عبد اللطيف البوني

تطير عيشة الصحافة !!

[JUSTIFY]
تطير عيشة الصحافة !!

السياسيون بمختلف مشاربهم لديهم رأي سلبي في صحافة الخرطوم فأهل الحكم يرونها سبب كل البلاوي فهي التي تعكس الصورة السالبة للسودان وهي التي تكذب على الشعب وتضلل الرأي العام والمعارضون يرونها مخلب قط حكومي ومهما توشحت بالنقد فهي لتجميل وجه النظام بأنه يمارس الحرية رحم الله الاستاذ محمد إبراهيم نقد الذي أنصفها قائلاً عنها إنها فعلت ما لم تفعله الأحزاب من رقابة وكشف ورأي.
نقد الصحافة ليس حكراً على السياسيين فهناك الكثير من الجهات لديها رأي سالب فيها وبالطبع من حق أي مواطن أن يقول فيها رأيه سلباً كان أم إيجاباً فطالما أنها تراقب الناس وتنتقدهم فيجب أن تتحمل نفس الشيء وفي هذا يدخل رأي المعلمين فيها فقد أمضيت سحابة يوم الخميس الماضي بمباني وزارة التربية والتعليم بولاية الخرطوم وبدعوة من الإدارة العامة للتدريب لتقديم ورقة عن علاقة الإعلام بالتربية وكانت جلسة محضورة ولكن ما أن فرغت من تقديم الورقة حتى انبرى المعقبون مخرجين هواء ساخناً فحواه أن الصحافة أساءت لسمعة المعلمين بتضخيمها للحوادث الفردية من اغتصاب وتحرش جنسي وأن الصحافة هي التي صورت المدارس بأنها أوكار للرذيلة وأن العملية التربوية ينبغي أن تعامل بقدسية وتجاوز بعض المعلمين اللعب على الكرة واتجهوا للعب على الأجسام فامطروا الصحفيين على الأقل بعضهم بتهم أقلها أنهم مرتشون.
بعض المعلمين ومن داخل القاعة اختلفوا مع زملائهم وانبروا للدفاع عن الصحافة والصحفيين ووصفوا الصحافة بأنها تؤدي دورها الرقابي كسلطة رابعة على أكمل وجه وأن الصحفيين مثل المعلمين لا يمكن أن يحكم عليهم جميعاً بحكم واحد وبلغ القول بأحدهم أن هؤلاء الصحفيين الذين لم يعجبوكم هم تربيتكم وفضلة خيركم فهل هناك صحفي مسك القلم لم يتخرج على أيديكم ؟ في تعقيبي النهائي قلت لهم لقد تعودت الدفاع عن المعلمين في كتاباتي وذكرتهم بالمقال الذي اطلع عليه بعضهم (احترس خلفك معلم) وطلبت منهم اليوم أن يسمحوا لي اليوم بالدفاع عن الصحافة والصحفيين فقلت فيهم ما وسعني ولكن في النهاية ذكرتهم أن البلاد كلها مأزومة سياسياً واقتصادياً وتربية وتعليم وصحافة فالبلاد مثل الشجرة إما أن تكون مخضرة كلها أو يابسة كلها.
كانت الورشة مثمرة اتفقنا فيها على أنه ليست هناك حصانة من الإعلام وأن التجاوزات الفردية لا يمكن تعميمها وأن سياسات الوزارة لاتخلو من الالتباس فالوزارة لم تحسم أمرها في قضايا كثيرة مثل مجانية التعليم من عدمها فالوزارة تقول بمجانية التعليم والمدارس تتحصل من التلاميذ. الوزارة تقول إنها منعت العقاب البدني والمدارس تدور فيها السياط والعصي. الوزارة تقول إنها أكملت الإجلاس وكتب المقرر وبعض التلاميذ يفترشون الأرض ويشترون الكتب من المكتبات. على الوزارة إذا أرادت أن تبعد عن مرمى نيران الإعلام أن تعالج تلك القضايا وغيرها. لقد اعترفت بتقصير الإعلام في شيء واحد وهو عدم تناوله بالنقد لتجربة المؤسسسات التعليمية الخاصة فهي مليئة بالثقوب والتجاوزات وتحتاج لكشف إعلامي عاجل وحصر الإعلام السالب على المؤسسات الحكومية أفادت منه المدارس الخاصة بدون وجه حق.
خرجت الورشة بتوصيات أهمها أن هناك إمكانية شراكة مثمرة بين التربية والإعلام وأنه ليس هناك ضرورة بأن يدرس الإعلامي تربية أو المربي إعلاماً، ولكن ليتواصلا كل من موقعه على الوزارة أن تفتح أبوابها للإعلام وعلى المؤسسات الإعلامية أن تجعل بعض منسوبيها مختصين في القضايا التربوية فالتربية هي البنية الأساسية لنهضة أي أمة .
[/JUSTIFY]

حاطب ليل- السوداني
[email] aalbony@yahoo.com[/email]