جعفر عباس

يا وزارة حوشي الوحوش

يا وزارة حوشي الوحوش
[JUSTIFY] خلال الأسبوع الأول من شهر مايو الجاري، قرأت في صحيفة سودانية حكاية معلم اللغة العربية في إحدى مدارس الأساس (وهي سكلانس ما بين الابتدائية والمتوسطة)، دخل على تلاميذه وطرح عليهم أسئلة حول قواعد اللغة العربية والإعراب، ولم يجد تلميذا يملك إجابة صحيحة، فانفعل وقذف الكتاب بقوة في اتجاه التلاميذ بأسلوب «مطرح ما يسري يهري»، وبالفعل صار أحد التلاميذ مفعولا به، بعدما اصطدم الكتاب بعينة فنزفت دما قانيا وتم نقله الى المستشفى ولم يفلح العطار ما أفسده الكتاب البتار، وفقد التلميذ تلك العين، إذ صار بعين واحدة ومن حقه إذا سأله ذلك «المربي» عن الفاعل في جملة ما على السبورة أن يقول له: ما شايف غير الفعل.. قال والد الطفل المجني عليه إنه لا المدرس الجاني ولا مدير المدرسة كلفا نفسيهما عناء السؤال عن حال تلميذ انتقل من المدرسة الى المستشفى، ولم يسألا عنه قط، وبداهة فإن هذا الصنف من البشر لا يعرف شيئا عن فضيلة الاعتذار.
تذكرت فعلة معلمة سودانية قبل نحو سبعة أشهر عندما ضربت تلميذا أكثر من خمسين مرة بخرطوم مياه صلاحيته منتهية (أي متخشب ومتصلب من فرط التعرض لأشعة الشمس) وكسرت بعض أضلاعه وأصابعه، وجعلته يلزم السرير عدة أسابيع، ومن باب مسح الملح على الجرح قال مدير المدرسة عن الحادث إن «عيال هذا الزمان أجسامهم كحيانة»، وكتبت مقالا أقترح فيه أن أضربه خمس مرات فقط (وليس خمسين مرة) ليثبت لي أن جسمه ستينليس ستيل، وبعدها سأقنع أسرة التلميذ الضحية بسحب الدعوى التي كانت قد قررت رفعها إلى مجلس الأمن (لأن الشكوى لوزارة التربية مذلة).
أعود إلى مدرس اللغة العربية الذي فقأ عين الصبي وأقول له إن عجز كل التلاميذ عن الإجابة عن أسئلته دليل على أنه مدرس فاشل، والحادث الذي ارتكبه دليل على أنه فاشل أيضا كابن آدم.. وحتى لو كان مثل هذا الشخص عربجيا يعتاش من عربة كارو فمن المؤكد أنه كان سيموت جوعا لأنه كان سيقتل الحمار او الحصان الذي يجر عربته في يومه الأول في المهنة.
في مصر قتل مدرس تلميذا اسمه عمرو ضربا بالشلوت، وفي الجزائر قضمت معلمة أذن تلميذ، وفي السعودية تم إنهاء خدمات مدرس تم استقدامه من دولة عربية بعد أن وعد الطلاب بمنحهم درجات «بونص» إذا باسوا رجله النتنة.. هذه الفئة من البشر لا تؤتمن حتى على الحيوانات البرية في الغابات الاستوائية ولكن العتب على وزارات التربية التي تسند مهام التعليم الى بعض فاقدي التربية ثم لا تعاقبهم على نحو رادع عندما يثبت أنهم وحوش، ولا أعرف لماذا تذكرت هنا ما قاله الشاعر المصري احمد فؤاد نجم عندما عضّ كلب المطربة الراحلة ام كلثوم شابا اسمه إسماعيل، فتعاملت الشرطة مع اسماعيل على أنه المجرم الجاني: هيص يا كلب الست هيص/ لك مقامك في البوليس/ بكرة تتألف وزارة وللكلاب ياخدوك رئيس.
[/JUSTIFY]

جعفر عباس
[email]jafabbas19@gmail.com[/email]