الطاهر ساتي

ود خير الله … غسال الفريق ..!!


‫ ود خير الله … غسال الفريق ..!!
** مع إعلان الحكم لنهاية المباراة، كنا نخلع ملابسنا الرياضية ونستبدلها بالجلباب أو العراقي، ثم نذهب بتلك الملابس إلى (كنبة الاحتياطي) حيث يجلس عليها اللاعب ود خير الله ونسلمه (الفنايل والتشيرتات)، ونغادر الملعب..ود خير الله لم يكن يتقن اللعب، ومع ذلك كان يحرص مدربنا – بأمر رئيس النادي- أن يكون أساسياً في (كنبة الاحتياطي)..والمدهش أن ود خير الله كان يستمتع بالجلوس على (كنبة الاحتياطي)، ومتابعة تفاصيل المباراة من قرب..وكذلك كان يستمتع بمسك الكرة والتمدد على الأرض أمام لاعبي الفريق حين يصطفون – وقوفا وجلوسا – لحظة التقاط (الصور التذكارية)، قبل المباراة..وإلى أن اعتزلنا وغادرنا تلك الديار، لم يكتب تاريخ ملاعبها دوراً رياضياً لود خير الله غير )التصوير مع لاعبي الفريق)، والجلوس على (كنبة الاحتياطي)، مقابل جمع وغسيل (الفنايل والتشيرتات) ..!!

** ومن واقع الحال، نقرأ ما يلي نصاً..أوفد الحزب الحاكم فوجاً شبابياً وطلابياً إلى ماليزيا ليشاركوا في دورة تدريبية ذات صلة بالإدارة، وكذلك يعد الحزب الحاكم العدة لتفويج فوج شبابي وطلابي آخر إلى تركيا ليتعلموا ما أسموها بالإدارة الحديثة، وهذا الفوج وذاك جزء من برنامج الحزب المعلن عبر أماناته تحت شعار (رفع القدرات).. حسناً، خير وبركة، فليتدربوا بماليزيا على حساب الشعب أو الحزب، وكذلك فليتعلموا بتركيا على حساب الحزب أو البلد، ومصدر هذا الحساب ليس مهما، إذ هم – مهما كان فكرهم وحزبهم وآنانيتهم- جزء من (نسيج البلد)، ولكن المهم جداً : ثم ماذا بعد هذا التدريب المكثف والعابر للقارات؟.. أي، بالبلدي كده : (أها، وبعدين؟) ..!!

** فالذي نقرأ ونراه، منذ عقد ونيف – أي منذ استخراج واستغلال البترول – يرسل الحزب الحاكم شبابه وطلابه إلى مشارق الأرض ومغاربها ليتدربوا ويتعلموا أصول الإدارة وفنون القيادة وغيرها.. ناهيكم عن الإدارة والقيادة، بل أرسل فوجاً شبابياً وطلابياً قبل أعوام إلى بريطانيا ليتعلموا اللغة الإنجليزية التي تم وأدها بالبلاد بمطرقة التعريب و(سندان التنطع)..وقبل دورة اللغة الانجليزية وبعدها، لم تتوقف رحلات شباب الحزب القاصدة بلاد الآخرين طلباً للعلم وبحثاً عن التدريب.. ولكن، أين هم الآن ؟..أو فليكن السؤال : أين نتائج دوراتهم – ودولاراتها- في حياة الناس والبلد، أي في الحياة العامة ومفاصل السلطات، التنفيذية منها والتشريعية؟..منذ عقد ونيف، تتواصل رحلات شباب الحزب الحاكم نحو ماليزيا وتركيا وغيرها، بيد أن مفاصل الدولة هنا تدار – منذ عقد ونيف – بعقول (شيوخ الحزب) ..!!

** وعليه، حال شباب الحزب الحاكم لا يختلف كثيراً عن حال ود خير الله الذي كان يحرص على التمارين وغسيل أزياء الفريق ليحظى بمقعد الاحتياطي ثم بالرقاد أمام صف لاعبي الفريق ممسكاً بالكرة عند التصوير وكأنه (كابتن الفريق) وليس (غسال الفريق)..لم – ولن – يستفيد الحزب، وكذلك الناس والبلد، من علوم ودورات هؤلاء الشباب – وغيرهم – ما لم يؤمن النهج الحاكم بفضيلتي (التغيير والتجديد) في كل أوجه الحياة العامة..دورة الحياة العامة – ومسار عجلاتها على أرصفة التجديد والتغيير – هي التي تنهض بالشعوب وترسخ الإبداع في المجتمع وترفع نسب الإنتاج ومعدلات العطاء، وليست (دورة ماليزيا لتعليم الإدارة وجلب الأثاثات)، ولا (دورة تركيا لتدريب القيادة واستجلاب البناطلين) ..!!

** ما قيمة الشاب المؤهل – متحزباً كان أو مستقلاً – في بلد دورة حياتها محنطة بعقود الاستبقاء على مستوى الخدمة المدنية، وبنهج (ده من البدريين، خلوه) أو بنظرية (ماعندنا زول غيره)، على مستوى الخدمة العامة، سياسية كانت أو اقتصادية؟..نعم، لا قيمة لتدريب الشباب وتأهليهم في ظل الوضع الراهن والمكبل بعقول الأنانية، ما لم يكن المراد بهم لعب دور..(ود خير الله) ..!!

إليكم – السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]