[JUSTIFY][SIZE=5]قال نبيل عمرو وزير الخارجية المصري، الذي زار الولايات المتحدة الأمريكية في الأيام القليلة الماضية : إن العلاقة بين مصر والولايات المتحدة هي علاقة زواج طويل ومستمر وليست علاقة نزوة على الفراش ليوم واحد. ونبيل عمرو هو وزير الخارجية « لما بعد إنقلاب المشير السيسي» الذي وقع في الثالث من يوليو من العام 2013م . وبما أن العلاقة بين الولايات المتحدة ومصر هي علاقة زواج، فلم يحدد وزير الخارجية المصري ما إن كانت مصر هي الزوجة والولايات المتحدة هي الزوج في هذه العلاقة من الزواج، الذي لم يعتريه أي نوع من الكدر في علاقة حميمة ممتدة وطويلة الأمد كما قال وزير الخارجية المصري .. والوزير الذي اشتهر بذلة لسانه المستمرة -كما يقول المعلقون- لم يكشف عن موقع مصر كزوج للولايات المتحدة التي لها العديد من الزوجات اللاتي يخضعن لبيت الطاعة الأمريكي منذ زمن بعيد. ولم يكشف الوزير عن من هو الزوج ومن هي الزوجة في هذه العلاقة الزوجية وإذا كانت العلاقة فعلاً هي علاقة زواج بين الطرفين، فإن ذلك ليس وليد اليوم ولا حتى في المستقبل ولكن العلاقة الزوجية بين الولايات المتحدة الأمريكية ومصر هي فعلاً علاقة قديمة، وإن لم تكن علاقة تعاون وصداقة ومصالح مشتركة فهي إذا علاقة زواج مبكر كما وصفها وزير الخارجية المصري .. ومن المعلوم أن البدايات الحقيقية لعلاقة أمريكية مصرية خاصة ومنتجة هي التي بدأت باتفاق كامبديفد بين مصر وإسرائيل على أيام الرئيس محمد أنور السادات … قد أخضع الرئيس حسني مبارك مصر لهذه العلاقة بشكل دخلت فيه أرض الكنانة بيت الطاعة للولايات المتحدة الأمريكية « طيلة سنوات حكمه التي بلغت 33 عاماً» وكاد هذا الرباط أن ينفصم بسبب قيام ثورة 25 يناير 2011م ولكن الانقلاب العسكري بقيادة السيسي عمل على إعادتها إلى وضعها الذي كانت عليه على أيام الرئيس حسني مبارك لتكون مصر هي الطرف المطيع في علاقة زواج أريد له أن يكون كاثوليكيا منذ بدايته، وممتداً وله وشائج وكان مهر هذا الزواج هو حفظ أمن تل أبيب ومد الكيان الصهيوني بالغاز الطبيعي الرخيص والمدعوم من الخزانة المصرية، ومدها بمياه النيل في مرحلة لاحقة عبر صحراء النقب. وفي المقابل تغدق الولايات المتحدة على النخبة الحاكمة في مصر الأموال الطائلة والامتيازات التي تجعل منها طبقة أرستقراطية داخل مصر وهي طبقة ضباط الجيش والقضاة والإعلاميين المرفهين على الآخر وعلى حساب الغالبية الساحقة من شعب مصر . وما ميز ثورة 25 يناير أنها كانت تصحيح لكثير من الأوضاع، بحيث يكون أمن إسرائيل جزءاً من أمن المنطقة ككل، وتوضع كل الأموال في الخزينة العامة، ويتم الصرف منها على الخدمات والأمن والدفاع وفقاً لميزانية حكومية معلومة … وهذه الترتيبات وضعتها حكومة الأخوان الإرهابية والتي إنقلب عليها وزير دفاعها المشير السيسي انتقاماً لحالة الفصل التي أحدثتها ثورة يناير في نجوى الحبيب إلى حبيبه والزوج إلى زوجه أو زوجته لا فرق … فهذه الثورة هي الفصام النكد بين الزوجين ولم تكن الولايات المتحدة تريد منذ البداية قيام ثورة في مصر على حليفها الإسترتيجي وربيب هذا الزواج حسني مبارك، وهذا ما تؤكده تصريحات وزيرة الخارجية الأمريكية في أيام الثورة بقولها : إن نظام مبارك مستقر ولكنه يجب أن يجري إصلاحات . وما فعله ثوار 25 يناير « وعلى رأسهم جماعة الأخوان المسلمين» أنهم لم يقبلوا بغير إسقاط النظام ولم يتجاوبوا مع الخطة الأمريكية الإصلاحية، التي لجأ لها مبارك قبل سقوطه بأيام، وما عرف بمشاورات اللواء عمر سليمان مدير المخابرات المصري ونائب رئيس الجمهورية مع الأحزاب المصرية، ومِن مَن إلتقاهم اللواء عمر سليمان الأخوان المسلمين ضمن لقاءاته بالأحزاب والقوى السياسية المصرية وهذا اعتراف أمريكي بجماعة الأخوان المسلمين، واعتراف من قبل مبارك وحكومته بهذه الجماعة التي كانوا يطلقون عليها اسم المحظورة، ولكن لإدراكهم أن الجماعة لها قدرة غير محدوده في تحريك الشارع المصري، لجأوا للتفاوض والحوار معها وانتظروا حتى تفوز بالانتخابات كما حدث مع حركة حماس في فلسطين، وفي اللحظة المناسبة كان انقضاض السيسي على الأخوان وعلى النظام الديمقراطي في مصر، تحت سمع الولايات المتحدة الأمريكية ومباركتها للأمر. وعمر سليمان الذي أسكته الموت قضى في الولايات المتحدة الأمريكية في ظروف غامضة، وهو الذي تلا للمصريين ذلك الإعلان الشهير، الذي كان مضمونه أن الرئيس محمد حسني مبارك قد أعلن عن تخليه عن منصبه كرئيس للجمهورية، وكلف المجلس الأعلى للقوات المسلحة بإدارة شؤون البلاد، وهو أمر محير في منطق الثورات والتغيير الذي يتم على أساس ثوري، فهل كان ذلك كله في سبيل إعداد المسرح الجديد في مصر للمشير عبد الفتاح السيسي؟ . الأمر الذي ربما كان مفهوماً لثوار 25 يناير في مصر أو غير مفهوم « وعلى رأس هؤلاء جماعة الأخوان المسلمين »، حقيقة كون الولايات المتحدة الأمريكية لا يمكن أن تسمح بإقامة نظام ديمقراطي في مصر فكما قال نعوم تشومسكي: إن الغرب لم يكن يوماً يريد تطبيق الديمقراطية في العالم العربي، ويقول هذا الكاتب والمفكر الأمريكي الجنسية في إحدى الندوات: الولايات المتحدة ستعمل ما في وسعها لمنع ديمقراطية حقيقية في العالم العربي، والسبب واضح للغاية وهو أن الغالبية العظمى من شعوب المنطقة، تعتبر الولايات المتحدة مصدراً أساسياً لتهديد مصالحهم. بل إن الغالبية معارضة لسياسة أمريكا الخارجية. وهناك أسئلة لابد أن تفرض نفسها عن هذا الزواج المستمر وهذه العلاقة الإستراتيجية بين الولايات المتحدة ومصر. ألم يكن من حصدتهم الأسلحة في ميدان رابعة العدوية والنهضة هم من ثمرة هذا الزواج، فكيف لمن اختاروا معاً أن يكونوا «أماً وأباً » علاقة زواج قتل بعض أولادهم وإحياء البعض الآخر؟ هل هذا من فرط حب الأبوين للأحياء من أولادهم وبغضهم للأموات وهذا يخالف طبيعة الأشياء؟ . ولكن من الواضح أن علاقة الزواج التي تربط مصر والولايات المتحدة هي علاقة بين طرفين هذان الطرفان ليسا بحال من الأحوال هما «الشعبان الأمريكي والمصري» وهذان الطرفان هما جهاز المخابرات الأمريكي، الذي أعد هذه العلاقة ورعاها منذ زمن بعيد، وقائد الانقلاب العسكري في مصر الذي نفذ السيناريو على أرض الواقع، لكي يحقق ما تعتقده الولايات المتحدة الأمريكية إصلاحات سياسية في نظام مبارك، وإنهاء العملية الديمقراطية التي تتعارض مخرجاتها مع المصالح الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط والعالم العربي وأمن إسرائيل .
صحيفة الإنتباهة
ع.ش[/SIZE][/JUSTIFY]