جعفر عباس

الطب والحرمان مما أحب

الطب والحرمان مما أحب
[JUSTIFY] أخوكم مزنوق يا جماعة، بل أحسب أنني ضحية مؤامرة شارك فيها عدد من الأطباء: ماذا تقول عن أطباء يعطونك قائمة من الأطعمة ويأمرونك بالابتعاد عنها نهائيا: الحليب ومشتقاته والبطيخ والتمر والبرتقال والطماطم والشمام والمنقة (هذا هو اسمها في أصلها الهندي، ولكننا ولسبب غير معروف نأخذ بالمسمى الإنجليزي الذي هو مانجو/مانغو).. استطيع ان امتنع عن الحليب والأجبان مدى الحياة دون إحساس بالفقد او الندم ولكن التمر؟ يفتح الله!! منعي من أكل التمر هو الذي أقنعني بأن في الأمر مؤامرة، فالتمر بالنسبة لي هو أم الفواكه وقد ظللت على مدى سنوات اشتري تمور القصيم والإحساء بالسعودية بكميات تجارية وأخزنها في الثلاجة او داخل الغرف، وهناك زملاء عمل يحرصون على زيارتي في مكتبي ليس للاستمتاع بصحبتي، ولكن للاستمتاع بالتمر الذي يكون موضوعا على الطاولة أمامي.. والبطيخ؟ ورثت عن والدي حب الماء البارد والبطيخ، ومع بدء موسم البطيخ يفاجئني اختصاصي في أمراض الجهاز الهضمي بأمر منعي من أكل البطيخ! لماذا يا ابن الناس؟ قال هناك أشياء لا يقبلها جهازك الهضمي وأكلها سيسبب لك متاعب صحية! قلت له ان جهازي الهضمي أساسا «مش وش نعمة» ومن النوع الذي لا «يجيء إلا بالضرب والعنف».. يعني لا ينفع معه الآيسكريم والأكل المطرز والمنمنم الذي يباع في المطاعم والفنادق أم خمس نجوم، فكيف تحرمني من فواكه وثمرات «بلدية» ظللت أتعامل معها طوال سنوات حياتي؟ يا دكتور أنا – بدون فخر – كنت أرضع التركين من البزازة وكانت البزازة زجاجة كوكا كولا واعتقد ان الحلمة كانت تصنع من مثانة تيس! (التركين أكلة نوبية تعد من السمك المملح المجفف) هنا قال لي الطبيب: الدوام لله، ومن الواضح انك أرهقت جهازك الهضمي بالأكلات البلدية وهو يحتاج الآن إلى راحة! قلت له انك تحيل جهازي الهضمي إلى التقاعد.. ما علينا فقد خرجت من طبيب الجهاز الهضمي غاضبا وساخطا ولجأت إلى طبيب مسالك بولية، وسمعت منه كلاما أسخف من الذي قاله زميله «الهضمي».
بصراحة أنا استأهل، فقد درجت في السنوات الأخيرة على دخول الورشة الطبية لإجراء فحص عام كل 6 أشهر، وكانت النتيجة هذه المرة أن اختصاصي المسالك البولية قال انني اعاني من ارتفاع في حامض اليوريك وأن علي التوقف عن أكل اللحوم الحمراء.. قلت له: لا مانع فأنا أصلا صرت أعاف اللحم الضاني والبقري، فقال: وابتعد ايضا عن اللحم الأبيض.. هنا فقدت السيطرة على أعصابي وقلت له انني من عائلة محافظة وكلامي عن هيفا ونانسي وأليسا وروبي لا يعني أنني معجب بهن، بل بالعكس اعتبرهن على نفس درجة خطورة فيروس إنفلونزا الطيور! لم يجعلني سيادة الدكتور استمر في الدفاع عن شرفي بل قال بكل حزم: أنا أتكلم عن ضرورة توقفك عن لحوم الطيور.. هدأت وقلت: لا بأس فطيور هذا الزمان تحمل فيروسات قاتلة، وأسماك منطقة الخليج سريعة الاشتعال لأنها تعيش في بيئة ملوثة بالنفط.. هنا أضاف الطبيب: وبلاش الفول والعدس! نعم؟ تريد من سوداني ان يقاطع الفول؟ هذا حكم بالإعدام! ممكن اقاطع العدس لبعض الوقت خاصة بعدما قيل عن أنه يجعل الرجل «نُص كُم»، ولكن أتوقف عن أكل الفول؟ مستحيل.. أخونا مصطفي عبدالله محمد صالح استشاري أمراض المخ والأعصاب توصل إلى اكتشاف علمي مسجل وموثق بأن السودانيين أقل الشعوب تعرضا للصرع لأن الفول يوفر لهم الحماية ضد ذلك المرض.. وعليه إذا منعك طبيب من أكل الفول فاعلم أنه حاقد.

[/JUSTIFY]

جعفر عباس
[email]jafabbas19@gmail.com[/email]