اللطاخة التي أعيت من يداويها
[JUSTIFY]
رجل تجاوز السبعين شكا ابنه للقضاء في محكمة مصرية في جنوب سيناء، لأن الابن لا ينفق عليه، وعند مثول الابن أمام المحكمة احتضنه الأب باكيا: يا سيدي القاضي انا رجل ميسور الحال ولا حاجة بي إلى نقود ولدي، وكل ما هناك هو أنني لم أره طوال عشر سنوات فلجأت إلى حيلة طلب نفقة منه كي يتسنى لي رؤيته.. طبعا شطب القاضي القضية وهو يهز رأسه، ليس فقط استنكارا لمسلك الابن الشائن الذي قاطع أباه الكهل. ولو كنت قاضيا لما ترددت في البصق على وجه ذلك الولد العاق وخلع حذائي وضربه به على مؤخرته أمام الجمهور، حتى لو كلفني ذلك وظيفتي! وإليكم حكاية السيدة الألمانية ماريا برنر التي تكسب قوت أسرتها بالعمل في مجال النظافة، يعني تكنس دورات المياه وتمسح البلاط، ثم تعود إلى البيت لتعد طعام الزوج والعيال الثلاثة، ثم تنظف البيت وتغسل الملابس وتكويها.. زوجها عاطل لا يعمل، ليس لعدم وجود فرص عمل بل لأنه من النوع المتيم بنانسي عجرم (النسخة الألمانية) ويظل يواصل الليل بالنهار يحملق في شاشة التلفزيون.. والإنسان الذي يوصف بالعاميتين السودانية والمصرية بـ«اللطخ»، وهو البارد عديم الهمة والإحساس، ولم يكن برنر يكتفي بالعيش أوانطة على حساب زوجته بل كان يقود سيارتها للذهاب إلى الحانة لشرب البيرة ليزداد لطاخة،.. وذات مرة أوقف سيارة زوجته «في الممنوع»، ففرضت عليه الشرطة غرامة تقدر بنحو 70 دولارا.. وطبعا في ألمانيا لا تستطيع ان تلغي الغرامة لأنك ولد فلان، أو لأن وظيفتك خطيرة، ولا جدوى من البكاء أمام الشرطة «أنا غلبان».. حتدفع الغرامة يعني حتدفع! وتفاديا للنقنقة قام الرجل بالتكتم على أمر الغرامة، فظلت تتضاعف قيمتها حتى بلغت قرابة 4000 دولار بمرور الزمان، ولأن السيارة مسجلة باسم الزوجة ماريا فقد ظلت الشرطة تلاحقها وتطالبها بسداد الغرامة التراكمية، ولكنها صاحت: علي بالطلاق لن أدفع لا باليورو ولا بالدولار الصومالي، قالوا لها: يا بنت الناس الحكومة لن تتنازل عن حقها، وستذهبين إلى السجن إذا لم تدفعي الغرامة، ففاجأت ماريا الشرطة بقولها: السجن أحب إلي من الجلوس مع هذا الزوج الخرنق اللطخ البارد التنبل.. وهكذا أتت الشرطة لاقتيادها إلى السجن فخرجت إليهم في أجمل مظهر، هاشة باشة، وخرج الجيران يستطلعون امر جارتهم الطيبة التي داهمت الشرطة بيتها فإذا بها تلوح لهم بيديها رافعة علامة النصر كما ظل القادة العرب يفعلون على مدى نصف قرن وهم يعدوننا بنصر وهمي! المهم، صاحت ماريا في جيرانها: باركوا لي، عقبال عندكم.. رايحة السجن 3 أشهر.. لا غسيل، لا طبخ، لا بطيخ.. وجبات منتظمة وراحة متواصلة.. أقسى شيء على المرأة ليس أن يكون زوجها فظا او جلفا او عاطلا بل أن يكون ميت القلب لا يحس بالمسؤولية، ومن النوع الذي إذا بكى أحد عياله الصغار ليلا صاح في زوجته: سكِّتي هذا العجل، وإذا لم يسكت العجل حمل مخدته ونام خارج الحظيرة التي ينام فيها العجل والبقرة (التي هي زوجته.. فأمثال هذا الزوج يحسبون زوجاتهم مواشي وبهائم لا تتعب من السهر والمهام المنزلية) أو أن يكون أنانيا أولوياته متعه الشخصية على حساب بقية أفراد العائلة،…ويبدو ان فرحة ماريا بالسجن لن تطول، فقد بدأ زوجها في بيع بعض أثاث البيت لسداد الغرامة لإخراجها من السجن، لأن مستوى الخدمات تدهور بعد غيابها عن البيت! وبالتأكيد فإن المثل المصري القائل ظل راجل ولا ظل حيطة، ليس صحيحا على الدوام لأن ظل حيطة مائلة في حي عشوائي، أفضل ألف مرة من رجل كهذا.. وكلب الحراسة أكثر وفاء من ذلك الابن الذي اضطلار أبوه إلى اللجوء إلى القضاء لرؤيته
[/JUSTIFY]
جعفر عباس
[email]jafabbas19@gmail.com[/email]