التقيل ورا
العلاقات السودانية / الجنوب سودانية تعيش هذه الايام فترة نقاهة طبية ينطبق عليها غناء عبد الوهاب الصادق رد الله صوته (ما احلى التصافي من بعد التجافي ) و( لنغض الطرف عن احداث ام روابة وابو كرشولة مؤقتا فالوقت فيها للخبر وليس للتحليل ) لقد انتهت فترة حراق الروح التي اعقبت الطلاق على قول عبد الله دينق نيال، فالبترول سرى في الانبوب وغداً سوف تتدفق الدولارات في خزائن البلدين الخاوية (الله يستر ما تمشي الجيوب )، انفتحت المعابر في المناطق منزوعة السلاح واحكمت الاتفاقات الأمنية بقوات المراقبة المشتركة على النسق التشادي / السوداني ولم يبق الا ترسيم الحدود وهذه مسألة فنية قد تطول ولكن شوكة الحوت هي مسألة ابيي . إن الاستراتيجية المتفق عليها ولو بصورة غير معلنة بين البلدين وهي توسيع دائرة المتفق عليه لمحاصرة غير المتفق عليه.
إن فترة القطيعة السابقة التي وصلت مرحلة الحرب المباشرة رغم اسفنا عليها الا انها لا تخلو من الفوائد ولعل اهمها انها وضعت علاقة السودان بجنوب السودان في اطار المصالح وخرجت بها من الاطار العاطفي على شاكلة الابدية والازلية والشقيقية، تلك التي اضرت بالعلاقات المصرية / السودانية وحالت بينها وبين لغة المصلحة. نعم يمكن أن تشحن العلاقة السودانية / الجنوب سودانية بطاقة من العاطفة لكن شريطة أن تكون تلك الطاقة بنية فوقية لبنية تحتية وهي المصلحة اي لغة الاقتصاد ولا شيء غير الاقتصاد، امسك لي واقطع ليك، نأكل اخوان ونتحاسب تجار وليس فيها بعدين , غشاني يا عمدة,, اكل فلوسي,,, وانا عاوز فلوسي.
من المؤكد أن شهر العسل الحالي لن يستمر الى ما لا نهاية، فطالما أن لغة المصالح هي التي تتحدث لابد من أن تظهر التعارضات التي يمكن التغلب عليها بذات لغة المصلحة وسوف تظهر التوترات ليس حول ابيي القضية والحدود وتلك القضايا المؤجلة بل تعارضات من نوع جديد ففي الأفق الآن مسألة مياه النيل فدولة جنوب السودان بالنسبة لها هذه القضية ليست اولوية الآن لكن من المؤكد انها حتمية و (قاعدة ومنتظرة) فمن ناحية سياسية مطلوب منها أن توضح موقفها من اطارية عنتبي التي وقعت عليها كل دول الحوض ما عدا مصر والسودان فلو انضافت دولة الجنوب لدول الحوض وهذا هو المرجح الآن سوف تعطيها اغلبية الثلثين وتصبح الاتفاقية سارية المفعول رغم انف مصر والسودان.
اما فيما يختص بالعلاقة المائية المباشرة بين دولتي السودان فسوف تكون هناك اشكالات دون شك، نعم من حيث الزراعة والرعي دولة الجنوب لديها فائض لا بل اي محاولة استصلاح زراعي كتجفيف مستنقعات جونقلي فإن فائض الماء سوف يزيد ولكن دولة الجنوب تريد الكهرباء من التوليد المائي الرخيص مثل بقية دول الحوض وعلى حسب الذي رشح لنا من الاخبار انها تنوي اقامة خزانين عند جوبا وآخر في واو فهنا لابد من بحيرتين للسدين ولا بد من التخزين عليه لا بد من أن تطالب دولة الجنوب بحصتها الخاصة من مياه النيل الابيض ومن الطبيعي أن تتجه بمطلبها لدولة السودان فقط، أي تأخذ نصيبها من حصة السودان وقد تدفن السفاية النيل الابيض في السودان ولن تشرب منه حتى الدويم ناهيك عن ام روابة، عليه لابد للاستعداد منذ الآن لعلاقات مائية طيبة بين البلدين. وفي تقديري انه في اطار الروح الطيبة وتحت قاعدة (لا ضرر ولا ضرار) يمكن جدا أن يتفق البلدان على تطوير الاستفادة من النيل بأكثر مما هو عليه الآن بشرط أن يتم هذا في وقت الراحات وليس وقت الأزمات.
[/JUSTIFY]
حاطب ليل- السوداني
[email] aalbony@yahoo.com[/email]