عبد اللطيف البوني

سمعت وشفت وجابوه لي

[JUSTIFY]
سمعت وشفت وجابوه لي
(1 )
الهمبوق ما تسوى ليهو سوق
في برنامجها سفراء المعاني على قناة الشروق استضافت الشاعرة الكبيرة (الكبيرة هنا إشارة للمقام وليس لشيء آخر) أستاذ النقد والأديب البروفسير عبد الله حمدنا الله فكان بحق لقاء سحاب حلق بنا في عوالم المعرفة والثقافة ووجدنا فيه الفائدة والمتعة برز خلاف خفي حول منطلق النقد بين عبد الله وروضة؛ فروضة يبدو أنها موافقة على مقولة الطيب صالح التي فحواه خير النقد هو ما صدر عن محبة بينما البروف يرى أن النقد يجب ألا يصدر عن محبة او بغض فخير النقد عنده هو ما صدر من حياد فهو يرى الناقد مثل القاضي. دون التطاول على مقام أخي وصديقي البروف عبد الله وهو سيد الناقدين ليسمح لنا ببيع الماء في حارة السقايين فالناقد لا يمكن مقارنته بالقاضي فالقاضي تسعى إليه القضايا ويجد نفسه ملزما بالنظر فيها حتى لا يسود قانون الغاب لذلك لابد من أن يكون محايدا لا بل لا يحكم بعلمه الخاص إنما بالوقائع التي أمامه، فهو يقف على مسافة واحدة من المتقاضين أمامه وأي ميول خاصة تجعل حكمه معيبا بينما الناقد يسعى للعمل الإبداعي بقصد المتعة فإذا وجدها يمكن أن يستنبط مواقعها في النص ثم ينقلها للآخرين وهذا يمكنه من جعل إعجابه عملا موضوعيا أي متعديا ذاته الى الآخر. أما إذا لم يجد متعة في النص فالأولى أن يهمله كما يمكنه أن يقف على مواقع ضعف النص وإذا نشر وجهة نظره هذه يكون قد دعا للابتعاد عن النص. أما إذا كان الهدف هو لفت نظر المبدع وتقويم أدائه يكون بهذا قد تقمص دور الأستاذ والمتتلمذ عليه هو صاحب النص. دعونا نسأل ماهي وظيفة النقد الفني؟ في تقديري أن وظيفة النقد الفني هي نشر العمل الإبداعي ليستفيد منه أكبر عدد من المتلقين فإذا كان العمل لا يستحق النشر فبالتالي تركه أولى ولدينا أمثلة من ثقافة وسط السودان تدعم فكرة انطلاق النقد من محبة مثل (الهمبوق ما تسوي ليهو سوق) و(الكلام أكان داير تكمله هملوا ) لذلك يكون من الأوفق ألا تنقد وبالتالي لا تسوق إلا العمل الذي تراه جميلا أي الذي أحببته في تقديري الخاص أن الناقد الذي يتناول عملا لإظهار عيوبه لا يعدو أن يكون (متلقي حجج) ومع كل الذي تقدم فإذا كان عبدالله حمدنا الله (ود الزعيم) يرى أن الناقد يجب أن يكون محايدا نقول خلاص محايد محايد هو نحن حنعرف اسمنا أكتر من الحكومة؟
(صورة روضة الحاج)

(2 )
حاجات تفرس
من الأشياء التي تفرسني (تفرس دي جات من وين؟) ما علينا المهم منظر المسؤولين السياسيين من ولاة ومعتمدين وهم يجوبون الفصول الدراسية أثناء الامتحانات تحت مسمى تفقد سيادته للامتحانات. الامتحانات دي ياجماعة الخير عملية تربوية زيارة المسؤول فيها لا تقدم لا تؤخر فليس من حقه الاطلاع عليها قبل فتحها وليس من حقه أن يتدخل في إجابات الطلاب وليس من حقه رفع أي توصية بشأنها وليس من حقه إبداء أي رأي في المراقبين, طيب ياجماعة الخير الزيارة لزومها شنو؟ تصوير المسؤول والشوشرة على الممتحنين؟, الحمد لله قرينا وشبعنا في الامتحانات ولكن نشهد الله لم نر في يوم من الأيام مسؤولا يتجول بيننا أثناء الامتحانات ولكن يبدو أن عدم الشغلة مصيبة فعلا فالجماعة ديل ماعندهم شغلة أو متهربين من شغلتهم الأصلية كمان من الأشياء التي تفرسني ولكن بدرجة أقل الضغط النفسي الكثيف الذي تمارسه بعض الأسر على أبنائها وبناتها الجالسين للامتحان فمثل هذه الأسر تشعر الطالب بأنه جالس للامتحان ليس أصالة عن نفسه إنما نيابة عن أسرته كلها فهو يحمل شرفها ويدافع عن مجدها بنجاحه فإذا رسب أو لم ينجح النجاح الباهر بينما ابن وبنت فلانة او فلان تميز فإنه بذلك كأنه ألحق عارا بأسرته، فتقديري أن هذا ضرب سيء من التربية، فالتلميذ أصبح وهو داخل الامتحان كأنه داخل معركة رد اعتبار والأسرة من جانبها لا تكتفي بهذا إنما تسعى لإعداده ليوم المعركة هذا وذلك بالدورس الخصوصية وحصص التركيز والمذكرات فتدفع دم قلبها. لقد أصبحت منصرفات الأسر الأكاديمية تفوق كل البنود الأخرى وهذه فرصة وجدتها الحكومة وأخذت تتهرب من واجبها التعليمي لدرجة أن التعليم أصبح أقل بنود صرفها، وهذه قصة أخرى رغم أنني لست من أنصار تمجيد الماضي ولست من أنصار زمان كان وتفرسني عبارة الزمن الجميل فالحمد لله لست من الذين يرون أن هناك زمنا جميلا قد مضى لكن مع ذلك عندما أتذكر أن الامتحانات كان شأناً فرديا يخص الطالب الممتحن فقط ولا ترهق أعصاب أسرته معه وبالتالي لا تضغط عليه أتمنى عودة هذا الزمن. يا جماعة الخير ترفقوا بابنائكم فليست الحياة كلها أكاديميات. وفي النهاية كلمة تفرس دي جات من وين ياربي

(3 )
لحس الأصابع
انتشرت تلك القصة التي حكاها الأستاذ الحاج وراق رد الله غربته عن الشيوعيين والإخوان الذين ضمهم سجن واحد وكانوا يقتسمون التعيينات (الأكل الذي يوزعه لهم السجان) قسمة دقيقة لأنهم لا يأكلون مع بعض ففي ذات مرة كان ضمن الوجبة المراد قسمتها طحنية فقام الأخ المسلم بقسمتها بيده فأصبحت هناك طحنية عالقة بأصابعه فطلب الشيوعي أن يلحس نصف الأصابع حتى لا يكون هناك ظلم لهم وبالفعل قام بلحسها فتخيلوا يا جماعة الخير ناس ما دايرة تاكل مع بعض في نفس الوقت تلحس أصابع بعض؟ بالله عليكم في معاكسة فطرة أكثر من كدا؟ ما علينا, لقد تذكرت هذه القصة في يوم من الأيام عندما لاحظت أن إحدي حفيداتي كانت تنظر الى باستغراب وأنا ألحس أصابعي بعد وجبة بملاح مفروكة كاربة وفيما بعد أخذت أتعمد لحس الأصابع أمامها حتى وإن لم يكن هناك داع لذلك فقد كان يروقها ذلك المنظر لدرجة أنها حاولت ذات مرة تقليدي ولكنها فشلت ثم أخذت أفكر لهذا الأمر لدى بقية أفراد الأسرة فاتضح لي أنه ليس الأحفاد فقط هم الذين يستغربون لحس الأصابع لا بل حتى أمهاتهم لا يعرفن لحس الأصابع، لقد زاد اهتمامي بالمسألة وتفحصي لها فوصلت لخلاصة مفادها أن كل الجيل الذي أتي بعدنا لا يمارس عادة لحس الأصابع فكلهم يأكلون برؤوس أصابعهم بما في ذلك الكسرة (البلدي) وحتى الذين لا يأكلون برؤوس الأصابع لا يلحسون الأصابع إنما يغسلون أيديهم بعد الأكل طبعا نحن برضو بنغسل أيدينا بعد الأكل ولكن يبدو لي أن الجيل الذي سبقنا كان يكتفي بلحس الأصابع عن الغسيل بالماء ومن هنا جاءت هذه العادة ونحن مارسناها عن طريق التقليد وبالتالي لا يمكن أن نفرضها على الجيل الذي يلينا لأن ضرورتها انتهت لذلك ليس هناك ما يدعونا للتباكي على تلك العادة وقد يكون دا كله تمهيد لدخول الشوكة والسكين للقرية, ما حكاية, ولكن عزيزي القارىء إذا كنت من الأجيال الحديثة قرب أضانك جاي. والله لحس الأصابع دا حاجة حلوة بشكل فجربها مرة ثم اتركها تقديرا لأجدادك القدماء.

(4 )
حبة رابعة
لقد ترمل وهو في كهولة متأخرة ولكنه لم يدخل الشيخوخة بعد وترملت هي وهي في نهاية فترة شبابها أو قل في بداية مبكرة لكهولتها وجمع بينها العمل والترمل وكان يعاملها باحترام زائد قبل الترمل وبعد الترمل فهو رئيسها المباشر لسنين عددا وبجامع الترمل توثقت عرى الصداقة والمودة بينهما وتطور الأمر فقام كيوبيد بعمله بصورة متسارعة واتفقا على الزواج مبادرة منها ولم تكن هناك أي عقبات من جانب الأسرتين فأولاده وبناته لا يمانعون لأنهم ببساطة لن يجدهم إذا احتاجهم في يوم قادم لأن كل واحد منهم متجه لتكوين أسرته الخاصة. أما أولادها هي فهم صغار في السن ويرون فيه تعويضا معقولا عن والدهم الراحل وفي يوم كانت معه عائدة الى منزلها فتوقف عند صيدلية وترجل ودخلها وعاد وهو يحمل كيسا أصفر فيه عدد من الأدوية فسألته عما به فقال لها إنها حبوب ضغط الدم وتصلب الشرايين فقالت له إنه حسب معلوماتها إن حبة الضغط واحدة فأجابها أنها فعلا حبة واحدة ولكن أحد أصدقائه من المختصين في الباطنية والقلب وقد عاد من أمريكا للتو اقترح عليه أن يتناول حبة تنظم ضربات القلب وحبة اسبيرين لأنها تساعد في تسريع الدورة الدموية لذلك أصبحت الحبوب ثلاثة ولكن كان يمكن أن يكتفي بواحدة بس زيادة الخيرين خير فقالت له طيب لو جابت ليها حبة رابعة مش ممكن تؤثر على الحبوب الثلاثة فقال لها الحبة الرابعة البجيبها شنو تقصدي سكري مثلا أنا ماعندي سكري فأصرت على أن هناك حبة رابعة قادمة لذلك ينبغي أن يسال صديقه الاختصاصي عن تأثيرها على الثلاث حبوب فقال لها من أين لصديقي أن يعرف الحبة الرابعة وأنا لم أشكو له أي مرض فردت بالقول بس أمشي قول ليهو الحبة الرابعة وهو براهو بيعرف وإذا لم تفعل وتأتي بنتيجة مؤكدة اعتبر مشروع الزواج بيننا (تكنسل) أي انتهى وبالفعل ذهب لصديقه الطبيب وسأله عن مدى تأثير الحبة الرابعة على الحبوب الثلاثة فضحك الطبيب وقال له قول ليها ما عندها أي تأثير سلبي وعلى مسؤليتي أنا.

(5 )
قيامتك يارب
سأكون في غاية الدهشة والاستغراب لو علمت أن الدكتور معتصم جعفر او مجدي شمس الدين أو أسامة عطا لمنان او مازدا أو أي لاعب من لاعبي الفريق القومي كان منتظرا حدوث نتيجة إيجابية للفريق القومي السوداني وهو يقابل الغاني في كوماسي يوم الأحد الماضي فالهزيمة بأربعة او ضعفها كانت مرسومة في كل الوجوه قبل أن يركب أعضاء البعثة الطيارة من مطار الخرطوم فالحالة الكروية حالها يغني عن سؤالها ويكفي أن أربعة كوماسي أكملت العشرة أهداف التي دخلت شباك الهلال والهلال (مكرر) والمريخ ويكفي أن هدافي الدوري الممتاز كلهم من الأجانب ويكفي أن الحضري شايل حس البلد وكأنها ناقصة ويكفي أن لغة الصحف الرياضية زي الطين ويكفي … ويكفي… قد يقول قائل إن حالة التردي الرياضي من حالة التردي العام فاقتصاديا البلاد فاتحة خشمها منتظرة دولارات النفط الجنوبي ليمر في الأنبوب المتجه لبورتسودان واجتماعيا البلاد تتحدث عن وزارة تنمية الموارد البشرية التي تحولت الى وزارة تعرية بشرية. قال إيه، قال بنات سودانيات غير داكنات البشرة؟ سياسيا أسكت ساكت بالإضافة للكنكشة فساد هيثرو ما (عارف) إيه والأقطان والحج والعمرة تمزق روائحه الأنوف وشوال البصل وصل اربعمائة الف جنيه وماخفي أعظم. فنيا فنان يحيي الحفلات قرر تزويج نفسه من آخر لا حول ولا قوة إلا بالله ياربي قيامتك دي مستني بيها شنو؟ استغفر الله العظيم فالدنيا جمعة والأمة مجتمعة في الفارغة والمليانة والمقدودة ولكن مع كل هذا الذي تقدم إن ماحل بالرياضة أسوأ وأضل وأنكأ. نعم التدهور عام وفي كل شيء لكن الرياضة هي الأسوأ وهي الأكثر تدهورا لا بل هناك يأس من إصلاح حالها المائل وأشارطكم أنه إذا استمر الوضع على ما هو عليه لن تجدوا في دور الرياضة إلا المشجعين المحترفين ااااي على الطلاق في السودان في مشجعين بياكلوا عيش من التشجيع فهؤلاء يصرف عليهم الإداريون الذين لحقوا الكرة السودانية أمات طه وإن شئت قل الغطس بضم الغين فاحتراف التشجيع هو آخر وأخطر أمراض الكرة السودانية لأن المطلوب الآن من المشجعين المحترفين ليس مساندة فريق الكرة إنما دعم الممول فانتظروا بورسعيد جديدة في السودان.
[/JUSTIFY]

حاطب ليل- السوداني
[email] aalbony@yahoo.com[/email]