جعفر عباس

مهما تحذَر هناك ما هو مقدّر

مهما تحذَر هناك ما هو مقدّر
[JUSTIFY] اليك اليوم مجموعة من الحكايات مفادها ان الحذر لا يمنع القدر (ولا يعني ذلك ان عليك ان تتهور وتفعل ما يحلو لك من دون حساب العواقب)، ونبدأ بولاية نيويورك حيث سقط رجل سكران طينة بسيارته في حفرة لم تكن عميقة فخرج الرجل من السيارة من دون ان يصاب بأذى من أي نوع، لطلب العون لسحب سيارته من الحفرة وفور وصوله إلى طرف الشارع صدمته سيارة مسرعة فسقط في الحفرة ميتا، وفي بلدة أبتوس في ولاية كليفورنيا الامريكية عاد رجل في الـ47 الى بيته من العمل مرهقا، وشرع في خلع بنطلونه والتف البنطلون حول اسفل ساقية فانحنى لنزعه بيديه ولكنه تعثر، واصطدم بنافذة غرفة النوم فتهشم زجاجها وسقط الرجل خارجا على رأسه وتوفي في الحال، وفي مدينة سان لويس بولاية ميسوري الامريكية كانت سوزي ستيفنز أشهر خبيرة في مسائل حركة المرور في طريقها الى قاعة احد الفنادق لتقديم محاضرة حول سلامة المشاة وراكبي الدراجات، وأثناء اجتيازها الشارع لدخول الفندق صدمتها دراجة نارية وألقت بها أمام حافلة ركاب قضت عليها تماما.. وخلال احتفالات الكريسماس قررت محطة تلفزيون في ولاية كلورادو الامريكية تنبيه الجمهور الى مخاطر الحرائق التي تنشب عن إيقاد شجرة الكريسماس المزودة بمصابيح كهربائية صغيرة، واستخدام الشموع، وبدأ الفريق في تقديم لقطات تشرح كيفية تفادي الحرائق، وبدأت عملية الشرح في متجر لبيع الشموع، وببنما كان المذيع ينطق بالعبارات الختامية في تقريره، شب حريق في المتجر وزحف الى أربعة متاجر أخرى ودمرها، ولا بأس في أن أحكي لكم تجربة شخصية كنت فيها شاهد عيان، فخلال عملي في صحيفة إنجليزية خليجية، تم تكليفي وزميلة أمريكية بتغطية تخريج دفعة من رجال الدفاع المدني والإطفاء الذين تم تدريبهم على استخدام الهليكوبترات لإطفاء الحرائق وإنقاذ ضحاياها، وفي ميدان واسع التفّ حوله الآلاف كانت هناك غرفة بنيت لغرض تقديم عرض «التخريج»، وتم إشعال النار في تلك الغرفة، وتحركت هليكوبتر صوب الغرفة، ونزل منها ثلاثة جنود ممسكين بحبال متينة، ثم فجأة سقطوا الواحد تلو الآخر في وسط الغرفة المحترقة من ارتفاع شاهق، ولقوا حتفهم.. وأصيبت زميلتي الأمريكية بحالة من الهستيريا، ولم أكن في وضع يمكّنني من مساعدتها والتخفيف عنها، لأنني ايضا كنت على وشك الانهيار من هول المأساة،.. وتذكرت أمر السيدة السودانية التي أوصاني زوجها بأن «اخلِّي بالي منها» خلال رحلة جوية الى لندن، وكنت ولا أزال أخاف ركوب الطائرات، وعندما أرادت الطائرة الهبوط في مطار فرانكفورت لبعض الوقت، تعرضت لزلزال مدمر، وبدأت ترتج وترتعد وتميل يمنة ويسرة، وهي تناطح الغيوم المكفهرة، وكنت أردد الشهادتين بصوت مسموع عندما أحسست بيد تمسك بكُمّ قميصي، وحسبته بادئ الأمر ملك الموت فكادت أمعائي تهبط في حذائي، ونظرت الى اليد متوسلا أن تمهلني قليلا فلم أكن وقتها قد تزوجت وكان أهلي بحاجة إليّ، وفوجئت بأنها يد السيدة التي من المفترض ان «أخلِّي بالي» منها، فصحت فيها في غضب: فكيني وللا أكورك (أصيح) وألِمّ عليكي الجيران؟ وبعد ان نزلت الطائرة في لندن توسلت الى تلك السيدة ان «تسترني» ولا تفضح جبني أمام زوجها الذي كانت تربطني به صداقة قويةونختتم الجولة بحكاية من الولايات المتحدة التي نذرت نفسها لتعليم شعوب العالم القيم الإنسانية والأخلاقية، ونقرأ حكاية كاثرين سميت من ولاية اوكلاهوما التي باعت ابنتها البالغة من العمر سبعة اشهر الى جارتها نظير…. حاول التخمين: 15 الف دولار؟ مائة الف دولار؟ مليون دولار؟ لا هذي ولا تلك، بل نظير ان تعطيها الجارة كلبا من فصيلة تشيواهوا… كلب في حوزة بنت كلب!

[/JUSTIFY]

جعفر عباس
[email]jafabbas19@gmail.com[/email]