الطاهر ساتي

قانون جديد


/

قانون جديد
** قانون الإستثمار الجديد، المحتفى به حالياً، يُعد الخامس في الترتيب خلال العقد والنصف الأخير..فالعقول النيرة في بلادنا تأبى إلا أن تجود للمستثمرين بمعدل قانون جديد كل ثلاث سنوات.. والمدهش في قوانين الإستثمار هو أن كل قانون يحتفظ بصفة الجديد حتى لحظة الإلغاء، ثم يصبح قديماً بعد إجازة ( قانون جديد)وهذا يعني أن فترة الثلاث سنوات غير كافية بحيث تنطق الألسن إسم قانون الإستثمار بلا صفة الجديد، ولذلك نقترح لمجلس الوزاراء والبرلمان مد فترة سريان قانون الإستثمار الحالي إلى خمس سنوات، عسى ولعل تكون كافية لنطق إسم القانون بلا صفة (الجديد).. وبعد ذلك، ليس هناك ما يمنع الإلغاء ثم إجازة (قانون جديد)..!!

** ولأن التطوير والتحديث والمواكبة من طبيعة الأشياء، فان إلغاء أي قانون قديم وإستبداله بقانون جديد يعنى أن هناك تطوير وتحديث ومواكبة..ولكن للأسف، قوانين الإستثمار – التي يتم إلغائها وإستبدالها بأخرى كل ثلاث سنوات سنوات – مخالفة لطبيعة الأشياء، إذ نصوصها كما أصنام الجاهلية لاتحرك ساكناً في دنيا الإستثمار ولاتحدث تطويراً ولا تحل الأزمات..على سبيل المثال، ما يحدث بجزيرة مكوار – المسماة إعلامياً بمقرسم – نموذجاً..فالجزيرة في المياه الإقليمية، على بعد (18 كيلومتر من ساحل محلية جبيت المعادل)، وهي من المناطق المسماة بالحرة .. والمناطق الحرة، حسب قانونها، تدار مركزياً.. ولذلك، تقدم المستثمر السعودي احمد الحسيني لوزارة الإستثمار بطلب الإستثمار في تلك الجزيرة بتاريخ ( يونيو 2004).. وافق مجلس الوزراء على طلبه بعد تحويل الجزيرة إلى منطقة حرة بتاريخ (أكتوبر 2012)، أي بعد ثمانية أعوام من اللت والعجن في وزارة الإستثمار .. !!

** وما يلي ملخص نص قرار مجلس الوزراء : ( رقم القرار 342، لسنة 2012، تحويل مشروع قلب العالم إلى منطقة حرة .. (1)، يحول مشروع قلب العالم بجزيرة مكوار إلى منطقة حرة بمساحة (43.5 كلم مربع).. (2)، على وزارة شؤون رئاسة الجمهورية والجهاز القومي للإستثمار وحكومة ولاية البحر الأحمر والجهات المعنية الأخرى إتخاذ إجراءات تنفيذ هذا القرار)..بعد هذا القرار، إستلم المستثمر السعودي أرض الجزيرة وإلتزم بكل قوانين ولوائح الإستثمار ورسومها.. ثم شرع في تنفيذ المشروع المقدر تكلفته ب (11 مليار دولار)، وعلى ثلاث مراحل، بحيث تكتمل المرحلة الأخيرة خلال (15 سنة)..وربما لضخامة حجم المشروع، وضع رئيس الجمهورية حجر أساس المشروع بحضور أعضاء مجلس الوزراء و حكومة البحر الأحمر، وكذلك معتمد محلية جبيت المعادن (شخصياً)..وإحتفلوا في قلب الجزيرة و(رقصوا)، ثم غادروها على وعد اللقاء عند إفتتاح المرحلة الأولى خلال ( خمس سنوات) ..!!

** وجاء المستثمر السعودي بعدته وعتاده وكوادره الهندسية والفنية، لتشييد المباني الإدارية للمشروع.. وهنا، حدث ما لم يكن في حسبان قانون الإستثمار ولوائح المناطق الحرة..معتمد جبيت المعادن، إما أصالة عن نفسه أو إنابة عن والي البحر الأحمر، يرفض أن يتواصل العمل في المشروع بتبرير مفاده ( تعالوا عن طريق الولاية).. قالها هكذا رغم أنه كان من الحاضرين لحفل حجر الأساس بجانب والي الولاية، ولم يقل يوم الحفل قولاً كهذا.. ليس هذا فحسب، بل يوم حفل وضع حجر الأساس، سلم المعتمد للوالي مذكرة بها مطالب أهل المنطقة ليسلمها للدكتور مصطفى اسماعيل، وهذا سلمها للمستثمر السعودي الذي وافق على تنفيذ (كل المطالب)..!!

** ومن المطالب، تشغيل عمالة محلية، وقد تم التنفيذ باستيعاب ( 39 عامل من شباب المنطقة) لتشتييد تلك المباني الإدارية.. وكذلك تم إيجار كل مراكب أهل المنطقة لنقل مواد البناء..ولايزال السعودي ينتظر المعتمد ليسلمه قطعة الأرض التي يجب أن يشيد عليها معهد تدريب مهني يستوعب شباب المنطقة..المهم، وافق السعودي على كل مطالب المذكرة و شرع في تنفيذها..ومع ذلك، للمعتمد رأي آخر يعطل المشروع بتبرير( تعالوا عن طريق الولاية)، قالها هكذا، وهذا ما لم يقله قانون ( الإستثمار في المناطق الحرة ).. للأسف، يوم السبت الفائت، خرج المستثمر وكوادره وعماله من الجزيرة عندما خاطبهم مندوب المعتمد بالنص ( نحن ما مسؤولين من البيحصل ليكم)..!!

** وعليه، ما لم يتدخل والي البحر الأحمر لصالح المشروع ومصالح أهل المنطقة، فالحل يكمن في إستبدال القانون الحالي غير المعترف به من قبل المعتمد بآخر يشمل نص (تعالوا عن طريق الولاية)..نعم، معتمد جبيت المعادن أقوى من (القانون الجديد)، والذي ينص على مركزية إدارة المناطق الحرة، ولذا وجب إستبداله بآخر ( جديد لنج)، بحيث يكون موازياً لقوة المعتمد .. وهكذا يتواصل حال المؤسسية وأجهزتها وقوانينها بالسودان، ومع ذلك لايزال البعض الغافل يتخذ الصومال نموذجاً للفوضى ..!!

إليكم – السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]