قمة الدوحة .. أطويل طريقنا أم يطول؟!
انفضت قمة الدوحة كما ترجو الحكومة وتأمل، فقد حددت منذ اليوم الاول الهدف وصوبت نحوه، وذلك حين أعلنت انها ترمي الى حشد الدعم العربي الى فريقها اللاعب ضد المحكمة الجنائية الدولية، وافصح عن الهدف بجلاء علي عثمان محمد طه نائب رئيس الجمهورية حين قال ان الحكومة ستسعى لـ «توسيع دائرة التفهم لموقف السودان والمساندة له من خلال حملة مرتبة ومدروسة لمواجهة الضغوط الدولية غير المبررة». فقد أفاد البيان الختامي للقمة بأن القادة العرب يؤكدون تضامنهم مع السودان ورفضهم للاجراء الذي اتخذته المحكمة الجنائية الدولية ضده.
والحكومة هي الرابح الاول من القمة بلا ريب، الا ان معرفة حجم الربح تقتضي ان نطلع على قدرة الموقف العربي في التأثير على المشهد العالمي ، وان نرى مقدار ما تحقق في قدرته على انجاز الهدف النهائي المعلن «فضح المحكمة الجنائية الدولية والغاء وجودها تماما» كما اعلن الاسبوع الماضي مستشار الرئيس مصطفى عثمان.
مدير مركز الدراسات السودانية الدكتور حيدر ابراهيم على يرى ان الدول العربية برأت ذمتها باعلان تأييدها للخرطوم، مشيرا الى انه تأييد لفظي لأن القمم العربية تتوقف عند المساندة والشجب والادانة وتنقصها المواقف العملية وما اعلنته لن يظهر في خطوات عملية ويضيف «هذا ايضا مشكورون عليه لانهم لم يتعودوا ان يقفوا مواقف قوية»، وفي ذات الاتجاه يذهب البروفيسور صلاح الدين الدومة ويقول لي عبر الهاتف امس ان موقف العرب لا يقدم ولا يؤخر «فقط فيه دفع معنوي لحكومة السودان» مؤكدا ان هذه كلها «ذوبعة في فنجان» ، الا ان مدير مركز السودان للبحوث والدراسات الاستراتيجية الدكتور خالد حسين يحصي خمس نتائج عملية للقمة العربية، ويتوقف بين يدي احصاءاته عند النتائج الاخرى التي تحققت بمشاركة الرئيس البشير في القمة العربية قائلا ان وصول البشير الى الدوحة اعطى القمة زخما مضاعفا وهذه انعكست بصورة ايجابية على الجو النفسي للرؤساء والملوك العرب واتجاههم لعقد المصالحات، واعطى مؤشرات لهم ان التهديدات المتتالية يجب ان لا يلقى لها بال وكل تهديدات الدول العظمى يمكن التصدي لها، مؤكدا ان مشاركة الرئيس جعلت القرار الصادر من القمة قرارا تاريخيا برفض المذكرة جملة وتفصيلا، واثر على جو المصالحات، منبها الى ان عدد الحضور من الرؤساء زاد بعد مجيء البشير.
ويمضي بعدها الدكتور خالد الى احصاء النتائج العملية،ويقول في حديثه لـ الصحافة عبر الهاتف امس ، اولها: حصول السودان على دعم بمبلغ 96 مليون دولار لتعويض الفجوة التي قد تحدث من خروج المنظمات من دارفور، ثانيها: يستطيع الرئيس ان يتحرك في كل الدول العربية بلا استثناء، ثالثها: قد تنسحب اثنتين من الدول العربية الثلاث الموقعة على ميثاق روما «جيبوتي وجزر القمر» ، ورابعها: انعكاس الموقف العربي على الموقف المصري، فحينما تشاهد كل الدول العربية مجمعة حول القضايا العربية والسودان، لن تتنازل مصرعن السقف العالي الذي وضع في القمة لدعم السودان «وهنا يتوقع ان تتم المصالحة بين قطر ومصر» ، خامسها: ان الموقف العربي يدخل الجنائية غرفة الانعاش ويجعلها تحتضر تماما.
ولكن البروفيسور الدومة يضيف الاتحاد الافريقي الى دائرة عدم التأثير مشيرا الى ان الموقف الافريقي ايضا مع السودان ولكنه ايضا لا يقدم ولا يؤخر، مؤكدا ان الامر كله في مجلس الامن الذي هو بيد امريكا وبريطانيا وفرنسا «ولا سبيل للتعامل الا عن طريق الاعتراف بالمحكمة والتعامل معها»
من جهته لا يرى الدكتور حيدر اي احتمال لوجود نتائج عملية ويقول كجامعة دول عربية «لا»، ثم يستدرك «الا ان تكون مواقف فردية للدول العربية حسب قوة علاقتها ومصالحها مع السودان» مستشهدا بالقضية الفلسطينية التي ومنذ 48 لم يقفوا معها موقفا عمليا، ليعود ويقول، وهذا الموقف العربي اراه كثيرا منهم لاني لم اتوقع منهم اكثر من ذلك «فالجامعة العربية خذلت الفلسطينيين طوال اكثر من ستين عاما».
التقي محمد عثمان :الصحافة