبل أطباء الأمراض الجلدية»… سعر علبة البخاخ الذي يحوي نحو نصف كوب عادي من مادة سائلة شفافة، ما يعادل 8 دولارات… يعني سعر اللتر نحو 70 دولارا.. ولم ينتبه من تهافتوا لشراء ذلك البخاخ الى ان ديباجته تقول صراحة انه يحوي مادة واحدة فقط هي «أكوا».. يعني ماء باللغة اللاتينية auqa… يعني تشتري نصف كوب ماء عادي بـ8 دولارات لـ«تبخ» وجهك به لتنتعش… يعني لو غسلت وجهك ثلاثين مرة في اليوم بالماء تحقق نسبة ترطيب اكبر لبشرتك ووجهك من دون ان يكلفك ذلك دولارا واحدا… أما إذا كنت تعاني من جفاف البشرة أو الإكزيما فإن بخ الوجه بأي نوع من الماء يوقعك في حيص بيص، ومن الناحية القانونية فان بوتس لم تخدع المستهلكين ببيعهم الماء في بخاخ لأنها ذكرت صراحة ان محتوياته «أكوا» أي ماء، ولكنها في حقيقة الأمر استثمرت سذاجة الجمهور وهوسه بالجمال والنضار ولو باستخدام البهار الضار.
بعد احتلال اسرائيل للقدس قام مستثمر يهودي بطرح ملايين الزجاجات البلاستيكية الفارغة والمحكمة الإغلاق في أسواق أوروبا والولايات المتحدة.. وتهافت الكثيرون لشرائها لأن ما هو مكتوب عليها أفاد بأنها تحوي «هواء القدس»… وفي بريطانيا صدر مؤخرا تحذير للمسلمين بعدم شراء زجاجات مكتوب عليها ماء زمزم تباع بسعر 18 دولارا للواحدة منها، بعد ان تبين انها تحوي مواد كيمائية ضارة لأن مصدرها أنهار وينابيع في بلدان غير معروفة والتحقيق مازال مستمرا.
[/JUSTIFY]
جعفر عباس
[email]jafabbas19@gmail.com[/email]
