رأي ومقالات

محمد حسن مصطفى: أينَ الصِحَّةُ مِنَ الصِحَّةِ؟!.. أشجَانُ المَريض وَالطبيب

(1)–[حُقــُوقٌ مِنَ الصِحَّة!] وَ يَعتــَصِمُ الأطبَاءُ ـ أيًّ مَن كـَانــُوا ـ يُضربُونَ أينمَا كــَانــُوا وَ يُتــَنــَاقــَلُ الخــَبَرُ وَ قد يُطبَخُ عَنهــُم أو بهمُ وَ لهـُمُ يُمسَخ! حُقــُوقٌ لهــُمُ مَشرُوعة مَغصُوبَة يُطالبُونَ بها؛ وَ (سَدَنــَةٌ للحُكم) أنجَاسٌ عنهـُمُ يَحجُبونها! في بَلد عَمَّهـَا (الظــُلمُ) وَ القــَهرُ أعمَى بَصَائرَ وَ ضـَمائِر سَلاطينِهــَا حُكـــَّامَا وَ حَاشيَة! وَ تــَدُورُ بالجَميع تِلكَ السَاقِـيَةُ؛ وَ اللهُ وَحدَهُ العَالِمُ الشــَاهِدُ عَلينا وَ (عَليهمُ).
جَاهِلٌ هُوَ مَن ظـَنَّ أنَّ كـُلَّ مَا يُسمَعُ أو يُبصَرُ حَقٌّ؛ وَ أحمَقٌ ذاكَ الذِي يَبحَثُ عِندَ (الفــَاجـــِر) عَن الحَقِّ وَ العَدل! وَ الكــُلُّ (مُعتصِمٌ) بحزب أو بجَمع إلا الصِحَّة أهلـُها وَ مَن أحبَّ للهِ وَ فِي اللهِ العَمَل بها هـَاجَر فِي اللهِ بَاحِثا عَن العَدل وَ الإنصـَافِ وَ (العُمر) وَ الحَقِّ .. صِحَّة!
وَ مَن يَدري؟! مَن يَدري؟! مَن فِي ظــَنِّهِ أنّ قــَطعَ أرزاقَ عِبَاد الرزَّاق فـَهمُ للإدَارَةِ وَ سِيَاسَة ٌ أو شــَطــَارَة ٌ؛ أمَّن هُوَ مِن ظـُلمِهِ لِنفسِهِ ظـَنَّ أنَّ العَدلَ (عَرضـَاتُ رَقص) وَ هُتـَافٌ فـَارغٌ للمُنتفِعينَ حَولهُ أهلُ النِفاق مَن إلى النـَار أنصـَارهُ؟!
وَ ليَس كـُلَّ مَا يُعلمُ يُقال وَ ليسَ مَن سَمِع كمَن أبصَر؛ وَ يَبقى للمَظلوم مُشرَعا مَفتوحَا بَابُ الدُعاء وَ بُشراهُ الإجَابَة بإذن الله.
فمَن يَدري مَن يَدري؟!
^

(2)–[أينَ الصِحَّةُ مِنَ الصِحَّةِ؟!] مَنْ قَالَ أنَّ الأطِبَّاءَ (يَتمَنَّعُونَ) الذهَابَ إلى الوُلايَاتِ وَ الأقَالِيمٍ لَعَدِمِ (التحفِيزِ) هُنَاكَ؟ بَل مَنْ زَعَمَ أنَّ (التَحْفِيزَ) يَتمَثَّلُ فِي سَكنٍ وَ مَعيشَةٍ وَ ترْحِيلٍ وَ مَالِ دَعْمٍ فِي (حَوَافِز)؟! ذَاكَ اسْتِخفافٌ وَ (كَلامُ جَرَائِدَ) وَ تقلِيلٌ مِنْ شَأنِ الأطِبَّاءِ وَ أخْلاقِهِمُ.ـ طَبَعًا هُناكَ
الإسْتِثْناءُ وَ نَحْنُ هُنا نَتحَدَّثُ عَن (القاعِدَةِ) ـ
الإشكَالُ فِي حَقِيقتِهِ نُبَسِّطُهُ فَنقُولُ : أنَّ الطَبيبَ وَ (حَوَائِطَ المَشافِي) وَاحِدٌ فِي (فِقهِ) وَ (حِسَاب) وُزَارَاتِ الصِحَّةِ المُختَلِفَةِ! فوُجُودُ مَشفَى وَ إنْ (أطلالاً) يَعنِي حَتمِيَّةَ تَوَاجُدِ طَبِيبٍ بينَ حَوَائِطِهَا وَ إنْ (شَبَحَاً)! أمَّا بَقِيَّةُ مُسَتلزَمَاتِ الصِحَّةِ وَ مُعِينَاتِهَا فِهيَّ (كَمَالِيَّاتٌ وَ شَكليَّاتٌ) تُسْتكمَلُ مَعَ الزَمَنِ!
فإنْ كُنْتَ فِي مَكَانٍ مَا وَ عَنْ بُعدٍ لَمَحتَ مَشْفَى حُكُومِيَّ مَا فثِقْ أنَّ هُنَاكَ طَبيبٌ مَا!َ لكِنْ هَل تَحتَ تَصَرُّفِ ذاكَ المِسكِين مَا يَخدُمُ الصِحَّةَ؟! تِلكَ هِي حَقيقةُ المُشْكِلَةِ.
فإلى (الأطِبَّاءِ الحَوَائِطِ) نحكي قِصَصَا؛..
ـ دَاخِلَ مَشْفَى (حُكُومِيٍّ) مُتَخَصِّصٍ كَبيرٍ فِي (العَاصِمَةِ) بَعْدَ السَاعَةِ11 ليلاً المَعْمَلُ يُغْلَقُ وَ الأشِعَةُ وَ الأطِبَّاءُ وَ المُمَرضِينَ وَ الصَيْدَلِيَّ (وَحْدَهُمُ) يَسْهَرُونَ الليَالِي يَكْشِفونَ يُعَالِجُونَ بِلا أشِعَّةٍ وَ لا فُحُوصَاتٍ وَ تَحَالِيلٍ! فَالبنسْبَةِ للمُوَاطِنِ البَسِيطِ أسْعَارُ المَعَامِلِ وَ الأشِعَّةِ الخَارِجيَّةِ (الخَاصَّةِ) إنْ كانت سَاهِرَةً مَفتُوحَةَ الأبَوابِ لهُمُ (فوْقَ طَاقَتِهِ)! فَيَنْتَظِرُ الجَمِيعُ وَ يَسْتَمِرُّ العِلاجُ وَ بإذِن اللهِ سَلامَةٌ حَتَّى (الصَبَاحِ بِدَايَةِ الدَوَامِ) وَ عَوْدَةِ أهْلِ الأشِعَّةِ وَ المَعْمَلِ!
ـ وَ فِي مَشْفَى (حُكُومِيٍّ) لِحَاضِرَةِ وُلايَةِ؛ إنْ إحْتَاجَ الطَبيبُ المُناوبُ ليلاً بَعْدَ 10 ليلاً إجْرَاءَ أشِعَّةٍ عَاجلَةٍ أوْ عَمَلِيَّةٍ جِرَاحِيَّةٍ طَارئَةٍ فَيَتَوَجَّبُ عَليهِ أنْ يَمْلاءَ (إسْتِمَارَةَ إسْتِدْعَاءٍ لأطقُمُ الأشعة و العَلمَليَّات أوْ يَكْتُبَ طَلبَاً يُحَدِّدُ فِيهِ الحَالَةَ وَ التَشْخِيصَ وَ (دَرَجَةِ ضَرُورَةِ الإستِدعَاءِ) عَاجِلٌ أمْ يُمْكِنُ إنْتِظَارَ ( دَوَامِ الصَباحِ ) وَ الصَباحُ رَباحٌ!
ـ وَ فِي العَاصِمَةِ وَ الوُلايَاتِ ـ مَعَ إسْتِثنَاءَ ـ هُنَاكَ فُحُوصَاتٌ رغمَ أهَميِّتِهَا لا تُجْرَى إلا فِي (مَعَامِلِ الصَباحِ) الحُكُومِيَّةِ دُونما دَاع عِلمِيٍّ حقيقي يَمنعُها!
وَ يَنْعِقُونَ بِنَا يَنهَقُونَ جَهْلاً وَ ظُلمَاً وَ وَقاحَةً أيْنَ الدُكُتور؟! بَلْ أيْنَ مَشْفاكَ المُتَكامِلُ يَا مُواطِن؟! أيْنَ وَزيرُ الصِحَّةِ؟!!
يَبدُو أنَّنَا أطِبَّاءً نَحْتاجُ (تدريبَاً) مَا يَجعَلُنَا (سُوبرمَانَاً) مَا؛ لنَا نَظَرٌ خَارِقٌ يَخْتَرِقُ أجسَامَ المَرْضَى فنَرى عَبْرَهُ مَشَاكِلَ الجِسْمِ كُلِّهَا لَحمَاً وَ دَمَّاً وَ عَظمَاً! عِنْدَهَا لَنْ نَحتاجَ إلى تِلكَ (الحَوَائِطِ) وَ المَشَافِي ؟!
سين سُؤال : تُريدُ طَبيبَاً؟
.. إذاً جيم الجَواب : هَاكَ مِنِّي تَشْخِيصَاً (عَلى الطَائِر) !!
^

(3)–[سُوقُ الصِحَّةِ!] وَ للمُطَّلِعِ وَ المُرَاقِبِ أوْ عَلى مَاذا التنظِيرُ هُنا لِلمُنتـَسِبِ للحَقلِ الصِحِّي
كثِيرٌ مِنَ المُلاحَظـَاتِ وَ الإنتِقـَادَاتِ عَلى بَرَامِج وُزارَاتِ الصِحَّةِ عِندَنا! لكِن فِي ظِلِّ (الفـَوضـَى السِيَاسِيَّةِ) هُنا وَ تحتَ خـُضُوعِنا قـَسرَاً وَ قـَهرَاً لِطَوَاغِيتِ الأحزَابِ وَ الحَرَكاتِ وَ السَاسَةِ مِن كـُلِّ الأعمَار المُتزاحِمِينَ أمَامَنـَا الدَافِعِينَ لنا؛ تتلاشى أصوَاتُ الحَقِّ) فِي فـَرَاغـَاتِ الضـَمائِر هُنا!
وَ يَتـَجَلـَّى جَهلُ أوْ تـَجَاهُلُ كِبَارَاتِ العَمَلِ الإدَاريِّ فِي الصِحَّةِ وَ عَدَمَ إخلاصِهِمُ للهِ قبلَ عِبَادِهِ! فالحَوجَة ُ مُعلنـَةٌ مِنهُمُ للأطِبَّاءِ لِسَدِّ النـَقصِ القـَدِيمِ المُزمِنِ فِي البلادِ الشـَاسِعَةِ، وَ بَينمَا ـ مَا شَاءَ اللهُ ـ كـَثـُرَت فِينَا كـُلِيَّاتُ الطِبِّ وَ الصِحَّةِ وَ فـَاضَ عَلينـَا الأطِبَّاءُ ذكـورَاً وَ إناثـَاً لكِنَّ الحَوجَة مازالت قائِمة وَسطَ تـَبَايُن فِي مُستـَوى الاختصَاصِيِّن بَيننا!
وَ حَتـَّى نخرُجُ بفائِدَةٍ ـ بإذِن اللهِ ـ مِنَ الكلام هُنا سَأبدَأ مُتأمِّلاً مَعَكـُمُ الحَالَ الآنَ هكذا: مَا أهَمُّ التخَصٌّصَاتِ التِي تـفتقِدُهَا ـ إلى يَومِنا هَذا ـ بلادُنا؟! وَ قبلَ أنْ نتسَرَّعَ بالإجَابَةِ أوْ التنظِير؛ هذا سُؤالٌ يَستوجِبُ إحصَائِيَّاتٍ مِهَنيَّةٍ عِلمِيَّةٍ دَقِيقةٍ لا أملِكـُهَا وَ لا يَحِقُّ لِيَ السُؤالُ للإطِّلاعِ عَليهَا؛ لذلِكَ لا مَعنى للإجَابَةِ عَليهِ مِنـَّا!
لكِنَّ يُمكِنـُنَا إعَادَة ُ صِياغـَةِ السُؤالِ هكذا: هَلْ تـَحوي مَشافِي الوُلايَاتِ الرَئيسِيَّة مُختلَفَ التخَصُّصَاتِ الطِبِّيَّة؟! وَ سَيَجدُ كـُلٌّ مِنـَّا نـَفسَهُ قـَادِرٌ عَلى الإجَابَةِ وَ (الشـَهَادَةِ بالحَقِّ) عَمَّا يَعلَمَهُ وَ شـَاهَدَهُ وَ عرفـَهُ مِنْ أمْر مَشفى وُلايَتِهِ؛ وَ دُونـَمَا اتـِّهَامَاتٍ أوْ تـشكِيكٍ فِي المَقـَاصِدِ وَ النِيَّات!
وَ لعَلَّ مَا أفسَدَ بَعضَ كِبَار الأطِبَّاءِ وَ الأساتِذةِ عِندَنا رَغمَ كونِهِمُ تلقـَّوا التدريبَ وَ التعلِيمَ عَلى (حِسَاب الدَولةِ) وَ فِي ( أزمِنةٍ ) تـُعَدُّ (ذهبَّية) فِي تاريخِ التعلِيمَ عِندَنا وَ عَبرَ بَعثـَاتٍ إلى أرقى كـُلِيَّاتِ الطِبِّ العَالمِيَّةِ مَرجِعَهُ إلى الصِرَاعِ المُستمرِّ القائِمِ هُنا بينَ (المَصَلحَةِ وَ المَنفـَعَةِ)! دَفعَ صِغارَ الأطبَّاءِ لإعَادَةِ حِسَابَاتِهِمُ فِي مَجالاتِ التخَصًّصِ التِي تـُعينُهُمُ عَلى المُستقبَلِ هُنا! وَ بَينَمَا اتجَهَ فِي سُهُولةٍ (تَابعِي الأحزَابِ الحاكِمَةِ) مِنهُمُ للعَملِ الطِبِّي الإدَاري فِي الوُزارَاتِ وَ المَشافِي المُختلِفـَةِ؛ تـَوَزَّعَ ( البقِيَّةُ ) حَسَبَ الوَسَاطَاتِ وَ البعَثاتِ وَ المِنحِ المُتاحَةُ لهُمُ مِنْ وَسَاطاتِهِمُ الوَزاريَّةِ أوْ أحزابِهِمُ أوْ مُنظَّمَاتِ الأمَمِ أوْ (نفقـَاتِ أهلِهِمُ) للتَخًّصص طَبيباً! فيَرتقِي ليُشاركَ فِي (المَعمَعَةِ) وَ (سُوق الصِحَّةِ)!
^

(4)–[قــَشــَّة ٌ الصِحَّة!] قد أكـُونُ قـَسَوتُ بَعضَ الشَيءِ عَلى (أهلِ الصِحَّةِ الحِكـُومِيَّةِ) هُنا فِي وَزارَاتِهِمُ وَ إدَارَاتِهِمُ وَ تخصُّصَاتِهِمُ المُختلِفةِ؛ لِكِنِّي أشهِدَ اللهَ أنِّي لا أقصِدُ إلا الخـَيرَ لهُمُ وَ بـِهِمُ. وَ كلامِي عَمَّا أرَاهُ وَ أعلَمَهُ وَ أعيشـَهُ وَ أخـُوضَهُ مُوَاطِنـَاً طَبيبَاً بَسيطَاً مَعَهُمُ وَ بَينـَهُمُ.
وَ إن كانَ عِندَ البَعضِ لا يَجوزُ تـَعمِيمَهُ مُفترِضـَاً أنـَّها تجَاربٌ وَ ظـُرُوفٌ لهَا وَ حَولهَا خـَاصَّة؛ لكِنـَّا لا نتحَدَّثُ عَن إشكالاتٍ وَ مَشاكِلَ فِي وُرَشٍ وَ مَراكز صِيَانـَةٍ بَلْ عَن (صِحَّةِ الإنسَان) حَديثـُنا فكانَ لزامَاً عَلينا أن نـَشهَدَ الحَقَّ عَلينا أوْ لنا سَعيَاً لِمَرضـَاةِ اللهِ وَ توفِيقهِ مُشهِدِينـَهُ تعالى وَحدَهُ عَلى مَا نـَقـُولُ هُنا.
إذاً لِنـُوَاصِلَ الكلامَ عَن الصِحَّةِ وَ أهلِهَا وَ أهلِنـَا هُنا؛ وَ ليسَ بَعِيدَاً عَن حَال الصِحَّةِ الحُكومِيَّةِ حَالُ الصِحَّةِ فِي قِطَاعَاتِ مُجاورَةٍ لهَا مِن الخـَاصِّ وَ الاستِثمَار وَ الأجهزةِ النِظَامِيَّةِ الأخرَى!
وَ سَنتأمَّلُ الحَالَ فِي تِلكَ الأخيرَةِ ـ الأجهِزةِ النِظَامِيَّةِ ـ وَ أعنِي بهَا الجَيشَ وَ (سِلاحِهِ الطِبِّيُّ) وَ الشـُرطَة وَ (خِدَمَاتِها الطِبيَّةِ).
فـَرَغمَّ أنَّ أهلَ الصِحَّةِ فِيهمَا هُمُ الذِينَ يَقـُودُونَ دَفـَّة الإدَارَةِ الطِبِّيَّةِ سَعيَاً لِتوفِير الخِدَمَاتِ الصِحِيَّةِ لِمُنتسِبيهمَا وَ أسَرهِمُ أوَّلاً ثـُمَّ للمُواطِنِ ثانِيَاً؛ إلا أنَّ المُلاحَظَ أنَّ (التفكِيرَ العَسكريَّ) فِيهمَا غـَلَبَ (الوَعيَّ الصِحِّيَّ)!
فمَجَالُ الصِحَّةِ فِي كـُلِّ فـُرُوعِهِ وَ مَجَالاتِهِ دَاعٍ للتأمُّلِ وَ التفـَكـُّر وَ التـَعَلُّم مِنَ التـَجَاربَ وَ أخذ الحِكمَة مِنهَا وَ الصَوَابَ، فهُوَ دَافِعٌ للتفكِير الهَادِفِ البَنـَّاءِ الخـَلاقِ فِي كيفِيَّةِ دَفع الضـَرَرِ قبلَ أوَّل إشـَارَاتِ اقتِرَابهِ فالوقـَايَة ُ هِيَ الغايَة ُ مَعَ حَتمِيَّةِ توفير العِلاج.
لكِنَّ (الفوَضـَى) المُشـَاهَدَة فِي إدَارَاتِ تِلكَ الأجهِزَةِ النِظامِيَّةِ الصِحيَّةِ وَ التـَضـَارُبُ الفاضِحُ مَا بينَ الأوَامِر وَ التعلِيمَاتِ وَ الوَسَاطَاتِ وَ التوصِيَاتِ أفسَدَ (مِنهَاجَ أهلَ صِحَّةِ) مِنهُمُ فنـَجـِدُ أنَّ الإدَارَاتَ الصِحيَّةَ فِيهِمَا فاقِدَة ٌ للتخطِيطِ فهمَاً وَ عَملاً وَ حِكمَةً؛ لا تـُجـِيدُ وَضـَعَ بَرَامِجَ وَ لوَائِحَ فِي كيفِيَّةِ التنسِيبِ وَ استِيعَابِ الكوَادِرِ المُختلِفةِ وَ رَسمِ طـُرُقٍ للتدريبِ وَ التأهيلِ تـَرتـَقي بتلكَ الكَوَادِر فِي سَعيٍّ (للاكتِفاءِ الدَائِمِ المُستمِرِّ المُستقِرِّ المُتجَدِّدِ) فِي كـُلِّ التـَخصًّصَاتِ الصِحيَّةِ فيهَا! بَل وَ لا رُؤيَة لِديهِمُ وَ لا حِكمَة فِي الاختيَار مَا بينَ الذكر وَ الأنثـَى!
حَتـَّى تـَجَلَّى لهُمُ فجأةً كثرَة إقبَالِ الإنـَاثِ للانتسَابِ إليهِمُ سَوَاءً لِجَمَالِ الزيِّ العَسكريِّ أوْ الامتِيَازاتِ وَ المَعاش وَ الحَوافِز المُتـَاحَةِ وَ المَوعُودَةِ أكثرَ مِنَ الذكـوُر! وَ ما ذاكَ إلا لأنَّهُنَّ عَلِمنَ حَقيقةَ أنـَّهُنَّ (لن) يُرسَلنَ أوْ يُبعثنَ أبعَدَ مِن مَنطِقةِ سَكنِ أهلِهَنَّ! فالأوَّلادُ وَحدَهُمُ هُمُ الذِينَ يُساقـُونَ فِي تِلكَ المَناطِقِ وَ يُنفـَونَ فِيهَا! وَ طَبَعَاً لستُ مُتحَامِلاً عَليهِنَّ ـ مَعاذ اللهِ ـ لكِنـِّي كـُنتُ هُناكَ وَ هُنا!
إذاً فالعَيبُ ليسَ أسَاسُهُ الأنظِمَة ُ هُناكَ أوْ هُنالِكَ أوْ .. هُنا ؛ بَل فِي (العَقلِيَّةِ الصِحِّيَّةِ) التِي تـُشاركُ فِي إدَارَةِ القرَار لا صِنـَاعَتِهِ فِي كـُلِّ مُؤسَّسَاتِ وَ مَرَاكز وَ مَرافِقِ الصِحَّةِ! عَقلِيَّة ٌ (قـَاصِرٌ) تفكِيرُهَا عَقيمٌ شـَائِخٌ لا يَستجـِيبُ للحَيَاةِ إلا رُدُودَ أفعَالٍ وَاهِنـَةٍ لأحدَاثٍ وَ أسبَابٍ وَ حَاجَاتٍ! وَ رَغمَّ ـ وَ هِيَ شـَهَادَة ٌ ـ أنَّ (السِلاحَ الطِبِّيَّ)تـَمَيَّزَ فِي تـَوسُّعِ مُستشفيَاتِهِ وَ مَراكِزِهِ وَ انتِشـَارهِ فِي وُلايَاتِ السُودَانِ وَ مُدُنِهِ تَوسُّعَاً يَجعَلَهُ قادِرَاً عَلى مُسَانـَدَةِ وُزارَاتِ الصِحَّةِ أوْ حَتـَّى ـ و لا مُبَالغة ـ التـَفـَوُّقَ عَليهَا؛ إلا أنـَّهُ مَازالَ يَفتقِدُ بكـُلِّ وُضـُوحٍ وَ الأدِلَّة ُ كثيرَة ٌ (للكـَوادِر الصِحيَّةِ) القادِرَة المُؤهَّلةِ! وَ مَا ذاكَ إلا الدَليلُ عَلى عَقمِ الفِكر الصِحيُّ أوْ النِيَّةِ عندَ قِيَادَاتِهِمُ! وَ عَليهِمُ التجدِيدُ وَ الدَفعُ بدِمَاءٍ حَارَّةٍ شـَابَّةٍ قـَادِرَة عَلى (خـَلقِ الخـَيَالِ وَاقِعَاً) يَستفِيدُ مِنْ قـُدُرَاتِ مَفخرَتِنا الجَيشَ.
أمَّ (الشُرطَةُ) فمَازالت تـُحَاولُ إثبَاتَ تـَوَاجُدِهَا الصِحيَّ؛ وَ عَلَّ أهمَّ انجَاز يُحسَبُ لهَا
هُوَ جَامِعَة ُ الربَاطِ وَ كـُليَّاتُ الصِحَّةِ المُرَافِقةِ لهَا، وَ مَا صَاحَبَ ذاكَ مِنْ استقدَامٍ لخِبَرَاتٍ مَشهُودٌ لهَا. لكِنَّ إشكالهَا قابعٌ فِي (إدَارَةِ الشـُئُونِ الصِحيَّةِ وَ خِدَماتِهَا) فِيهَا؛ فلا مَنهَجَ مُبَرمَجٌ وَاضِحٌ لدَيهِمُ وَ لا رُؤيَة ٌ للتنسيبِ وَ التدريبِ!
وَ أخيرَاً إنَّ نـَظرَةَ إخوَتِنا فِي العَسكر وَ المُعَسكر فِي تـَحَكـُّمِهِمُ (اللا) مَدرُوسَ (اللا) عَادِلَ (اللا) عِلمِيَّ (اللا) مَنهَجِيَّ فِي مَصير وَ مُستقبَلِ المُنتسبينَ إليهِمُ (الصِغارُ مِن أهلِ الصِحَّةِ) هِيَ مَا تـَضربُ الجُدُرَ بَينهُمُ وَ بَينَ اجتِذابِهِمُ لِتلكَ الكـَوَادِرَ التِي تضعُ الأخلاقَ نَصبَ الأعيُنِ تـَخافُ اللهَ وَ اللهَ وَحدَهُ! وَ استِمرَارَهُمُ فِي ذاتِ النـَهجِ وَ الأسلُوبِ هُوَ النِهَايَة ُ التِي سَيكـتـُبُونهَا لأنـفُسِهِمُ وَ لأسَرهِمُ صِحِيَّاً أكانـَت أمْ مِهنِيَّاً؛ فكـُلَّ مَا سَيحصُلُونَ عَليهِ شـَبَابٌ مِنْ عِلَّةٍ يَبحَثُ عَن سُلطَةٍ وَ قِلـَّة ٌعِندَهَا الأخلاقُ تـُصارعُ الحَيَاة لِتكـُونَ أو لا تـَكـُونَ تـُحاولُ مَعَهُمُ التـَعَلـُّقَ ( بـِقـَشـَّةٍ )!

محمد حسن مصطفى