الطاهر ساتي

نصلح السراير و ننظم المؤتمرات

/

‫ ‫ نصلح السراير و ننظم المؤتمرات
** لم يتوفر بينهما شرط التكافؤ، هو كان شيخاً في العقد السادس وهي كانت دون العشرين،ومع ذلك تم عقد القران بعد أن اتفقا على أن تحتفل الزوجة بأعياد وعادات وطقوس جيلها في بيت أبيها، وذلك توقيراً للزوجها الشيخ الوقور..على سبيل المثال، حين يطل رأس السنة، تخبره : ( احتفل بيهو مع صحباتي هنا ولا نمشي بيت أبوي؟)، فيأذن لها بالذهاب إلى بيت أبيها..وفي عيد ميلادها، تنبهه قبل يوم : (بكرة عازمة شلة الجامعة، نحتفل هناولانمشي بيت عمتي)، فيأذن لها بالذهاب الى منزل عمتها..وهكذا ظلت الزوجة تحتفل بكل الأعياد في بيوت الآخرين بأمر زوجها..إلى أن حل عيد زواجهما الأول،فسألته بمنتهى البراءة:(أها،نحتفل بيهو هنا ولا امشي بيت العزابة ؟)..!!

** وهكذا تقريباً حال حكومة البلد مع ملتقيات الإستثمار ومؤتمرات المانحين..تلقيت – من سلطة دارفور الانتقالية – دعوة الهجرة الى الدوحة حيث حفل مؤتمر المانحين، فاعتذرت ثم تساءلت 🙁 ليه ما تحتفلوا بالمانحين في بيتكم؟)، أي بالخرطوم على سبيل المثال، هذا إن كانت الفاشر ونيالا – وغيرها من المدائن والأرياف المستهدفة بالمنح – غير آمنة أو مناظر معسكرات النازحين لا تسر المانحين؟..ثم بغض النظر عن مكان الحفل، رغم أهميته، هل إيداع مبلغ مالي – ملتزمة به حكومة كل دولة منذ عام ونيف – في حساب صندوق إعمار دارفور بحاجة إلى تفويج الحشود السياسية والإعلامية كل ثلاثة أشهر إلى الدوحة ؟..بمعنى، ما جدوى إراقة ما تبقى من ماء وجه الناس والبلد هناك ( كل ثلاثة أشهر)، و – كمان – بث ( حفل الشحدة ) إلى الدنيا والعالمين عبر الفضائيات والوكالات ..؟؟

** لقد إلتزمت الدول المانحة قبل عام ونيف، والخارجية وسفاراتها – وكذلك سلطة دارفور الانتقالية – هي الأجهزة المناط بها مهام الاتصال بتلك الدول، وليست الدوحة .. ومعيب جداً – في حق الناس والبلد- تحويل الدوحة إلى منتجع سياحي للساسة وزعماء العشائر، وكذلك معيب للغاية تحويل فنادقها (إلى مركز الخرطوم للشحدة الدولية).. وإن كان لابد من عقد مؤتمر للمانح ليدفع عبره منحته – ومحنتنا – فلتكن الخرطوم ( مقراً دائماً لمؤتمر الشحدة)، وليست العواصم العربية..فالدول التي تقترض – وكذلك التي تتلقى المنح – لاتتخذ من القروض والمنح مهرجاناً سياسياً وحفلاً إعلامياً أو كما يفعل ولاة أمر هذا السودان ( الشايلين حسو كل تلاتة شهور)..إقضوا حوائجكم – و مدو قرعتكم – بالكتمان، أي عبر أجهزة الدولة الدبلوماسية..وليس هناك داع للصخب والطرب وكأن الحدث ليس محض جلوس أمام فنادق الدوحة بلسان حال قائل ( لله يا محسنين)، بل إحتفال باطلاق (أول قمر صناعي سوداني ) أو إبتهاج بتصنيع ( صواريخ مداها تل أبيب ) ..!!

** ثم البدعة لم تعد هي فقط تنظيم مؤتمرات المانحين بدول المهجر، بل تنظيم ملتقيات الإستثمار أيضاً.. أوهكذا يفعل مصطفى اسماعيل، حالياً بالرياض وربما لاحقاً بالدوحة أو بالقاهرة ..إن كانت الحكومة ذاتها لاتثق في بلادها بحيث تكون هي الداعية والمنظمة لملتقيات الإستثمار عبر أجهزتها الرسمية، فكيف يثق المستثمر في الإستثمار فيها ؟..الأفضل للخرطوم- إن كانت هي جادة في ترويج مواردنا الخامة وتسويقها- أن تكون هي المنظمة لمثل هذه الملتقيات بأرض الوطن ووسط تلك الموارد الخامة وغير المستغلة، و ليست من الحنكة ولا الحكمة أن تنظم لها الرياض والدوحة.. فالمستثمر ليس بساذج لحد الإستثمار من وحي إستلهام أسطر (ورق مطبق بملتقى الرياض)، وليس بطيب لحد تحويل أمواله الى عاصمة من وحى مشاهدته ( فيلم وثائقي بملتقى الدوحة)، وما هكذا تجذب الدول المستثمرين ..لم يعد هناك فرقًا بين المؤتمرات والملتقيات الخارجية ومعارض طلاب ثانويات أيام زمان، بل تلك المعارض كانت ذات جدوى للطالب والزائر.. فليكن كل شئ بالخرطوم، مؤتمراً للمستثمرين كان أو آخراً للمحسنين ..هذا ما لم يكن الأمر – كلو وعلى بعضو – عبثاً مراد به ترسيخ نهج ( الإستهبال ) في عالم الإستثمار..!!‬

إليكم – السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]