الطاهر ساتي
هذا ليس عملا تربويا ..!!
** « الأخ الكريم / مدير عام وزارة التربية والتعليم .. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. تتشرف الطريقة ال … أن تقدم نخبة من رجال الفكر والتصوف في محاضرات بمدارسكم العامرة خدمة للإسلام والمسلمين وارتقاء بتجويد العمل الدعوي والفكري في ربوع البلاد ، وعليه نرجو كريم تفضلكم بالموافقة ..مرشد الطريقة » … هكذا الخطاب .. عفوا ، بدلا عن ختام الخطاب بالسلام أو الشكر أو جزاكم الله خيرا ، ختمه بالشعر الآتي .. : إذا فتحت أبواب خير فأقبلوا ، موائد أهل الخير خير موائد .. هكذا شكل مرشد الطريقة لمدير عام وزارة التربية والتعليم بولاية القضارف ..ثم ماذا بعد هذا .؟.. تابع ..!!
** المدير استلم الطلب ووافق عليه وفق شروط ، مكتوبة أسفل الطلب ، ثم وجه إحدى الإدارات لإبداء الرأي .. تلك الإدارة حولت الطلب لإدارة أخرى لابداء الرأي أيضا ..و…و.. ولكن قبل أن تكتمل الرؤى ، أنزلت الطريقة طلبها على أرض المدارس التالية ..المدرسة التجارية بنين ، مدرسة السلمابي بنات ، محمود شريف بنين ، عبد الرحيم طه بنات ، القديمة الثانوية بنات ، الفنية الثانوية بنات ،ابايو الثانوية بنات ، الجديدة الثانوية بنين و الملك الثانوية بنات ..تلك هى المدارس التى نصبت فيها الطريقة خيمها ونفذت برامجها ، نثرا وشعرا .. هكذا تم تنفيذ البرنامج ..ساعتان ونصف في كل مدرسة ..خيم ومحاضرون ومداحون ومريدون ودراويش وكل تفاصيل الطرق ..هكذا الحدث ، ولن استرسل في تفاصيل البرامج التي راقب بعضها النشاط الطلابي ولم يراقب البعض الاخر ..لن استرسل في التفاصيل احتراما للوائح مهنة الصحافة وقبلها تقديرا لدستور بلادنا ..!!
** نعم ، حب الناس مذاهب ، ولذلك وجب علينا أن نحترم كل شيوخ البلد وعلمائه الأفاضل ، زادهم الله علما نافعا ينفعون به الناس في الحياة ..ولكن خبراء التربية والتعليم عندما وضعوا منهجا علميا وتربويا لتلاميذ بلادي ما كان يمنعهم عن فرض فكر مذهب أو جماعة أو طريقة على عقول التلاميذ إلا حرصهم على أن ينشأ التلميذ المراهق في مناخ تربوي وتعليمي متفق عليه رسميا وشعبيا ، وفيما بعد – أي في سن الجامعة ومابعدها – يختار طوعا ما يشاء ، فكرا كان أومذهبا أوجماعة أوحزبا ..هكذا مبادئ التربية والتعليم في بلادي وكل بلاد العالمين ، وهكذا يجب أن تكون وتبقى ، حتى يحظى مستقبل الوطن بجيل يحمل في عقله من علوم الدين والدنيا ما يفيد الناس في دنياهم وآخرتهم وينهض بوطنهم الى حيث ما نأمل ونهوى .. ولتلك الغاية وضع خبراء التربية والتعليم – للنشاط الطلابي – منهجا تربويا لتربية صغارنا ..كبار المستقبل ..!!
** ولكن عندما تنصب طريقة صوفية – أو جماعة دينية أو حزب سياسي أو حركة تمرد – خيمتها في المدارس وتحاضر تلاميذها وتلميذاتها ، فالأمر يثير التوجس ، وهكذا عبرت « شروط المدير العام » في الطلب أعلاه .. ولذا ماحدث بتلك المدارس في الاسبوع الاخير من أكتوبر الفائت يعد بمثابة أمر تم خارج الأطر التربوية ومخالف لضوابطها ..ولأن الحدث مر مرور الكرام تحت سمع ونظر الوالي ووزير التربية والمجلس التشريعي ، ها هي طريقة أخرى تعد ذاتها وتتأهب لتفعل ذات الحدث ، وقد توافق الوزارة فورا أو توافق بتوجس ، ولكن الطريقة أيضا قد تنفذ كما فعلت تلك .. أي بنظرية « مافيش طريقة أحسن من طريقة » ..وكل هذا العبث لأن جهة ما غير مسؤولة بالوزارة فتحت الطريق .. وهذا خطا فادح في حق « التربية » .. !!
** إذن يا والي القضارف … : الجهة المسؤولة عن وضع البرامج التربوية لطلاب الولاية – النشاط الطلابي بالقضارف – لم تكن في خطتها السنوية نصب خيم الطرق الصوفية في المدارس .. فالنشاط برئ عما حدث ، حيث لم يأت بالطريقة وخيمها.. ولكن عبقرية بوزارة التربية والتعليم هي التي مهدت الطريق للطريقة وغرست أوتاد خيمها في المدارس .. وعليه ، بحق هؤلاء الصغار وآبائهم و بحق وطن يحلم بجيل واع ، أنت مطالب بفتح باب المساءلة والمحاسبة في الوزارة عما حدث بتلك المدارس ثم إغلاق الطريق على الطرق القادمة ..هذا ما لم تكن راضيا عن إغلاق ..« عقل جيل » … !!
إليكم – الصحافة الاحد 11/01/2009 .العدد 5581 [/ALIGN]