عبد اللطيف البوني

الطاولة الضيقة

[JUSTIFY]
الطاولة الضيقة

(1 )
التخوف من الدبلوماسية الرئاسية أمر مشروع لأنه إذا حدث أي سوء تفاهم نتيجة نقص في معلومة أو طرأ أمر لم يتم علاجه سوف ينعكس ذلك سلبا على العلاقة بين البلدين لذلك يرى أصحاب هذا الرأي أنه يجب أن يعد للقاء الرؤساء إعدادا جيدا وذلك بإبعاد الملفات التي تم الاتفاق عليها في مرحلة ما قبل الرئاسة ثم إبعاد الملفات التي يمكن مناقشتها والاتفاق حولها في اللجان الوزارية ثالثا إبعاد الملفات التي تحتاج لزمن ولا يمكن معالجتها في القمة الرئاسية . وأخيرا تحديد الملفات التي يمكن للقاء الرئيسين أن يعالجها تحديدا دقيقا فبهذه المعايير تصبح الدبلوماسية الرئاسية محفوفة بكثير من المخاطر.
(2 )
استنادا على ما تقدم أعلاه كان البعض يرى أن القمة الرئاسية بين البشير وكير في أديس أببا على هامش مؤتمر القمة الافريقي المنعقد حاليا سوف تكون خصما على العلاقة بين البلدين لأسباب موضوعية وإجرائية وفي هذه الأخيرة يدخل أن القمة جاءت على هامش مؤتمر آخر أي الرئيسان لم يحضرا خصيصا للقاء بينهما وبالتالي الإعداد لهذه القمة لن يكون محكما لأنها عرضية (كاشوال) من ناحية موضوعية العلاقة بين البلدين بعد مصفوفة مارس كانت في أسوأ حالاتها فدولة الجنوب كانت تسعى لاستغلال مقتل سلطان دينكا نقوك كوال دينق لإرغام السودان على قبول مقترح امبيكي حول أبيي الذي رفضه السودان مرارا وتكرارا وبالمقابل كانت حكومة السودان ناقمة على حكومة الجنوب متهمة إياها بدعم الجبهة الثورية في احتلالها لأبو كرشولة وهجومها على أم روابة والله كريم.
(3 )
ومع كل الذي تقدم جاءت القمة في مساء الجمعة 24 مايو وعلى حسب صحيفة السوداني التي تميزت بتغطيتها الأوسع للقمة أن الوضوح كان طابع القمة وأن كل الملفات الشائكة (أبيي ودعم الجبهة الثورية ) وغير ذات الشوك (البترول وتجارة الحدود ) قد طرحت على طاولة التفاوض وبعد كل هذا لم يرشح ما يشي بأن القمة كانت وبالا على الوضع شبه المتأزم بين البلدين بل على العكس يبدو أن روحا إيجابية قد سادت القمة وأن هناك إصرارا على السير بالمصفوفة (عافي منك يابترول الجن) وأن الشكاوى المتبادلة قد أحيلت الى آلية فصل النزاعات بين البلدين كما تقتضي المصفوفة.
(4 )
يبدو أن الأمور على طاولة التفاوض كانت (كلها تمام ) ولكن المؤكد أن كل الفاعلين لم يكونوا على تلك الطاولة فأولاد أبيي والمسيرية لم يكونوا حول طاولة أديس كما أن الداعمين للمعارضة المسلحة في البلدين خاصة الجبهة الثورية لم يكونوا كذلك حول الطاولة لاسيما الأطراف الاقليمية والدولية عليه لن نبعد النجعة كثيرا إذا قلنا إن القمة قد أبقت الأمور على ماهي عليه وربما لفترة قد تطول.
(5 )
الإبقاء على الوضع الحالي بين البلدين يعتبر مكسبا للسلام بينهما فهو مثل التعادل الإيجابي في أرض الفريق الخصم بلغة كرة القدم لأنه يعني عدم العودة للقطيعة الشاملة ولأنه يستبعد حربا بين البلدين ولأنه يفتح بابا للأمل أن الأمور يمكن تتجه نحو التهدئة ولكن حالة الدغمسة لن تنتهي والأسوأ قد يحدث لأنه كم من فريق تعادل إيجابيا في أرض خصمه ولكنه انهزم في إستاده ووسط جمهوره.
[/JUSTIFY]

حاطب ليل- السوداني
[email] aalbony@yahoo.com[/email]