الطاهر ساتي

قانون إدوارد

‫ ‫ قانون إدوارد
** إدوارد الأول ملك إنجلترا، من قساة الإمبراطورية التي لاتغيب عنها الشمس، أو كما يصفها تاريخ الإستعمار.. في العام 1280، نجح إدوارد في إحتلال أسكتلندا وفرض – على شعبها – قانون الغابة المجرد من العدالة والضاج بالظلم والبطش..على سبيل المثال، قائد الجيش البريطاني هو الذي كان يدشن – أويفتتح – عرائس اسكتلندا قبل ليالي عرسهن..هكذا كان (قانون إدوارد ) يلزم العريس الأسكتلندي بأن يذهب بعروسه إلى قائد الجيش البريطاني بالمنطقة، لتنام في حضن القائد حتى الفجر، ثم يعود بها إلى قريته ويكمل مراسم الزواج.. وليام ولاس، ابن فلاح اسكتلندي، كان أول المتمرد ين على هذا القانون ..هرب بمحبوبته مارون و تزوجها بعيداً عن عيون الجيش البريطاني والعملاء ..وعندما علموا ذلك، حاولوا إغتصاب مارون ولم ينجحوا، فقتلوها..ومن هنا، إشتعلت شرارة الغضب الاسكتلندي – بقيادة وليام ولاس – ضد الانجليز، قتلاً وحرقاً.. ثم تواصل نضال الشعب احتى إكتمل تحرير الوطن، وكان – ولا يزال – وليام ولاس بمثابة ( أسطورة الحرية) ..!!

**وللأسف، منذ عقدين تقريباً، يصطلي عالم الشحن الجوي بالبلاد بقانون لايختلف كثيراً عن ( قانون إدوارد)..إذ كل سلع الصادر في السودان بمثابة العروس الاسكتلندية التي يجب أن تنام في حضن القائد الإنجليزي قبل ليلة عرسها، أو تغتصب أو تقتل..نرجع لتصريح عبد الله صافي النور، رئيس لجنة تسيير إدارة سودانير، ( هناك مؤامرة لحرمان سودانير من نقل الصادر)، هكذا توجس يوم الأربعاء الفائت ، فرفضت توجسه في اليوم التالي بمظان أن صافي النور لايتوجس من حرمان شركة سودانير من نقل الصادر، بل يسعى إلى إحتكار نقل الصادر بواسطة شركة سودانير ..والحقائق لم تخيب ظني، و- فعلاً – تحتكر سودانير نقل الصادر منذ عقدين تقريباً وتتوجس من (المنافسة الحرة)..سودانير لا تمتلك من طائرات الركاب ما تكفي خطوطها الخارجية والداخلية، فمن أين لها طائرات نقل الصادر لحد فرض نهج الإحتكار؟، أوهكذا السؤال..والإجابة مؤسفة للغاية، وهي : يصدر المصدر صادره باية شركة طيران، ولكن بعد أن يدفع لشركة سودانير ( 50 دولار في الطن)، بلا مقابل..هذا ما يحدث بعلم – وأمر – سلطات البلد، بما فيها سلطة الطيران المدني..!!

** نعم، كما حال قانون إدوارد مع عرائس اسكتلندا، يلزم قانون الإحتكار المصدر بأن يذهب بالسلع المراد تصديرها إلى ملوك سودانير، ليغتصبوا (الخمسين دولار في الطن)، ثم بعد ذلك يشحنها – المصدر ذاته – في أي شركة طيران ويدفع قيمة الشحن (على داير المليم)، ولايخصم منها تلك الدولارت المدفوعة لملوك سودانير بلا مقابل..هذا لايحدث إلا في السودان، حيث سيادة (قانون القوة) وليس (قوة القانون).. كل دول العالم تضج بشركات الشحن جوي المملوكة لأفراد المجتمع، وكذلك بكل دولة شركة طيران حكومية، ومع ذلك لم نسمع – أو نقرأ أو نشاهد – بان صادر تلك الدول يمر إلى شركات وقرى الشحن الجوي الخاصة عبر الناقل الحكومي..لوكانت سودانير تحتكر نقل الصادر بطائراتها لكان الحدث (مبلوع شوية)، رغم رفض العقل البشري السوي لكل أنواع الإحتكار، ولكن سودانير لاتحتكر نقل الصادر بطائراتها، بل فقط بتلك الرسوم التي يدفعها المصدر مكرها و بلا مقابل (50 دولار في الطن).. !!

** سلطة الطيران المدني تعلم أن سودانير محض شركة طيران، ولاتملك سلطة إحتكار النقل ولافرض الرسوم والجبايات – كما مؤسسات الدولة ومرافقها العامة – على المصدرين .. ولكن المؤسف، تحت سمع وبصر سلطة الطيران تحولت سودانير منذ عقدين – بقدرة مراكز القوى – إلى جهة إحتكارية وجبائية لحد فتح منافذ لتحصيل الرسوم الإجبارية – وكمان بالدولار – من المصدرين كما المواصفات والضرائب والجمارك، ولكن بلا مقابل..لم تحرك سلطة الطيران المدني ساكناً بحيث تنقذ الصادرات والمصدرين من براثن سودانير و ( خمسين دولارها)، ولم تفكر في فتح أسواق الشحن الجوى بحيث تتنافس الشركات بالجودة والقيمة..فلتتحرك سلطةعاجلاً – لصالح الصادر- بتحريم سودانير من فرض خمسين دولار في الطن بلا مقابل، أي فليكن حراكا نحو تحرير سوق الشحن الجوي بحيث لايكون هناك سمسار – زي سودانير – بين المصدرين وشركات الشحن الجوي..هذا ما يجب أن يحدث، ما لم يكن نهج الطيران المدني متصالحاً مع ( قانون إدوارد)..!!

إليكم – السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]